خبراء لبنانيون يؤكدون: تحويلات المغتربين والوضع السياسي يحولان دون ربط الليرة بسلة عملات

طالبوا بالتريث وتخوفوا من التأثيرات المستقبلية في ظل بروز الأوروبيين كشركاء تجاريين

شارع المصارف في بيروت («الشرق الأوسط»)
TT

بدأت بعض الاوساط الاقتصادية في لبنان تتدارس فكرة التخلي عن ربط الليرة اللبنانية بالدولار كعملة تسعير وحيدة، في ضوء استمرار ضعف الدولار وتصاعد قيمة اليورو، علماً ان نصف واردات لبنان تسعر باليورو لكونها ذات مصدر اوروبي.

وإذا كانت الكويت قد خطت خطوة حاسمة في هذا المجال بربط عملتها بسلة من العملات الرئيسة بدلا من الدولار الاميركي، واذا كانت ايران قد خطت خطوة مماثلة تقريباً، فان دول الخليج الاخرى تتدارس الموضوع بتأن ومقاربات مختلفة، والشيء نفسه بالنسبة الى لبنان، الذي يتميز عن دول الخليج بأنه بلد غير منتج للنفط، ولا تشكل صادراته سوى جزء ضئيل من قيمة وارداته، وهو الامر الذي جعله يدفع غالياً ثمن ارتفاع سعر صرف اليورو.

ويعتقد آلان شوفالييه الاستاذ في المعهد العالي للاعمال في بيروت، في دراسة له «ان لبنان سيجد نفسه مستقبلا مجبراً على ربط عملته بسلة من العملات، لكن تحويلات المغتربين وهي في معظمها بالدولار تبرر حالياً ربط العملة اللبنانية بالعملة الاميركية».

ويضيف شوفالييه في دراسته «أنه في حال تراجعت هذه التحويلات على نطاق واسع، فان لبنان سيتعرض لخسائر جمة نتيجة ربط عملته بالدولار، كون معظم شركائه التجاريين اوروبيين». وأشار إلى «ان ربط الليرة اللبنانية بسلة من العملات سيسمح لمصرف لبنان المركزي بهامش مناورة على مستوى معدلات الفائدة، وبالتالي على مستوى التضخم». ويرى شوفالييه أنه من مصلحة لبنان ربط عملته بسلة من العملات تضم الدولار واليورو، بحيث يتم ذلك بصورة تدريجية الى حد المناصفة بين العملتين الاميركية والاوروبية، معتقدا ان كلفة هذه التحول ستكون اقل من فوائده، إلا ان هذا التحول لا يمكن ان يتم إلا في جو من النمو الاقتصادي والاستقرار والثقة بالبلاد.

اما رئيس تجمع الاصلاح الاقتصادي الدكتور ايلي يشوعي فقد اكد لـ «الشرق الاوسط» أنه «كان يفترض ان يلجأ لبنان الى ربط عملته بسلة من الدولار واليورو مناصفة منذ ان ظهر اليورو عام 1999، او على الاقل منذ ان بدأت العملة الاوروبية في الصعود، وبذلك كان لبنان قد حافظ على قدرته الشرائية كيفما تقلبت هاتان العملتان». ويشير إلى أنه «لو ان المصرف المركزي اقدم على هذه الخطوة ايضاً في حينه لكان احتياطه اليوم اكثر توازناً». وأضاف «اما اليوم، فان اللجوء الى هذه الخطوة يستلزم دراسة متأنية لمعرفة ما اذا كانت فوائدها تتجاوز مساوئها، خصوصاً في هذا الجو الاقتصادي والسياسي والدستوري والامني المحموم».

من جانبه، يخالف الخبير الاقتصادي الدكتور لويس حبيقة الأقوال الذاهبة إلى فك الارتباط ويقول لـ«الشرق الأوسط» إنه من «الضرورة الابقاء على ربط الليرة اللبنانية بالدولار في الوقت الحاضر لنؤمن دعماً لصادراتنا، وان كان ذلك على حساب القوة الشرائية التي تقلصت بفعل ضعف الدولار، وارتفاع سعر اليورو، مما ادى الى ارتفاع قيمة الصادرات وارتفاع قيمة المستوردات التي تبلغ خمسة اضعاف قيمة الصادرات».

واعتبر حبيقة «ان كل تغيير له جوانبه الايجابية وجوانبه السلبية، واذا كان لا بد من تغيير فمن الضروري ان يكون هذا التغيير على المدى البعيد، فماذا نفعل لو ان الدولار تحسن بعد فترة وجيزة، هل نعود الى ربط الليرة به». ويفضل حبيقة اللجوء الى تحرير سعر صرف الليرة مع بقاء المصرف المركزي جاهزاً للتدخل لمنع التقلبات الحادة، مفيدا بأنه بهذه الخطوة يستطيع الاقتصاد أن يتنفس، «ولا نضطر الى التغييرات الآنية والمتكررة». ويتفق حبيقة مع يشوعي وشوفالييه على ان التغيير «يجب ان يحصل في جو استقرار سياسي على كل المستويات، ونمو اقتصادي حقيقي».

يذكر ان اليورو ارتفع منذ دخوله حيز التنفيذ في اول يناير (كانون الثاني) 1999 بنسبة 20.54% ازاء الدولار، وبنسبة 43.8% عن اكتوبر (تشرين الاول) عام 2000 بعدما تراجع الى 0.82 دولار لليورو.