«أوبك» تبقي مستويات الإنتاج بدون تغيير والأسعار تتفاعل وتقفز

محللون يعتبرون القرار «مخيبا للآمال».. والمنظمة تؤكد أن السوق لا تحتاج إمدادات إضافية

أعضاء منظمة «أوبك» في صورة تذكارية على هامش اجتماعهم أمس في أبوظبي (رويترز)
TT

سجلت أسعار النفط ارتفاعا أمس بعدما اتفقت منظمة «أوبك» على ابقاء مستويات الانتاج بدون تغيير في اجتماعها الذي عقد في أبوظبي وذلك رغم مطالبة الدول المستهلكة بضخ مزيد من الخام لكبح جماح الاسعار التي تقترب الان من 90 دولارا للبرميل.

وصعد سعر الخام الأميركي 1.49 دولار الى 89.81 دولار للبرميل الساعة 1312 بتوقيت جرينتش. وتقدم مزيج برنت في لندن 1.48 دولار مسجلا 91.01 دولار للبرميل.

وكانت الدول الأعضاء في المنظمة قد اتفقت في ختام اجتماعها الاستثنائي في العاصمة الاماراتية ابوظبي امس على ابقاء صادرات النفط والبالغة نحو 31.5 مليون برميل يوميا بدون تغيير. وجاء هذا القرار المتوقع في ضوء تأكيدات لمعظم الوزراء أن السوق البترولية لا تحتاج لأية إمدادات إضافية من النفط الخام .

وقال محمد بن ظاعن الهاملي، وزير الطاقة الاماراتي والرئيس الحالي لـ«أوبك»، ان ارتفاع اسعار النفط عقب صدور القرار بعدم رفع الانتاج هو رد فعل للاسواق، مؤكدا ان الامدادات الحالية كافية. وتخشى دول «أوبك» من ان يؤدي الضعف الاقتصادي الناتج عن ازمة الرهن العقاري الاميركية وانخفاض اموال القروض الى خفض الطلب على الطاقة. وكانت آخر مرة قررت فيها «أوبك» رفع انتاجها في سبتمبر (ايلول) الماضي عندما وافقت على رفع الانتاج بمقدار نصف مليون برميل يوميا.

واعلنت المنظمة أنها ستعقد اجتماعا استثنائيا آخر في الاول من فبراير (شباط) من العام المقبل في فيينا قبل الاجتماع العادي المقرر في الخامس من مارس (آذار) 2008 حيث قال وزير النفط النيجيري أودين أجوموجوبيا ان «أوبك» اتفقت على ترك الامدادات بدون تغيير وستراجع قرارها في فبراير.

والتزمت المنظمة برؤيتها القائلة بأنها تنتج بالفعل ما يكفي من النفط لمواكبة الطلب على الوقود في فصل الشتاء بعدما اتفقت في سبتمبر (أيلول) على زيادة الانتاج.

وقال الامين العام لـ«أوبك» عبد الله البدري ان هدف الاجتماع الاستثنائي المقبل هو للاطلاع على اوضاع السوق بحلول ذلك الوقت قائلا ان وضع الاسواق في شهر يناير (كانون الثاني) المقبل «ليس واضحا» على الرغم من قرار المنظمة الابقاء على مستويات الانتاج الحالي. وقال البدري: «نريد ان تكون الاسواق في مستويات مقبولة من ناحية العرض والطلب». واضاف ان المضاربات هي التي تسيطر على السوق حاليا سيطرة تامة. وزاد البدري «نحن نعمل دائما على طمأنة الاسواق ودعم مستويات الاسعار المعقولة والمقبولة للمنتجين والمستهلكين». وقال «لا نريد اسعارا مرتفعة جدا ولا منخفضة جدا». ورأى البدري انه لا توجد اسباب تدعو لارتفاع الاسعار لأكثر من 100 دولار للبرميل قائلا انه لدى المنظمة امدادات تكفي الاسواق لـ 52 يوما. الى ذلك عبر محللون عن خيبة أملهم من قرار المنظمة بعدم تغيير مستويات الانتاج. وقال لـ«الشرق الاوسط» المحلل النفطي البارز جون هال إنه شعر بخيبة أمل بهذا القرار حيث كانت توقعات السوق تشير الى زيادة الانتاج لكبح جماح الاسعار. وقال هال إن من شأن هذا القرار ان يدفع الاسعار الى مستوى 100 دولار للبرميل، مشيرا الى ان الاسواق تعاني من نقص في الامدادات وقال «كنت آمل ان تزيد أوبك مستويات الانتاج 100 الف برميل يوميا على الاقل». وأضاف ان المنظمة زادت انتاجها 500 الف برميل في سبتمبر الماضي عندما كان سعر النفط 72 دولارا للبرميل. وقال سام بودمان وزير الطاقة الأميركي قبل اجتماع «أوبك» بيوم واحد إن على منظمة «أوبك» أن تضخ مزيدا من النفط رغم التراجع الاخير في أسعار الخام وذلك للمساعدة على تعزيز المخزونات العالمية.

وقال إن مخزونات النفط لدى البلدان الصناعية «منخفضة نوعا ما» عن متوسط خمس سنوات وأن من شأن اتفاق «أوبك» في اجتماعها الاربعاء (أمس) على زيادة انتاج النفط أن يساهم في تحسين المخزونات.

