ملامح منافسة أوروبية ضارية للفوز بعقود مشاريع «سكك الحديد» في السعودية

شركات فرنسية ترصد 14.6 مليار دولار و15 مصنّعا بريطانيا متخصصا يجوبون 3 مدن رئيسية

TT

بدأت في الأفق ملامح منافسة أوربية ضارية محورها مشاريع «سكك الحديد» على الأراضي السعودية التي تتهيأ حاليا لبناء شبكة واسعة من سكك الحديد لأغراض تجارية ومدنية تربط شرق البلاد بغربها وشمالها بوسطها. وفتحت تأكيدات نيكولا ساركوزي الرئيس الفرنسي أمس الاثنين في الرياض، أن شركات فرنسية ستوقع مع السعودية في الأسابيع والأشهر المقبلة «عقودا ضخمة»، لافتا إلى أن مجمل قيمة العقود المحتملة تبلغ 58.5 مليار دولار(219.6 مليار ريال) مع الأجهزة الحكومية والخاصة السعودية.

وبحسب معلومات حصلت عليها «الشرق الأوسط» فإن قيمة المخصصات التي رصدتها الشركات الفرنسية لسكك الحديد ومشاريعها من مجمل قيمة المرصود تقدر بنحو54.9 مليار ريال (14.6 مليار دولار) مخصصة لمشاريع مدنية أهمها ملف سكك الحديد وشبكة القطارات السعودية لاسيما ما يخص القطارات السريعة في العاصمة الرياض وسكة حديد مكة ـ المدينة السريع، وسكة حديد عملاقة في الرياض ـ جدة.

وكان ساركوزي قد لفت إلى أن الأمور تسير بشكل «جيد جدا» مع السعودية، وأن هناك عقودا ضخمة في المجالين المدني والعسكري، مبينا أنه خلال مجمل رحلته هناك 40 مليار يورو من العقود المحتملة يجب وضع أسس لهذه العقود، لاسيما أنه «غّير أسلوب عمله»، لانجاز هذه العقود، بحسب تعبيره. إلى ذلك، أكد المهندس عبد العزيز الحقيل الرئيس العام للخطوط الحديدية، أن المرحلة الفنية من الجسر البري قاربت على الانتهاء، مفيدا بأن المؤسسة الآن في الخطوات الأخيرة من هذه المرحلة والتي تم خلالها إرسال عدد من الاستفسارات للائتلافات المشاركة في المنافسة والتي وردت إلى المؤسسة وهي الآن بصدد دراستها. وأكد الحقيل أن المرحلة التالية هي مرحلة دراسة العروض المالية المقدمة من قبل الائتلافات المتقدمة للفوز بالمشروع والتي ستكون خلال الثلاثة أشهر المقبلة، حيث سيحدد بعدها من هو الفائز بالمشروع.

ويبدوا أن عام 2008 سيكون موعدا لعودة أنظار قوى صناعة سكك الحديد وتوابعها في العالم مجددا للسعودية، إذ وطأت أمس أقدام مجموعة من الشركات البريطانية العالمية المتخصصة في صناعة السكك الحديد التي تعد من أبرز القطاعات الحيوية التي تتجه السعودية لإنشائها وبناء هيكلها لتقديم خدمات النقل التجاري والعام. وتستمر السعودية حاليا في تأهيل الشركات والائتلافات العالمية المتقدمة للظفر بأكثر من مشروع لسكك الحديد تشرف عليه وزارة النقل السعودية ومؤسسة السكك الحديدية الحكومية وهي مشروع خط الرياض الشمال، حيث تمت المباشرة في تنفيذه من قبل وزارة المالية، بينما لا يزال العمل جاريا في مشروع خط الشرق ـ الغرب مع الشركات المؤهلة التي قدمت عروضها الفنية، بانتظار أن تقدم عروضها المالية، بينما يتركز مشروع سكك الحديد الثالث في خط جدة ـ مكة المكرمة والمدينة المنورة السريع حيث تم تأهل مجموعة شركات وتسليمها وثائق المشروع بانتظار أن تقدم عروضها في مارس (آذار) المقبل.

