السعوديون يبدأون اليوم الاكتتاب في أول طرح أولي لشركة نفطية

بدء سباق «التتابع» في الاكتتاب على 219 مليون سهم في «بترو رابغ».. ومحللون يصفون التخصيص بإلقاء الكرة في ملعب «صغار المساهمين»

إحدى منشآت شركة بترو رابغ في مراحلها النهائية («الشرق الأوسط»)
TT

يبدأ السعوديون اليوم وعلى مدى 7 أيام الاكتتاب في أول طرح أولي لشركة نفطية ستضاف للسوق المالية السعودية، التي تعد أكبر نظيراتها في منطقة الشرق الأوسط. حيث سيبدأ اليوم وحتى 12 يناير (كانون الثاني) الجاري، الاكتتاب في 219 مليون سهم، تمثل 25 في المائة من أسهم الشركة بعد الاكتتاب، وسيكون 50 في المائة منها للأفراد والبقية الأخرى للمؤسسات وصناديق الاستثمار.

ورفعت «بترو رابغ»، في اكتتابها، شعار اكتتاب المواطنين، وبينهم النساء الأرامل والمطلقات، ومن لهن أبناء من آباء غير سعوديين، لالتهام كعكة من الأسهم قوامها 219 مليون سهم.

وسيتم خلال اكتتاب «بترو رابغ»، وهو أول اكتتاب نفطي في البلاد، التخصيص بالنسبة للمكتتبين الأفراد على مرحلتين، في المرحلة الأولى، سيتم تخصيص 10 أسهم لكل مكتتب بحد أدنى. وفي حال زيادة الطلب من قبل المكتتبين الأفراد، فسيتم في المرحلة الثانية تخصيص كامل الأسهم المطلوبة لكل من طلب الاكتتاب في 50 سهماً فأقل. لكن في هذه الحالة يشترط ألا يزيد عدد الأسهم، التي سيتم تخصيصها، عن إجمالي الأسهم المطروحة للمكتتبين الأفراد والبالغة 162464286 سهماً، وهي تعادل 50 في المائة من إجمالي الأسهم المطروحة. وسيكون الحد الأدنى للاكتتاب 10 أسهم، فيما يصل الحد الأقصى إلى مليون سهم.

وسيتم تخصيص ما تبقى من أسهم الاكتتاب ـ إن وجدت ـ وفق أساس تناسبي بناءً على نسبة ما طلبه كل مكتتب إلى إجمالي الأسهم المطلوب الاكتتاب فيها. كما سيتم تخصيص ما قيمته 37.5 مليون ريال (10 ملايين دولار) كحد أقصى لموظفي الشركة.

وستُخصص الـ50 في المائة من الأسهم المتبقية لصناديق استثمار المؤسسات المالية. وتحتفظ إتش إس بي سي العربية السعودية المحدودة، المستشار المالي ومدير الاكتتاب، بحق خفض حصة صناديق الاستثمار والمؤسسات المكتتبة إلى ما نسبته 25 في المائة في حال زيادة الطلب من قبل المكتتبين الأفراد وسيتم ذلك بعد موافقة هيئة السوق المالية. وقال تيموثي جراي، الرئيس التنفيذي لـ«إتش إس بي سي» العربية السعودية المحدودة: «نتوقع أن نشهد إقبالاً غير مسبوق على أسهم بترو رابغ، ونحن على قناعة تامة بأن الاكتتاب سيحقق نجاحاً كبيراً. ومن هنا، يسعدنا أن نشارك في هذا الطرح الأولي المهم».

من جهته، قال الدكتور سالم آل قضيع، وهو استشاري اقتصادي، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، إن تطبيق المراحل في عملية التخصيص، يعد أسلوبا يشجع الافراد على عمليات الاكتتاب في مراحله الأولى، خاصة لدى الشركات التي لها علاوة إصدار.

