أمانة مجلس التعاون تخاطب الغرف التجارية للتعرف على العقبات قبل انطلاقة السوق الخليجية المشتركة

الثلاثاء.. يوم تاريخي في مسيرة دول الخليج وسط تفاؤل بنمو الاقتصاد وخفض الأسعار

تبدأ دول الخليج عام 2008 بتدشين السوق المشتركة التي ستسمح لكل دولة بمعاملة مواطني الدول الأعضاء نفس معاملة مواطنيها («الشرق الأوسط»)
TT

كشف مسؤول خليجي أن أمانة مجلس التعاون لدول الخليج العربية خاطبت قبل أيام الغرف التجارية الصناعية في دول المجلس، للتعرف على وجهات نظر رجال وسيدات الأعمال وتحديد العقبات أو الصعوبات أو المشاكل التي قد تواجه المواطنين الخليجيين من مستثمرين وعاملين عند تطبيق السوق الخليجية المشتركة، التي تنطلق الثلاثاء المقبل مع مطلع العام الميلادي الجديد.

وأكد الدكتور عبد العزيز حمد العويشق، مدير دائرة التكامل الاقتصادي بالأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي لـ«الشرق الأوسط»، أن تلك المخاطبات، احتوت على استبيانات تهدف إلى العمل على تذليل كافة العقبات التي تواجه تنفيذ السوق الخليجية المشتركة، مفيدا بأنه سيتم عرض كافة العقبات على اللجان المعنية لدراستها ووضع الحلول المناسبة لها.وتوقع العويشق أن تكون للسوق الخليجية المشتركة نتائج ملموسة في عدة جوانب، أهمها تجارة السلع بين دول المجلس، متطرقا إلى أنه منذ قيام الاتحاد الجمركي ارتفع معدل التجارة البينية (التبادل التجاري بين الدول الأعضاء) بمعدل 20 في المائة سنوياً في المتوسط.

وتوقع المسؤول الخليجي أن تستمر معدلات النمو العالية بعد قيام السوق المشتركة لتجارة السلع وتجارة الخدمات، كونها تتأثر تأثراً مباشراً بقيام السوق المشتركة، مرجحا رفع معدلات النمو الاقتصادي في الدول الأعضاء، مستشهداً في ذلك بتجربة الاتحاد الأوروبي، التي ساعدت سوقهم المشتركة في المساهمة بزيادة النمو الاقتصادي بمعدل تجاوز 2 في المائة في المتوسط سنوياً منذ قيامها في عام 1993.

وذكر العويشق أن السوق المشتركة الخليجية ستساعد على إيجاد وظائف جديدة نتيجة النمو الاقتصادي وزيادة كفاءة أداء الأعمال، ومستشهدا مرة أخرى بتجربة الاتحاد الأوروبي الذي زاد فيه معدل الوظائف حوالي 1 في المائة سنوياً، إضافة إلى سهولة تنقل المواطنين للعمل والاستثمار والدراسة، إذ انتقل أكثر من 15 مليونا في الاتحاد الأوروبي لأغراض العمل و1.5 مليون لأغراض الدراسة العليا.

وتوقع المسؤول الخليجي تراجع تكلفة الإنتاج والأسعار، من خلال انخفاض تكلفة الإنتاج وتحسين كفاءة الشركات وزيادة رقعة السوق. لكنه ربط تحقيق نتائج ملموسة بمدى السرعة في تطبيق متطلبات السوق المشتركة على جميع المستويات في الدول الأعضاء، وعلى متابعة وحرص المواطنين وتعاون رجال وسيدات الأعمال على الاستفادة مما تقدمه من فرص.

وذكر العويشق أن مسارات السوق الخليجية المشتركة تتمثل في 10 مسارات حددتها الاتفاقية الاقتصادية، التي تشمل التنقل والإقامة، والعمل في القطاعات الحكومية والأهلية، والتأمين الاجتماعي والتقاعد، وممارسة المهن والحرف، ومزاولة جميع الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية والخدمية، وتملّك العقار، وتنقل رؤوس الأموال، والمعاملة الضريبية، وتداول وشراء الأسهم وتأسيس الشركات، والاستفادة من الخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية.

ويترقب المواطنون الخليجيون انطلاقة السوق الخليجية المشتركة بداية من الثلاثاء المقبل الذي يصادف الأول من يناير (كانون الثاني) للعام الجديد 2008، الذي حدده البيان الختامي لقمة دول مجلس التعاون الخليجي، الذي عقد في العاصمة القطرية الدوحة بداية ديسمبر (كانون الأول) الجاري موعدا، لانطلاقة السوق المشتركة التي طال انتظارها لتبدأ في خطوة تعكس رغبة الدول الأعضاء بتعميق علاقاتها الاقتصادية.