وأوفدت بريطانيا حاليا هيئة صناعة السكك الحديدية التجارية إلى السعودية بوفد يضم 15 شركة ومصنعا ومورّدا متخصصا، حيث يزور 3 مدن رئيسة هي الدمام والرياض وجدة. حيث تجري الآن مباحثات مع القطاع الخاص السعودي وتقدم منتجاتها وخبراتها أمام المختصين بقطاع السكك الحديدية بما في ذلك المنظمات الحكومية والشركات الخاصة المشاركة في المشروعات الرئيسة بالسعودية.

وتقوم الشركات المشاركة بتغطية جميع مجالات قطاع السكك الحديدية بما في ذلك التخطيط والتصميم والبناء والتشغيل والصيانة، وكذلك جميع الأنظمة الفنية والتقنية المتعلقة بالسكك الحديدية، وذلك ضمن سعيها للفوز بفرص بيع وتسويق وعقود شراكات بالإضافة الى احتمال الاستثمار المحلي في الخدمة خلال العقود المستقبلية.

وأفادت معلومات رسمية بأنه تم الترتيب الكامل لتلك الشركات للالتقاء مع مجموعة كبيرة مع كيانات القطاع الخاص المحلي في السعودية وذلك للنظر في ملفات مهمة منها تقديم الخدمات العامة لبعض النشاطات والمجالات في السكك الحديدية لاسيما أن تلك الشركات لديها خبرة واسعة وتجربة طويلة على صعيد خدمات القطارات وسكك الحديد.

وتمثل هيئة صناعة السكك الحديدية مركز أعمال للصناعة في بريطانيا وتضم عددا ضخما من الأعضاء العاملين في مجال سكك الحديد يبلغ عددهم 140 شركة تمثل مجموعة عالمية رئيسة والعديد من شركات الأعمال المتخصصة التي تقدم تنوعا واسعا من المعدات والخدمات والخبرات.

وتقوم المؤسسة العامة للخطوط الحديدية في السعودية بتشغيل وصيانة عدد من القاطرات في البلاد بين مدينتي الرياض وسط البلاد والدمام على ساحل الخليج العربي، حيث يقدر عددها بـ2277 عربة لنقل الركاب وأنواع البضائع الصلبة والسائلة والسائبة، وعربات خاصة بالشحن يضاف لها وجود مراكز لصيانة القاطرات إضافة إلى إنشاء الميناء الجاف بمدينة الرياض. ونظرا لرغبة الحكومة السعودية لتوسيع الشبكة والاستفادة منها، فقد تم اعتماد مشاريع ربط الشمال بالوسط والشرق بالغرب تتضمن مشاريع متعددة، حيث سيمتد مشروع الشرق بالغرب من ميناء جدة الإسلامي على البحر الأحمر وحتى ميناء الملك عبد العزيز بالدمام وميناء الملك فهد بالجبيل بالمنطقة الشرقية على الخليج العربي. حيث يبلغ طوله 950 كيلومترا ويشكل الخط القائم حالياً جزءا من هذا الخط، حيث سيعمل على سير المنقولات الرئيسة لاسيما الحاويات القادمة للأسواق المحلية، إضافة إلى الحاويات من غرب السعودية إلى بعض دول الخليج العربي.

أما خط الشمال ـ الجنوب فسيربط العاصمة الرياض بمنطقة حزم الجلاميد شمال السعودية بطول 1408 كيلومترات، كما سيتم ربط مدينة الجبيل بمدينة الدمام ـ شرق البلاد ـ بخط يبلغ طوله 115 كيلومترا، وكذلك ربط جدة بمكة المكرمة والمدينة المنورة مع وصلة لربط ينبع وبطول يبلغ 570 كيلومترا. حيث ينتظر أن يساهم هذا الخط في خدمة ونقل ضيوف الرحمن في مواسم الحج والعمرة والزيارة.