السعودية ترصد 410 مليارات ريال كأعلى ميزانية في تاريخها

خادم الحرمين: راعينا في هذه الميزانية مواصلة توجيه الموارد للإنفاق على الجوانب التي تعزز التنمية المستدامة * توجيه 25% من الميزانية لتنمية القوى البشرية ورفع كفاءتها

خادم الحرمين الشريفين والأمير سلطان في صورة تذكارية مع كبار مسؤولي وزارة المالية (واس)
TT

أقر مجلس الوزراء السعودي أمس في جلسته التي ترأسها خادم الحرمين الشريفين، الملك عبد الله بن عبد العزيز في قصر اليمامة في مدينة الرياض، الميزانية العامة للدولة للعام المالي الجديد 28 ـ 1429هـ (2008).

وقال إياد مدني وزير الثقافة والإعلام لوكالة الأنباء السعودية عقب الجلسة «إن المجلس تدارس بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين ـ في هذه الجلسة التي بدأت بآيات من القرآن الكريم الميزانية العامة للدولة للسنة المالية 1428 ـ 1429هـ وأقرها.

وبهذه المناسبة ألقى خادم الحرمين الشريفين كلمة وجهها للمواطنين فيما يلي نصها: «بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، إخواننا المواطنين.. أخواتنا المواطنات. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بحمد الله وتوفيقه، يسرنا أن نعلن ميزانية العام المالي الجديد 1428ـ 1429 التي يبلغ حجمها 410 آلاف مليون ريال (109.3 مليار دولار)، وهي الميزانية الأعلى للمملكة، وتزيد عن ميزانية العام المالي الحالي بمبلغ 30 ألف مليون ريال. لقد راعينا في هذه الميزانية المباركة ـ بإذن الله ـ مواصلة توجيه الموارد التي حباها الله لوطننا الغالي للإنفاق على الجوانب التي تعزز التنمية المستدامة وتحافظ على ما تم إنجازه وذلك في إطار السياسات والأهداف التي تضمنتها خطة التنمية الثامنة، وبما يتفق مع الأولويات التي قررها المجلس الاقتصادي الأعلى، وبشكلٍ يحقق التنمية المتوازنة.

فامتداد لما تم في الأعوام المالية الأخيرة حظي قطاع تنمية القوى البشرية ورفع كفاءتها في مجالاتها المتعددة التي تشمل: التعليم العالي والعام والتدريب وبالأخص في مجالات العلوم والتقنية، والمعلوماتية، ودعم البحث العلمي، والتطوير التقني بأكثر من ربع اعتمادات الميزانية الجديدة؛ ومن أبرز ما تم في هذا القطاع المشروع الذي وجهنا باعتماده لتأهيل المعلمين، وتطوير المناهج، وتحسين البيئة التعليمية، بالإضافة إلى الجامعات، ومعاهد ومراكز التدريب التقني والمهني التي راعينا فيها التوزيع المتوازن؛ وذلك للرقي بمستوى أداء أبنائنا وبناتنا وتهيئتهم لمواصلة مسيرة النهوض بوطننا المعطاء. واستكمالا لمشروعات البنية الأساسية في هذا القطاع بلغت التكاليف الإجمالية الجديدة لتنفيذها ما يقارب 39 ألف مليون ريال شملت مباني المدارس والجامعات ومعاهد ومراكز التدريب.

وفي قطاع الصحة والتنمية الاجتماعية تم تخصيص ما يقارب 44 ألفا و500 مليون ريال للإنفاق على هذا القطاع بهدف رفع مستويات الرعاية الصحية الأولية والثانوية والتخصصية، كما تمت مواصلة دعم برامج معالجة الفقر، والاهتمام بالرياضة والشباب. وفي هذا القطاع شملت الميزانية مشاريع جديدة لإنشاء العديد من المستشفيات ومراكز الرعاية الأولية وكليات الطب والمستشفيات الجامعية ولتنفيذ بعض الإضافات لمباني المستشفيات القائمة والجاري تنفيذها وتوفير التجهيزات المتقدمة لها، وكذلك لتنفيذ العديد من المنشآت الرياضية ودور الرعاية الاجتماعية.