وكان عبد الرحمن بن حمد العطية، الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي قد أكد في ذلك الحين، أن تأسيس السوق الخليجية المشتركة يأتي انطلاقا من الأهداف والغايات التي نص عليها النظام الأساسي لمجلس التعاون لتقوية أواصر التعاون بين الدول الأعضاء وتحقيق التنسيق والتكامل والترابط بينها في جميع الميادين. واعتبر العطية ان القرار يصب في مصلحة تعزيز اقتصاديات دول المجلس في ضوء التطورات الدولية، وما تتطلبه من تكامل أوثق يقوي من موقفها التفاوضي وقدرتها التنافسية في الاقتصادي العالمي. وتأتي السوق الخليجية المشتركة، بعد إقرار التعرفة الجمركية الموحدة التي انطلقت عام 2003، إلا أن البعض يرى أن السوق الخليجية المشتركة تزيد من عمق وترابط الاقتصاد الخليجي المتكامل، خاصة أن السوق الخليجية المشتركة تهدف إلى إيجاد سوق واحدة، يتم من خلالها استفادة مواطني دول المجلس من الفرص المتاحة في الاقتصاد الخليجي وفتح مجال أوسع للاستثمار البيني والأجنبي وتعظيم الفوائد الناجمة عن اقتصاديات الحجم ورفع الكفاءة في الإنتاج. وتعتمد السوق الخليجية المشتركة على المبدأ الذي نصت عليه المادة الثالثة من الاتفاقيات الاقتصادية، بأن يعامل مواطنو دول المجلس الطبيعيون والاعتباريون في أي دولة من الدول الأعضاء نفس معاملة مواطنيها، من دون تفريق أو تمييز في كافة المجالات الاقتصادية. ويشمل ذلك على وجه الخصوص مزاولة جميع الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية والخدمية وممارسة المهن والحرف وتداول وشراء الأسهم وتأسيس الشركات والعمل في القطاعات الحكومية والأهلية والتأمين الاجتماعي والتقاعد وتملك العقار، إلى جانب تنقل رؤوس الأموال والمعاملة الضريبية والاستفادة من الخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية والتنقل والإقامة.

وهنا يعود العويشق، ليبين أن صدور الإعلان عن قيام السوق الخليجية المشتركة في قمة الدوحة يأتي استناداً للاتفاقية الاقتصادية بين دول المجلس، التي أقرها المجلس الأعلى في قمة مسقط في 2001، وتلبية لتطلعات مواطني دول المجلس وآمالهم في تحقيق المواطنة الخليجية.

يشار إلى أن المجلس الأعلى أقر في قمة الدوحة عام 2002 – أي منذ خمسة أعوام – البرنامج الزمني لقيام السوق الخليجية المشتركة ونص على استكمال متطلباتها قبل نهاية عام 2007. كما وضعت قرارات المجلس الأعلى اللاحقة القواعد التنفيذية اللازمة لتحقيق متطلبات السوق.

وبين العويشق أنه تم إنجاز المتطلبات الأساسية للسوق المشتركة وفقاً للبرنامج الزمني الذي أقره المجلس الأعلى، كونه تم الاتفاق على جميع المتطلبات الرئيسية لقيام السوق الخليجية المشتركة من خلال الجهود التي تمت خلال الأعوام الخمسة الماضية منذ إقرار البرنامج الزمني للسوق المشتركة، سواء من قبل الجهات المختصة في الدول الأعضاء، أو اللجان الوزارية والفنية العاملة في إطار مجلس التعاون، أو الأمانة العامة لمجلس التعاون. وأوضح أن السوق الخليجية المشتركة تعطي مواطني دول المجلس حق «المعاملة الوطنية» في أي دولة من الدول الأعضاء، وتوفر لهم جميع المزايا التي تُمنح للمواطنين في جميع المجالات الاقتصادية. ويشمل ذلك المواطنين الاعتباريين مثل الشركات والمؤسسات الخليجية. ويضيف العويشق أن من أهم أهداف السوق الخليجية المشتركة هو ما سيلمسه المواطن الخليجي (الفرد) بشكل مباشر، خاصة في ما يتعلق بالتنقل والإقامة، والتعليم، والصحة، والخدمات الاجتماعية، والمهن والحرف، والعمل، والتأمينات الاجتماعية، وتملك العقار. فيما تستفيد الشركات والمؤسسات ويستفيد رجال وسيدات الأعمال من السوق الخليجية المشتركة، من خلال ممارسة المهن الحرة على شكل مؤسسات أو شركات أو مكاتب، وممارسة الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية والخدمية، والمعاملة الضريبية، وتملك العقار للاستثمار، والاستفادة من السوق الواحدة من حيث التسويق وأماكن الإنتاج والتوزيع، ووفورات الحجم، ورفع كفاءة الإنتاج.

