الاستثمارات الصينية والخليجية تحدث تغييراً ثقافيا في سوق المال الأميركي

واشنطن: «الشرق الأوسط»

TT

احدثت الاستثمارات الحكومية القادمة من آسيا والشرق الاوسط، تغييرا ثقافيا في سوق المال الاميركي (وول ستريت) من خلال شراء حصص كبيرة في بنوك اميركية متعثرة، الا ان هذه الاستثمارات تثير ايضا مخاوف بشأن الأمن القومي الأميركي.

وتزايدت المخاوف بشكل كبير في الاسابيع الاخيرة وفقا لتحليل أعدته وكالة الصحافة الفرنسية، أشارت فيه إلى أن هذه المخاوف زادت في ظل سعى عدد من اكبر البنوك الاستثمارية الاميركية الى الحصول على مبالغ نقدية كبيرة لمواجهة الخسائر التي منيت بها وتقدر بمليارات الدولارات جراء ازمة الرهن العقاري التي تعاني منها السوق الاميركية وازمة الائتمان التي نتجت عنها.

واعلنت شركة ميريل لينش الاثنين الماضي، ان شركة تيماسيك هولدينجز القابضة، وهي مجموعة استثمارية تملكها سنغافورة، ستشتري حصة بقيمة 4.4 مليار دولار في الشركة. وجاءت هذه الصفقة بعد اعلان مؤسسة مورغان ستانلي، ثاني اكبر بنوك الاستثمار الاميركية، عن بيع حصة بقيمة خمسة مليارات دولار لشركة «تشاينا انفستمنت كوربوريشين» الصينية الاسبوع الماضي.

وتعاني مؤسسة مورغان ستانلي مثل باقي المؤسسات المالية الاميركية الاخرى، من خسائر جسيمة وتسعى الى تعديل وضعها المالي. وبموجب الصفقة تحصل الشركة الصينية على حصة 9.9 في المائة من مؤسسة مورغان ستانلي.

ودخلت المؤسسات الاستثمارية الحكومية على خط الاستثمار في البنوك الاميركية، حيث قام جهاز ابو ظبي للاستثمار بشراء ما قيمته 5.7 مليار دولار من سندات الملكية القابلة للتحويل الى اسهم عادية في مجموعة سيتي غروب الاميركية.

وبموجب هذه الصفقة التي قد تساعد المصرف المتعثر على جمع السيولة التي يحتاجها بشدة للخروج من الازمة التي تعترض لها بسبب خسائر الرهن العقاري، اصبحت حكومة ابوظبي اكبر المساهمين في المجموعة الاميركية.

وتطرق الرئيس الأميركي جورج بوش الى سلسلة الصفقات هذه خلال مؤتمر صحافي عقد في البيت الابيض الخميس الماضي. وقال بوش «لا اعتقد ان هذه مشكلة»، محذرا من النزعة الحمائية التي قال انها يمكن ان تؤثر على تدفق الاستثمارات الى البلاد.

وقد تعززت القوة المالية للصين بوصول احتياطي العملات الاجنبية في مصارفها الى اكثر من تريليون دولار، فيما ادى الارتفاع الهائل في اسعار النفط الى زيادة عائدات الامارات العربية المتحدة الغنية بالنفط بشكل كبير.

ويقول مسؤولون كبار في الحكومة الاميركية ان الصفقات لا ينبغي ان تثير الخوف، ولكن يجب ان تدفع الى المزيد من الاحتياطات الامنية. وكتب روبرت كيميت نائب وزير الخزانة الاميركية في مقال نشر في اخر طبعة من مجلة فورين افيرز (الشؤون الخارجية) التي ينشرها مجلس العلاقات الخارجية ويقرؤها كبار صانعي القرارات، ان «المسألة الأهم هي الأمن القومي».

وقال كيميت، الضابط في الجيش الذي شهد حرب فيتنام، ان الاستثمارات التي قامت بها سنغافورة والصين والامارات العربية المتحدة في وول ستريت هي حتى الان «سلبية الاثر»، بما يعني ان حكام سنغافورة وبكين وابو ظبي لن يكون لهم اي سلطة على ادارة وعمليات البنوك الاميركية.

ولم تعترض لجنة الاستثمارات الخارجية في الولايات المتحدة، التي تتولى التحقيق في الاستثمارات الخارجية، حتى الان على اي من الصفقات.

وصرح السناتور الديمقراطي كريستوفر دود، رئيس لجنة البنوك في مجلس الشيوخ الاسبوع الماضي بانه يريد مزيدا من المعلومات حول «تفاصيل» صفقة مورغان ستانلي، وما اذا كان يتعين اجراء اي مراجعة من قبل لجنة الاستثمارات الخارجية.

وحصلت شركة تشاينا انفستمنت كوربوريشين الصينية على حصة بقيمة ثلاثة مليارات دولار في مجموعة «بلاكستون» الاستثمارية الخاصة في وقت سابق من هذا العام كما اشترت شركة «سي اي تي اي سي سيكيوريتيز» للاوراق المالية الصينية حصة 6 في المائة من شركة «بير ستيرنز» الاميركية المتعثرة بقيمة مليار دولار في أكتوبر (تشرين الاول) الماضي.

ويرى المحللون انه من المرجح عقد المزيد من الصفقات خاصة مع وجود مخزونات مالية كبيرة لدى هيئات الاستثمار الاجنبية. واجبرت البنوك الاميركية على السعي للحصول على دفعات مالية بسبب خسائرها الجسيمة في الاستثمارات العقارية. وقامت شركة ميريل ويلش بإقالة رئيسها التنفيذي ستان اونيل في أكتوبر (تشرين الاول) الماضي، بعد اعلانه عن شطب اصول بقيمة تصل الى ثمانية مليارات دولار.

ورغم ان الاستثمارات تبدو الى صالح الصناديق الاجنبية، الا ان بعض البنوك الاميركية استفادت كذلك من استثماراتها في الخارج. فقد اعلن بانك اوف اميركا «بنك امريكا» الشهر الماضي ان قيمة استثماره البالغ ثلاثة مليارات دولار في بنك «تشاينا كونستركشن» (بنك الانشاءات الصيني) في عام 2005 ارتفع الى 19 مليار دولار.