وأشار آل قضيع، إلى أن هذا النمط من التخصيص يتحقق ثقله بكون الاكتتاب نوعيا، وفي شركة تتعامل مع موارد طبيعية، وهو ما يستوجب مشاركة أكبر للافراد. موضحا أن المدير المالي للاكتتاب في مثل هذه الحالة سيتمكن الى حد كبير من السيطرة على عملية الاكتتاب وتوزيع الحصص، وهو ما سيخفف العبء الاداري عليه، في ما يسمى حالة «عدم التأكد» التي عادة ما تنجم عن تأخير المكتتبين للدخول في عملية الاكتتاب حتى الساعات الأخيرة.

ويرى محللون اقتصاديون أن طريقة التخصيص على مرحلتين، أو ما يشبه سباق «التتابع» في رياضات الأولمبياد، يأتي هذه المرة في صالح صغار المساهمين، الذين أحجموا عن عدة اكتتابات سابقة لقناعات تولدت عندهم بأنهم لن يحصلوا سوى على الحد الأدنى، وبالتالي لا مبرر لتجميد كل ما لديهم من سيولة في عمليات محسومة مسبقا لصالح كبار المساهمين المدعومين بتسهيلات بنكية، وضعف الغطاء الاكتتابي عن ضمان منح الشرائح الأخرى ما يتفق وطموحاتها الاستثمارية.

ويعتقد المحللون أن أسلوب التخصيص على مرحلتين، بدلا من أسلوب النسبة والتناسب، يمثل ضمانا لتمكين صغار المكتتبين من الحصول على اكبر عدد من الأسهم المطروحة، الذي كان يصب في صالح أصحاب الرساميل الكبيرة.

ويعد اسلوب المرحلتين، اختبارا لجدية ولياقة صغار المستثمرين مع مستجدات وثقافة التعامل السوقي، حيث ألقي بالكرة هذه المرة في ملعب المكتتبين الصغار، بما أن الاكتتاب بأعلى من الحد الأدنى، والمشاركة في الأيام الأولى بقوة وعدم انتظار قرارات الحسم حتى الساعات الأخيرة يمكن المكتتبين من الاستفادة من الشريحة الثانية في آلية التخصيص، من خلال رفع حصة المكتتبين الافراد من 50 إلى 75 في المائة من حجم الأسهم المطروحة.

وكانت «بترو رابغ»، وهي المشروع المشترك بين «أرامكو السعودية» و«سوميتومو كيميكال» اليابانية، قد قالت إن الاكتتاب على الطرح الأولي لأسهمها بقيمة 4.599 مليار ريال (1.2 مليار دولار)، تمثل 25 في المائة من إجمالي رأسمال الشركة عقب عملية الاكتتاب، بعد أن تم تحديد سعر السهم، وفق ما جاء في عملية بناء سجل الأوامر، بقيمة 21 ريالاً (5.6 دولار) للسهم الواحد شاملاً 10 ريالات كقيمة اسمية و11 ريالاً كعلاوة إصدار. يذكر أن مجمع «بترو رابغ» الذي تم إطلاقه في عام 2005، يعد واحداً من أضخم المنشآت المتكاملة لإنتاج البتروكيماويات وتكرير النفط. وستعمل أرامكو السعودية على تزويد الشركة بالمواد الخام الضرورية لتشغيل المصنع، بما في ذلك الإيثان، على المدى البعيد وبسعر ثابت. كما تتولى مسؤولية المبيعات وتسويق المنتجات المكررة، في حين تشارك سوميتومو كيميكال كمسوق للمنتجات البتروكيماوية وكمرخصٍ للتقنيات المستخدمة. ويجري العمل على تطوير المنشأة المتكاملة الجديدة في موقع مصفاة رابغ الحالية التابعة لأرامكو السعودية، التي تنتج 19% من طاقة أعمال التكرير في السعودية في الوقت الراهن. وقد بدأت مصفاة رابغ الحالية الإنتاج في عام 1989 وتقوم بتكرير 400 ألف برميل من النفط الخام يومياً.

ويتمتع مشروع المجمع الجديد، الذي تبلغ كلفته حوالي 10 مليارات دولار، بموقع استراتيجي بالقرب من ميناء رابغ على البحر الأحمر، ومن المخطط إنجازه في الربع الثالث من العام الحالي وأن يباشر عملياته التجارية في الربع الأخير من العام.