السوق الخليجية المشتركة... هل تكسر الحواجز؟

سـعود الأحمد

TT

يوم الثلاثاء الماضي بدأ تطبيق السوق الخليجية المشتركة. لكن السؤال اللافت للنظر: لماذا مر هذا الحدث مرور العابر، وبلا تفاعل إعلامي أو شعبي! أليس المفترض أن لمثل هذا الحدث أصداءه الجمة في الأوساط الإعلامية الاقتصادية؟ لما له من تأثير بالغ على أوضاع الاقتصاد الخليجي، وما سيطال قطاع المال والأعمال ومواطني ومقيمي الدول الست من آثار.

المؤكد أن المجتمع الخليجي لا يدري عن ماهية النقلة التي حدثت بين دول المجلس... فقد نصت المادة الثالثة من الاتفاقية الاقتصادية لدول المجلس، على أن يعامل مواطنو دول المجلس الطبيعيون والاعتباريون في أي دولة من الدول الأعضاء نفس معاملة مواطنيها، من دون تفريق أو تمييز في كافة المجالات الاقتصادية. وبمناسبة البدء في السوق المشتركة، فإنني أتساءل لماذا لم توظف الأمانة العامة لدول مجلس التعاون العربية هذا الحدث. وتعقد مؤتمراً صحفياً تحضره المؤسسات الإعلامية المحلية والدولية. يبين فيه للعامة تفاصيل ما يعني هذا الحدث لمواطني دول الخليج؟ بل أين مساهمة مسؤولي الإعلام بالجهات الرسمية المعنية بترتيبات هذا السوق، ليوضحوا للعامة والمنشآت التجارية بالدول الأعضاء.. من شركات ومؤسسات ورجال أعمال ومستهلكين ومهنيين، ويؤكدوا أن دول المجلس تسعى لتصبح ـ بإذن الله ـ كيانا اقتصاديا واحدا، سيرجح ثقله على الساحة العالمية.

ما الذي يبرر التكتم على تفاصيل آثار مثل هذا الحدث، ليعلن هكذا فجأة! والتوقف عند الحديث عن العموميات، ولا يأخذ حقه من التغطيات الإعلامية. فمما يدور في أذهان الخليجيين: هل ستكسر السوق المشتركة الحواجز التي ما زالت مفروضة؟ ويتوفر (بالفعل) للشركات والمؤسسات الخليجية حرية حركة رؤوس أموالها بين دول المجلس، وتفتح لهم فرصاً جديدة للاستثمار. وهل ستتمتع هذه المنشآت بالتسهيلات الضريبية الممنوحة بدول المجلس وعلى قدم المساواة؟ وماذا عن توحيد السياسات المالية والنقدية لدول المجلس؟ وهل ننتظر عقود كونسورتيوم ضخمة بين بنوك دول المجلس للتمويل والإقراض؟ وهل ستفتح لهذه المنشآت أسواق جديدة لتتكاتف الشركات الخليجية في دعم المشاريع الإستراتيجية، لتصبح هناك نقلة عظيمة في حياة المنشآت التجارية؟ وماذا عن توحيد أنظمة التأمين؟ وعن السوق التجارية الإلكترونية الموحدة؟ وهل سيصبح لدينا سوق خليجية واحدة بكامل حجمه مجتمعاً وبروح جديدة.. بمعنى أن تكون لدينا سوق خليجية واحدة عوضاً عن سوق لكل دولة خليجية.. للعمل التجاري فيه بحرية وسهولة؟ وهل يعني ذلك أننا مقبلون على قاعدة اقتصادية خليجية شاملة؟ وهو بالفعل توجه نحو تكامل اقتصادي لدول المجلس؟ ومن ذلك، ستكون لدينا سوق موحدة للأوراق المالية للشركات الخليجية؟ وعلى الطريق، هل سيشهد عام 2010 عملة خليجية موحدة؟. وهل سيصبح لدينا صندوق احتياطي عملات خليجي موحد وصندوق ثروة سيادي موحد؟

وعلى المستوى المهني.. ما مدى إنعكاس فتح الأسواق الخليجية على بعضها على المهن الحرة؟ فعلى سبيل المثال: هل للمحاسب القانوني الكويتي أن يفتح له فرعا في دبي، أو لمكتب الترجمة البحريني أن يعلن عن خدماته في جدة.. وللطبيب الاستشاري السعودي في تخصص دقيق كجراحة القلب أو زرع القرنيات أن يعلن عن استعداده للحضور خلال فترة محددة... وما هي أزمان تحقيق هذه التطلعات؟! وقس على ذلك.

ولست هنا بصدد طرح التساؤل، لأن المفترض اننا تجاوزنا هذه المرحلة، وأن الوقت آن لنطالب الأمانة العامة للمجلس لتتحدث عن البراهين التي تؤيد ما يُعلن من توجهات.

وفي الختام.. المنتظر أن يعطى للمواطن الخليجي فرصة المشاركة في ما يتم اتخاذه من قرارات، ليتفاعل معها ويقوم بدوره لإنجاحها وترشيدها ودعمها (ما أمكن) ويقوم بمسؤولياته تجاهها. وبهذا الصدد، يقول جون ستيوارت ميل في كتابة «بحث في الحرية»: «تقاس قدرة الدول بقدر أبنائها، فإن هي صغرت من شأنهم وحطمت قيمتهم ليكونوا أداة طيعة في يدها حتى لو كان ذلك من أجل اغراض نافعة، فسوف ترى أنها لن تستطيع ان تؤدي بمعونة رجال صغار كهؤلاء أي عمل عظيم».

* محلل مالي سعودي [email protected]