السعودية: مطالب بضبط «الخيار المتاح» لكبح جماح «التضخم» بعد وصوله إلى 6.5%

ارتفع لأعلى مستوى له في 12 عاما.. وخبراء اقتصاديون يوصون بـ«حصر» السيولة

TT

ارتفعت المناداة في السعودية بضبط «الخيار المتاح» أمام السلطات الاقتصادية السعودية بمختلف مستوياتها وتنوع أنشطتها للمساعدة في كبح جماح حركة «التضخم» التي تم الكشف عن مستوى حدتها أمس بوصول معدلها إلى 6.5 في المائة بنهاية العام 2007 تمثل أعلى رقم تضخم منذ 12 عاما.

وطالب خبراء اقتصاديون سعوديون أمس بأهمية توجه الدولة لضبط العوامل المتاحة على الأقل لإيقاف ارتفاعات مؤشر التضخم في البلاد لاسيما أن هناك خيارات يمكن التعامل معها داخليا في الوقت الذي يمكن فيه تلمس الأعذار لبعض العوامل الخارجة عن التحكم والإرادة.

وقال لـ«الشرق الأوسط» محمد العمران، وهو خبير مالي ومراقب للسياسات المالية والنقدية السعودية، إن مؤشر التضخم سيمضي قدما ليحقق معدلات أعلى مما هو مسجل وهو الأمر الذي لا بد أن يوافقه تحرك داخلي من قبل السلطات الاقتصادية والمالية في البلاد منها زيادة جرعة ضبط السيولة وتوافرها داخل البلاد إضافة إلى ما هو معمول به حاليا من زيادة نسبة الاحتياطي القانوني لدى البنوك وكذلك استمرار سياسة الترشيد في الإنفاق الحكومي.

ولفت العمران إلى أهمية الذهاب نحو زيادة جرعة المراقبة وتكثيف آليات المتابعة للمواد والخدمات لاسيما ما يخص الجانب الاستهلاكي والتجاري منها كالمواد الغذائية ومواد البناء والإيجارات وخلافه إذ من شأنها أن تعين على ضبط التضخم وتقليل من تأثيراته مشيرا إلى أنه برغم التزام بعض التجار إلا أن هناك ممارسات استغلالية تدعم حركة التضخم.

وأفاد العمران أن من بين الخيارات التي في متناول السلطات الاقتصادية السعودية هو إيقاف حركة التصدير خاصة لبعض المنتجات الرئيسية لاسيما أن هناك اندفاعا لعملية التصدير لبعض المواد الأساسية والاستهلاكية والغذائية، مبينا أن تقليصها سيدفع لخفض الأسعار.

إلى ذلك، يرى عبد العزيز البركات وهو خبير اقتصادي سعودي أن المجالات المتاحة متعددة لاسيما عند النظر إلى جدية التوجه نحو ربط العملة بسلة وتنويع عملة الشراء والإيداع بالعملات الرئيسية في العالم، مؤكدا في الوقت ذاته أن أي توجه فيما يخص «التضخم» لابد أن تراعى فيه شمولية اتجاهات الاقتصاد المحلي ومراقبة الاقتصاد العالمي.

وزاد البركات في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن الحديث عن «رفع الرواتب» في الفترة الحالية يعتبر «خيار ضعيف» وربما سيسجل قفزة ملموسة في حركة التضخم، مبينا أن سياسة الدعم على بعض المنتجات كما عمل للأرز والحليب ربما تكون أكثر فائدة وفعالية للمستهلكين وتحد نسبيا من حركة «التضخم».

وأظهرت بيانات الإدارة المركزية للإحصاء أمس أن وتيرة ارتفاع التضخم الذي يواصل صعوده منذ مايو «أيار» الماضي في السعودية صاحبة أكبر اقتصاد في المنطقة العربية تسارعت من مستوى 6 في المائة في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الذي تجاوزت فيه زيادة الإيجارات 15 في المائة. في حين أظهرت البيانات أن الإيجارات تمثل السبب الرئيسي في ارتفاع التضخم في نوفمبر إذ زادت بنسبة 4.15 في المائة مقارنة مع 7.11 في المائة في الشهر الماضي، بينما استقر التضخم في أسعار المواد الغذائية في الشهر الحادي عشر من العام الماضي 2007 على 5.7 في المائة. وتناولت الأنباء المتواردة أمس عن مسؤول بوزارة الاقتصاد والتخطيط أن مؤشر كلفة المعيشة بلغ 2.110 نقطة في 31 ديسمبر (كانون الأول) ارتفاعا من 5.103 نقطة قبل عام، مشيرة إلى أن سياسة ربط الريال بالدولار تقيّد مؤسسة النقد العربي السعودي «البنك المركزي» في سعيها لاحتواء التضخم حيث يضطرها ذلك لاقتفاء أثر السياسة النقدية الأميركية في وقت يعمل فيه مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) على خفض الفائدة.

يأتي ذلك في وقت استبعد فيه بنك ستاندرد تشارترد العالمي أن تتخلى دول الخليج المنتجة للنفط عن ربط عملاتها بالدولار، مفيدة أن الارتفاع بنسبة تبلغ 8 في المائة في قيمة الريال أمر مرجح إذا واصل الدولار الأميركي انخفاضه.

وستكون السعودية قريبا أمام تحد آخر مع توقع أن يخفض مجلس الاحتياطي الاتحادي أسعار الفائدة نصف نقطة مئوية في اجتماعه الشهر الجاري، كما أكدت «مؤسسة النقد» أنه ليس لديها خطط لتغيير سياسة الصرف، الأمر الذي يصفه بنك ستاندرد تشارترد بأن منطقة الخليج تعوزها فعليا مرونة السياسات للتعامل مع المشكلة الاقتصادية المتمثلة في ارتفاع التضخم.