خبراء: العالم يجد صعوبة في الحفاظ على مستويات إنتاج النفط الحالية

حتى مع وصول سعر البرميل إلى 100 دولار

موظف في إحدى المنشآت النفطية في الكويت («الشرق الأوسط»)
TT

لندن ـ رويترز: وصول سعر النفط الى مائة دولار للبرميل يعطي المصدرين حافزا كبيرا لضخ المزيد لكن صعوبة قيامهم بذلك تظهر أن العالم يجد صعوبة في الحفاظ على مستويات الانتاج الراهنة.

ويشكك عدد متزايد من الشخصيات البارزة في القطاع الان منهم رئيسا توتال وكونوكو فيليبس في توقعات العرض السائدة، مشيرين الى ان بلوغ «ذروة الامدادات» أصبح اقرب مما كان الكثيرون يتصورون.

وفي حين من المتوقع أن ينمو الطلب العالمي على النفط الى أكثر من مائة مليون برميل يوميا في وقت لاحق هذا القرن يقول البعض انه قد لا يكون من الممكن زيادة التدفقات عن المستوى الراهن البالغ نحو 86 مليون برميل يوميا.

ويقول سداد الحسيني المسؤول السابق بشركة أرامكو السعودية الحكومية ان نقص المعروض سيظل قائما حتى بعد حساب ما يطلق عليه النفط غير التقليدي الذي يستخرج من رمال القطران وتحويل الغاز الطبيعي.

وقال الحسيني الذي كان مسؤولا عن التنقيب والانتاج في أرامكو في الفترة من 1986 الى 2002 لرويترز «اسعار النفط اليوم مرتفعة بسبب محدودية المعروض الجديد... منذ سنوات ومستوى الانتاج لا يتغير».

وفي عام 1980 عندما بلغ سعر النفط الخام مستوى مائة دولار بحساب التضخم لاول مرة تسارع ايقاع الحفر من جانب الدول المنتجة وشركات النفط الكبرى مما أدى الى زيادة الانتاج وانهيار الاسعار عام 1986.

ومازال يتعين الانتظار لمعرفة ما اذا كانت الاستجابة ستكون مماثلة هذه المرة حتى مع ارتفاع الاسعار على مدى ست سنوات ليبلغ سعر الخام مائة دولار للبرميل لاول مرة الاسبوع الماضي.

وتقول وكالة الطاقة الدولية التي تقدم المشورة في مجال الطاقة للدول الصناعية ان الامدادات التقليدية من خارج أوبك لم تصل الى المستوى المتوقع في السنوات القليلة الماضية، ويبدو حتى الان انها بلغت «ذروة فعلية». وتضخ الدول المنتجة من خارج أوبك نحو 60 في المائة من النفط العالمي وتضخ دول أوبك وعددها 13 دولة النسبة المتبقية. وتحدد أوبك سقف الانتاج لدولها باستثناء واحدة.

والعديد من دول أوبك لا يمكنها زيادة الانتاج سواء بسبب حرب أو عقوبات أو افتقار للاستثمارات او تراجع الامدادات من حقول متقادمة. وقال شكري غانم أكبر مسؤول نفطي ليبي لرويترز «لا يمكن لاوبك القيام بالكثير... أغلب دول أوبك تنتج بكامل طاقتها».

ويتوقع العديد من المحللين أن ترتفع الاسعار بدرجة أكبر ما لم يتراجع الطلب نتيجة لحالة من الركود.. وهو ارتفاع يرجعه المؤمنون بنظرية اقتراب ذروة الانتاج لقيود على جانب العرض.

وقال كولين كامبل الجيولوجي السابق المختص بالتنقيب والذي يعتبر نفسه من انصار نظرية ذروة العرض ـ عندما يبلغ الانتاج مستوى مرتفعا ثم يتراجع بسرعة ـ «كل مكان اقترب فيه الانتاج من ذروته بدرجة أو بأخرى».

وأضاف «لا يمكنهم ضخ ما يكفي لتلبية الطلب لذلك يرتفع السعر. وبافتراض عدم حدوث أزمة اقتصادية فان الاتجاه الوحيد هو نحو الارتفاع».

واراء كامبيل والحسيني بشأن المعروض تبدو متحفظة بدرجة كبيرة عن اراء الكثيرين.

وتوقعت وكالة الطاقة الدولية التي تعتبر توقعاتها مقياسا رئيسيا لقطاع النفط ان يرتفع انتاج النفط العالمي الى 116 مليون برميل يوميا بحلول عام 2030 من نحو 86 مليون برميل الان.

وافادت بيانات جمعتها شركة بي.بي النفطية في مراجعتها الاحصائية للطاقة في العالم أن احتياطيات النفط المؤكدة البالغة 1.208 تريليون برميل كافية للحفاظ على مستويات الانتاج الراهنة لمدة 40 عاما.

لكن كامبل يعتقد أن امدادات النفط بما فيها النفط غير التقليدي ستبلغ ذروتها في عام 2010.

ويقول الحسيني ان الاسعار المرتفعة ستبقي على مستوى للانتاج لا يتجاوز 85 مليون برميل يوميا لمدة عشرة اعوام. وبعد ذلك يتوقع بداية تراجع طويل وتدريجي في امدادات النفط وسوائل الغاز الطبيعي الى نحو 78 مليون برميل يوميا بحلول 2030.

وتوقعاته أقل بنحو 30 مليون برميل يوميا من توقعات وكالة الطاقة الدولية والحكومة الاميركية.

وقال «قدرة القطاع على ضخ المزيد من النفط بسرعة لم تعد موجودة». ونظرية ذروة العرض التي اقترحها في بادئ الامر الجيولوجي كينج هاربرت عام 1956 لها معارضون يقولون إن التطور التكنولوجي يمكنه مد حياة الاحتياطيات. ولا يرى بعض قادة القطاع داعيا للقلق. وقال توني هايوارد الرئيس التنفيذي لبي.بي في مؤتمر في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي «لست من انصار نظرية ان امدادات النفط بلغت ذروتها بالفعل». لكن اعدادا متزايدة من قادة القطاع بدأت تشكك في الاعتقاد السائد بشأن الامدادات على المدى الطويل. وقال شكري غانم في أكتوبر (تشرين الاول) انه قد لا يكون من الممكن زيادة الامدادات عن مستوى مائة مليون برميل يوميا مع بلوغ الانتاج ذروته في بعض الدول وقلة اكتشافات الحقول الجديدة. وشكك كل من كريستوف دو مارجري رئيس توتال الفرنسية ونظيره رئيس كونوكو فيليبس الاميركية كذلك فيما اذا كان الانتاج يمكن أن يتجاوز هذا المستوى.

وقال رئيس توتال ان المشكلة لا تتعلق بكمية النفط الموجودة في باطن الارض لان التطورات التكنولوجية وفرت مصادر أخرى للنفط. بل ان القيود تتعلق بقدرة القطاع على انتاج النفط بسرعة كافية ودرجة استعداد الدول أو قدرتها على تطوير احتياطياتها. وايا كان من ستثبت صحة توقعاته يقول الحسيني انه لا داعي للقلق اذ ان تراجع النفط سيشجع على الحفاظ عليه وعلى ايجاد مصادر طاقة بديلة. وتابع «على المدى الطويل ستكون هذه الازمة على الارجح هي السبيل الوحيد الى اقتصاد عالمي مستقر».