وقبيل الاجتماع قال وزير النفط السعودي علي النعيمي للصحافيين ان السعودية لا ترى ما يبرر أي تغيير في السياسة الانتاجية لمنظمة «أوبك». وأوضح النعيمي ان بلاده لا ترى ما يبرر زيادة الانتاج أو خفضه، مشيرا الى ان «أوبك» ستزود السوق بالامدادات المطلوبة وانه يتوقع أن ينمو الطلب العالمي على النفط بما بين مليون و1.1 مليون برميل يوميا عام 2008. من جانبه، قال وزير النفط الايراني غلام حسين نوذري «نرى أن هناك توازنا بين العرض والطلب ولا حاجة لزيادة امدادات النفط للسوق».

وارتفعت أسعار النفط نحو 40 في المائة منذ أغسطس (آب) الماضي مدعومة بضعف الدولار ومخاوف بشأن تراجع مخزونات الخام وعمليات مضاربة. واقتربت الاسعار من مستوى 100 دولار للبرميل لكنها تراجعت نحو 10 بالمائة منذ بلوغها ذروة 99.29 دولار التي سجلتها في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) وذلك تحت ضغط المخاوف من انزلاق الولايات المتحدة أكبر مستهلك للنفط في العالم الى الركود.

وافتتح الهاملي المؤتمر الاستثنائي للمنظمة بحضور وزراء النفط والطاقة في الدول الاعضاء بالمنظمة وعدد من وزراء النفط في الدول المنتجة من خارج «أوبك».

وأكد الهاملي في الكلمة الافتتاحية للمؤتمر أهمية انعقاد المؤتمر الوزاري في هذه الفترة وقال «ان المؤتمر يعقد في وقت تشهد فيه السوق النفطية تقلبات في اسعار النفط في ظل وفرة الامدادات في السوق حيث ان مخزون الدول الاعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي ظلت فوق المعدلات التي كانت عليها قبل خمسة اعوام».

وأكد أن الخوف من نقص الامدادات زاد في المضاربات الاجلة في السوق البترولية، كما ان ضعف الدولار وانخفاض اسعار الفائدة قد ساهم في ذلك، مضيفا ان الضغوط الجيوسياسية المستمرة ومشاكل قطاع المنبع اثرت ايضا على السوق، مؤكدا ان التقلبات الحالية في اسعار النفط التي ارتفعت الى مستويات قياسية خلال الاشهر الماضية «يشغل بال أوبك» .

وأكد رئيس «أوبك» التزام الدول الاعضاء بخلق استقرار متوازن في السوق من حيث تأمين الامدادات والاسعار المناسبة والمعقولة للمنتجين والمستهلكين على حد سواء. وزاد «اننا سنبحث في هذا المؤتمر آفاق السوق على نحو عميق لنقرر ما هي الخطوات التي يمكن اتخاذها من اجل تهدئة السوق او جعل الاسعار معتدلة عند مستويات مستدامة تعكس اساسيات السوق مسترشدين بالقضايا التي ركزت عليها قمة أوبك» الاخيرة والمرتبطة باستقرار السوق وتوفير الامدادات.

الى ذلك استبعد الهاملي تماما اللجوء الى تغيير تسعير النفط بالدولار قائلا انه اذا كان هناك اتجاه آخر فهو سيكون من اختصاص وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية للبت في هذا التغيير. واشار الهاملي الى ان الطاقة الاحتياطية لدى «أوبك» تتراوح بين 3.5 ـ 4 ملايين برميل يوميا قائلا ان مشكلة الاسواق ليست في الطاقة الاحتياطية وإنما في سيطرة المضاربين على السوق.

وأشار الوزير الهاملي إلى ان المنظمة تستثمر 150 مليار دولار لزيادة الطاقة الاحتياطية الى خمسة ملايين برميل يوميا وبعد ذلك الى تسعة ملايين برميل الا انه لم يحدد النطاق الزمني لهذه الزيادة. من ناحية أخرى شاركت الاكوادور امس للمرة الاولى في اجتماعات المنظمة بعد غيابها 15 عاما كما انضمت اليها انغولا. وقال المندوب الايراني الدائم لدى «أوبك» حسين كاظمبور اردبيلي ان «أوبك» حددت مستوى الانتاج المستهدف للاكوادور وانغولا (أحدث عضوين في المنظمة) بواقع 520 الف برميل يوميا و1.9 مليون برميل يوميا على الترتيب. وقال إن المستويات المستهدفة ستسري اعتبارا من اول يناير (كانون الثاني) الثاني المقبل. يشار إلى ان «أوبك» تضم في عضويتها كلا من: الجزائر، انغولا، الاكوادور، اندونيسيا، ايران، العراق، الكويت، ليبيا، نيجيريا، قطر، السعودية، الامارات، وفنزويلا.

من جانب آخر، قالت ادارة معلومات الطاقة الأميركية أمس ان مخزونات الولايات المتحدة من النفط الخام هبطت اكثر كثيرا مما كان متوقعا الاسبوع الماضي مع تراجع الواردات. وكان هذا ثالث هبوط اسبوعي لها على التوالي.

واظهرت بيانات الادارة ان مخزونات الولايات المتحدة من الخام هوت ثمانية ملايين برميل الى 305.2 مليون برميل في الاسبوع المنتهي في 30 من نوفمبر (تشرين الثاني) مخالفة متوسط تنبؤات المحللين في استطلاع لرويترز بهبوط قدره 800 الف برميل.