اقتراحان للتمعن فيهما

TT

اليوم، ونحن نحتفل في السعودية بنجاح اكتتاب «بترورابغ»، وقبله اكتتاب «كيان»، و«ينساب»، وهناك مشاريع حكومية أخرى قادمة، سيتاح للجمهور المساهمة بها، فإننا قد لا نقدّر ما مرت به هذه العملية من مراحل، حتى تم تقبّل مبدأ أن تكون للمواطن مساهمة مباشرة، مع شركة «أرامكو»، أو شركة «سابك»، لأن الفكر السابق كان يحاول إقناع أصحاب القرار بأن دخول المواطن في مشاريع مشتركة مع شركة «أرامكو»، قد يعني التأثير على سيادية «أرامكو»، وهي شركة مهمة للقرار الاقتصادي، على مستوى الوطن. وذات الوضع كان مع شركة «سابك»، والتي أسست الكثير من المشاريع من دون مشاركة مباشرة من الجمهور، وعندما أتيح للشركات المساهمة الدخول مع «سابك» في مشروع أبن رشد، كانت التجربة قاسية، بسبب الخسائر، بحيث لم يكن هناك حماس لتكرار تلك التجربة. وهنا لا بد من الاعتراف بفضل وزارة البترول والثروة المعدنية، والتي فرضت وضعاً جديداً، لصالح كل من المواطن، وشركتي «أرامكو»، و«سابك»، والاقتصاد الوطني بشكل عام، بإصرارها على طرح نسبة من تلك المشاريع العملاقة، للاكتتاب العام.

ونتيجة لذلك الانفتاح، فيما يتعلق بمشاركة المواطن مع الدولة، في استثمارات مشتركة، فالحق أن ذلك الوضع يفتح الشهية، لطرح المزيد من الأفكار، حول تعزيز تلك الشراكات، وذلك من خلال إقتراحين:

الاقتراح الأول: إمكانية فتح مجال الاستكشاف، والتنقيب، واستخراج البترول، والغاز، ونقله، وتكريره، وتسويقه، من خلال تأسيس شركات مساهمة متخصصة، لا تؤثر على قدرة «أرامكو» بالعمل بكل حرية، ولكنها تشرك المواطن في أهم مصدر دخل له، وتشعره بالمشاركة التامة، وهو ما يعزز مفهوم المواطنة بشكل أكبر.

قد يقول قائل إن بعض تلك الأنشطة المرتبطة بالبترول هي إما عالية المخاطر، مثل نشاط الاستكشاف، والتنقيب، أو متواضعة العائد، مثل نشاط التكرير، وهذا صحيح، ولكن سوق الأسهم السعودية ستستفيد من وجود مشاريع استثمارية، طويلة الأجل، لتواجه أسهم المضاربات القائمة حالياً، وربما تساهم في خلق عقلية استثمارية جديدة، تخلق نوعاً من التوازن في سوق الأسهم، ناهيك من أن المستقبل هو لصالح صناعة البترول والغاز، مهما كان الأمر.

الاقتراح الثاني: طالما أن شركة «سابك» مكونة من مشاريع مختلفة، يتجاوز عددها الـ 20 مشروعاً، فماذا لو أتاحت «سابك» للجمهور أن يساهم مباشرة في كل من مشاريعها، بحيث تحقق «سابك»، والدولة، عائداً مباشراً من خلال بيع أسهم تلك المشاريع. وستخلق هذه العملية شفافية اكبر، من خلال مشاركة الجمهور في متابعة أوضاع مشاريع «سابك» الفرعية، كل على حدة، ناهيك من تعميق سوق الأسهم السعودية.

إن هذه المرحلة هي فرصة ذهبية، للاستفادة من السيولة النقدية المتوفرة، للدفع باتجاه المزيد من التحرر الاقتصادي، وتعميق مفهوم الشراكة بين القطاعين، الحكومي والخاص، ناهيك عن جذب الأموال الخارجية، إلى إقتصادنا.

قد تبدو هذه الاقتراحات ثورية، وقد ترفض من أول وهلة، ولكن أرجو التمعن فيها، ففيها الكثير من الخير، لكل الأطراف.

* اقتصادي سعودي [email protected]