ولما لأجهزة القضاء من أهمية قصوى فقد وجهنا باعتماد مبلغ إضافي مقداره سبعة آلاف مليون ريال لتطوير القضاء وذلك لتعزيز متطلبات هذه الأجهزة التي تشمل تنفيذ «نظام القضاء» و«نظام ديوان المظالم» و«آلية العمل التنفيذية لكل منهما» التي وافقنا عليها خلال شهر رمضان المبارك من هذا العام.

ومن منطلق حرصنا على قطاعات المياه والخدمات البلدية والزراعة والصناعة والتجهيزات الأساسية بلغ ما خصص للإنفاق عليها من الميزانية ما يقارب 45 ألف مليون ريال. وفي هذه القطاعات اعتمدت مشاريع جديدة ومبالغ إضافية تبلغ التكاليف التقديرية لتنفيذها 27 ألف مليون ريال تشمل مشاريع لتوفير مياه الشرب، والمحافظة على الموارد المائية وتنميتها، وحماية البيئة، وسلامة الغذاء والدواء، وتوفير خدمات الصرف الصحي، والسدود وحفر الآبار، والمشاريع البلدية بالإضافة إلى المشاريع التي تساهم في زيادة الاستثمارات المحلية وجذب الاستثمارات الأخرى.

وفي قطاع النقل تم اعتماد مشاريع جديدة واعتمادات إضافية لتنفيذ طرق جديدة سريعة ومزدوجة ومفردة وموانئ وخطوط للقطارات ومشاريع للمطارات، ويزيد ما اعتمد لتنفيذ تلك المشاريع عن 14 ألفا و600 مليون ريال. وقبل أن نختم كلمتنا هذه؛ نؤكد للمواطنين والمواطنات أن اعتمادات هذه الميزانية المباركة ـ بمشيئة الله ـ تعكس اهتمامنا بجميع القطاعات، وكذلك بتعزيز الاحتياطيات لتوفير مزيد من الاستقرار في المستقبل. وختاماً نرغب إلى جميع المسؤولين عن تنفيذ هذه الميزانية أن يضعوا نصب أعينهم الإخلاص ومضاعفة الجهد في العمل لمصلحة المواطن والمساهمة في دفع عجلة التنمية الشاملة لوطننا الغالي. ونسأل الله العلي القدير أن يديم علينا نعمه وأن ينفع الوطن والمواطن بهذه الميزانية. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».

وبين الوزير إياد مدني، أن وزير المالية وبتوجيه كريم أبلغ المجلس بما تم رفعه للمقام السامي الكريم حول مشروع الميزانية الجديدة للدولة للعام المالي 1428 ـ 1429هـ وقدم إيجازا استعرض فيه الأوضاع الاقتصادية العالمية والتطورات الاقتصادية المحلية والنتائج المالية للعام المالي الحالي 1427هـ ـ 1428هـ، والملامح الرئيسية للميزانية الجديدة التي تجسدت فيما يلي: من المتوقع أن يبلغ حجم الناتج المحلي الإجمالي هذا العام 1427 ـ 1428هـ (2007) وفقا لتقديرات مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات 1.414.000.000.000 ريال «ألفا وأربعمائة وأربعة عشر مليار ريال» بالأسعار الجارية محققا بذلك نموا نسبته 7.1 في المائة وأن يحقق القطاع البترولي نموا تبلغ نسبته 8 في المائة بالأسعار الجارية. كما يتوقع أن يحقق القطاع الخاص نموا نسبته 7.6 في المائة بالأسعار الجارية، أما بالأسعار الثابتة فيتوقع أن يشهد الناتج المحلي الإجمالي نموا تبلغ نسبته 5.3 في المائة. حيث يتوقع أن ينمو القطاع الحكومي بنسبة 3.1 بالمائة. كما يتوقع أن ينمو القطاع الخاص بالأسعار الثابتة بنسبة 5.9 في المائة وقد حققت جميع الأنشطة الاقتصادية المكونة له نموا إيجابيا إذ يقدر أن يصل النمو الحقيقي في الصناعات التحويلية غير البترولية إلى 8.6 في المائة. وفي نشاط الاتصالات والنقل والتخزين 10.6 في المائة وفي نشاط التشييد والبناء 6.9 في المائة، وفي نشاط الكهرباء والغاز والماء 4.4 في المائة وفي نشاط تجارة الجملة والتجزئة والمطاعم والفنادق 6 في المائة وفي نشاط خدمات المال والأعمال والتأمين والعقارات 4 في المائة.