وأفاد بأن السوق الخليجية المشتركة يستفيد الاقتصاد الوطني والإقليمي منها بإيجاد سوق واحدة يتم من خلاله استفادة مواطني دول المجلس من الفرص المتاحة في الاقتصاد الخليجي، وفتح مجال أوسع للاستثمار البيني (الخليجي) والعربي والأجنبي، وتحقيق الاستخدام الأمثل للموارد الاقتصادية، وتحسين الوضع التفاوضي لدول المجلس، وتعزيز مكانة دول المجلس بين التجمعات الاقتصادية الدولية. وتشكل السوق الخليجية المشتركة اتفاقاً بين الدول الأعضاء لتحقيق المساواة التامة في المعاملة بين مواطني دول المجلس في المجالات الاقتصادية، وهو اتفاق تم التوصل إليه من خلال ممثلي الدول الأعضاء في اللجان المختصة العاملة في إطار دول المجلس وصدرت به قرارات من المجلس الأعلى. ولذلك فإن السوق الخليجية المشتركة تعبير واضح عن الإرادة التي عبر عنها قادة دول المجلس في إعلان الدوحة.

وهنا يشير مدير دائرة التكامل الاقتصادي بالأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي إلى أن هناك عدة مستويات للرقابة على السوق الخليجية المشتركة، التي تبدأ بمتابعة قرارات المجلس الأعلى لدول المجلس، وهي الخطوة الأساسية التي تلزم الدول الست، إضافة إلى التشريعات الصادرة من كل دولة والتي تتابعها الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي، ومتابعة كيفيه استفادة المواطن الخليجي من هذا السوق والتشريعات الصادرة من كل دولة.

وقال العويشق إن التنفيذ داخل كل دولة يتم حسب إجراءاتها الدستورية والقانونية، وتقوم بالتنفيذ الأجهزة الحكومية المختلفة المختصة بمجالات السوق، وفق الضوابط والإجراءات التي تراها، على أن تتم مراعاة المعيار الأساسي الذي تنص عليه السوق المشتركة هو معاملة المواطن الخليجي معاملة المواطن. وأشار إلى أن الأمانة العامة ولجنة السوق الخليجية المشتركة ولجنة التعاون المالي والاقتصادي واللجان الأخرى المختصة ستتولى متابعة التنفيذ ورفع تقارير دورية لقادة دول المجلس عن سير التنفيذ في السوق الخليجية المشتركة.

وأضاف العويشق أن الدول الأعضاء خصصت ضباط اتصال تعين أسماءهم وطرق الاتصال بهم إضافة إلى ضباط اتصال من قبل الأمانة العام للمجلس لمساعدة المواطنين على التواصل مع المسؤولين عن كل مجال من مجالات السوق بهدف تحقيق الاستفادة المثلى من مميزات السوق الخليجية المشتركة، ومهمتهم المتابعة.

وأبان أن المحطة الأولى والرئيسية للاستفادة من مزايا السوق الخليجية المشتركة هي من خلال الأجهزة المختصة في كل دولة من دول المجلس، ومن خلال ضباط الاتصال الذين اختارتهم الدول الأعضاء للتنسيق والمتابعة. وفيما يتعلق بالأمانة العامة أوضح العويشق أنه يوجد عدد كبير من إداراتها تتابع سير العمل في مجالات السوق الخليجية المشتركة، إذ بادرت الامانة بنشر معلومات عن السوق المشتركة وأسماء ضباط الاتصال على موقعها على شبكة الإنترنت ليتمكن المواطن الخليجي أن يتواصل من خلالها مع الأمانة العامة واللجان المتخصصة للسوق الخليجية المشتركة. وربط تلك الخطوة إلى كون لجنة السوق الخليجية المشتركة تهتم بالتعامل مع جميع القضايا المتعلقة بالسوق للنظر في أي اقتراحات أو قضايا تتم إثارتها، ومحاولة حلها أو رفعها إلى اللجان الوزارية المختصة.