وقد كان للإجراءات والقرارات التي استمرت المملكة في تبنيها في مجال الإصلاحات الاقتصادية أثر فعال في تحقيق معدلات النمو الإيجابية التي يشهدها القطاع الخاص والتي أدت إلى توسيع قاعدة الاقتصاد الوطني وتنويعها حيث بلغت مساهمته في الناتج المحلي هذا العام حوالي 46.1 كنسبة من الناتج المحلي ـ عدا رسوم الاستيراد ـ بالأسعار الثابتة وهذه المؤشرات تدل على زيادة فعالية هذا القطاع خصوصا نشاطي الصناعات التحويلية والخدمات اللذين يشهدان نموا مستمرا منذ عدة سنوات.

وعن المستوى العام للأسعار أشار وزير المالية إلى أن الرقم القياسي لتكاليف المعيشة وهو أهم مؤشرات المستوى العام للأسعار أظهر ارتفاعا خلال عام 1427 ـ 1428 (2007) نسبته3.1 في المائة عما كان عليه في عام 1426 ـ 1427 (2006) وذلك وفقا لتقديرات مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات.

أما معامل انكماش الناتج المحلي الإجمالي للقطاع غير البترولي الذي يعد من أهم المؤشرات الاقتصادية لقياس التضخم على مستوى الاقتصاد ككل فمن المتوقع أن يشهد ارتفاعا نسبته 1.6 في المائة في عام 1427 ـ 1428 (2007) مقارنة بما كان عليه في العام السابق.

وفيما يتعلق بالدين العام أوضح وزير المالية أن التوقعات الأولية تشير إلى أن صافي حجم الدين العام سينخفض في نهاية العام المالي الحالي 1427ـ 1428 (2007) إلى 267 ألف مليون ريال لتتقلص نسبته إلى حوالي 19 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي المتوقع للعام المالي الحالي مقارنة بـ 28 بالمائة في نهاية العام المالي الماضي 1426 ـ 1427 (2006).

وقال وزير المالية إنه روعي عند إعداد الميزانية الجديدة استثمار الموارد المالية بشكل يحقق متطلبات التنمية الشاملة والمستدامة مع إعطاء الأولوية للخدمات التي تمس المواطن بشكل مباشر مثل الخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية والبلدية والمياه والصرف الصحي والطرق والتعاملات الإلكترونية ودعم البحث العلمي من خلال خطة العلوم والتقنية ومشروعات البنية الأساسية.

وبين أن هذه الميزانية تعد استمرارا للتوجيهات الملكية الكريمة بالتركيز على الإنفاق الرأسمالي حيث اشتملت على مشاريع تنموية جديدة بجميع مناطق المملكة وستساعد هذه المشاريع على رفع معدلات النمو الاقتصادي وإيجاد فرص عمل جديدة للمواطنين وتشجيع الاستثمار.

وأنهى وزير الثقافة والإعلام بيانه مفيدا أن خادم الحرمين الشريفين حث أعضاء المجلس وكل مسؤول على أن يتوجهوا بالحمد لله سبحانه على ما أنعم به على هذه البلاد من نعم لا تعد ولا تحصى، وأن له سبحانه الشكر في السراء والضراء. كما أكد حفظه الله على أن يكون سعي كل مسؤول هو من أجل رضا الله، وأن يشكر له جل وتعالى أن جعله في مكان يخدم فيه دينه ووطنه، وعلى أن يراعي كل من تحمل المسؤولية مراقبة ضميره والتجرد والإخلاص للوطن، فالوطن في حاجة إلى وفاء واجتهاد ودأب ويقظة وحسن سيرة كل مسؤول. وأن يكون المبدأ الماثل في أذهاننا دائما الدين ثم الوطن والصبر والعمل.