تقرير: الصين قد تصبح المصدر الأول للتلوث في العالم

مع تحولها لثاني أكبر مستهلك للطاقة بعد أميركا

TT

تجتمع العديد من شركات خدمات الطاقة في مؤتمر يعقد في بكين هذا الأسبوع لمراجعة حصاد صناعة تمكنت من توفير قدر من الطاقة خلال عامي 2006 و 2007 يعادل استهلاك فرنسا من الفحم خلال العامين السابقين.

تقول الوكالة الدولية للطاقة إن الفحم يساهم بنسبة تصل إلى 30 في المائة من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون في العالم، وتعتبر الصين المصدر الأكثر وفرة في الطاقة حيث قامت بتوفير الإمدادات اللازمة لحوالي 62 في المائة من الاحتياجات الصينية من الطاقة عام 2004. وعلى الرغم من بقاء نصيب الفرد من الطاقة منخفضا عن مثيله في أوروبا، أو الولايات المتحدة، فقد أصبحت الصين ثاني أكبر مستهلك للطاقة في العالم. ومن المتوقع أن يصل إسهامها في الانبعاثات الجديدة لغاز ثاني أكسيد الكربون إلى 40 في المائة من الإجمالي العالمي بحلول عام 2030 إذا لم يتم اتخاذ التدابير اللازمة لخفض انبعاث هذه الغازات.

وقال بوب تايلور، كبير أخصائيي الطاقة بالبنك الدولي، إن الجهود المبذولة في عشر سنوات لتحقيق خفض ملموس في الطاقة المفقودة وغازات الاحتباس الحراري من خلال ضمان المشاركة المسؤولة من قبل أنشطة قطاعات الأعمال الأساسية قد بدأت في «التماسك ومواصلة التقدم المطّرد» على أرض الواقع في الصين.

وقامت الحكومة الصينية في عام 2005 بتحديد هدف طموح بشأن خفض استخدام الطاقة لكل وحدة من وحدات إجمالي الناتج المحلي بنسبة 20 في المائة خلال الفترة بين عامي 2006 و2010. ويشير تايلور إلى أن نسبة 20 في المائة تشكل «هدفا صعب المنال».

وبالفعل، فقد صرح رئيس الوزراء الصيني وين جياباو العام الماضي بأن استهلاك الصين من الطاقة لكل وحدة من وحدات إجمالي الناتج المحلي انخفض فقط بنسبة 1.23 في المائة عام 2006، وهو ما يقل كثيرا عن مستوى الخفض المستهدف لعام 2006 والبالغ 4 في المائة.

ولكن تايلور الذي عمل في مشروعات الطاقة المشتركة بين البنك الدولي والصين على مدى 25 عاما يرى أن « مستوى التزام الصين مرتفع للغاية».

واضاف قائلا «إنني لم أر مطلقا في أي بلد آخر، مثلما رأيت في الصين، دفعا قويا واهتماما جادا بحفظ الطاقة والاقتصاد في استهلاكها من أعلى مستوى في البلد إلى القاعدة.. يفهم الزعماء في الصين بصورة جيدة أن بلادهم لا يمكن أن تواصل هذا النمو السريع للغاية مع استهلاك موارد الطاقة بنفس الدرجة التي عليها كفاءة استخدام هذه الموارد في الوقت الحالي. ويمكنك أن ترى بسرعة أنه لم يعد في العالم ما يكفيه من الطاقة».

وبدأت شركات خدمات الطاقة (ESCOs)، التي تشمل مهامها مساعدة الصناعات على ترشيد التكلفة من خلال ترشيد استخدام الطاقة، في الظهور في مختلف أنحاء الصين حتى بلغت المائة شركة على الأقل في الوقت الحالي، صعودا من ثلاث شركات فقط عام 1998.

يقول تايلور إن هذه النتائج تظهر أن جهود صناعة شركات خدمات الطاقة لحفظ الطاقة تحمل في طياتها القدرة على إحداث خفض كبير في استخدام الصين المتزايد للفحم، الذي يشكل مصدرا رئيسيا لغازات الاحتباس الحراري.

ويستطرد تايلور قائلا «إن كفاءة استخدام الطاقة سوف تحقق معظم العوامل اللازمة وأسرعها» من أجل خفض كميات ثاني أكسيد الكربون المنبعث من احتراق الفحم في الصين. ويضيف تايلور أن الصناعات الصينية هي الأكثر استخداما للفحم في العالم.

يقول تايلور إن مفهوم شركات خدمات الطاقة، الذي استحدثه البنك في مساندته للصين في عام 1997، قد «استثار الخيال واستنهض طاقات الإبداع لدى واضعي السياسات الرئيسية المعنية بتحقيق كفاءة استخدام الطاقة» بوصفه وسيلة جديدة لتشجيع الاستثمارات التجارية في هذا المجال.

وقد بدأت صناعة الحفاظ على الطاقة في الصين بثلاث شركات لخدمات الطاقة أنشأها عام 1998 مشروع الصين لحفظ الطاقة الذي تكلف 151 مليون دولار أميركي بمساندة من الحكومة الصينية، والبنك الدولي، وصندوق البيئة العالمية، واللجنة الأوروبية وذلك في كل من شاندونج ولياوننج وبكين.

وفي عام 2006، قامت نحو 100 شركة من شركات خدمات الطاقة بتمويل أكثر من 400 مشروع لحفظ الطاقة في 16 مقاطعة صينية باستثمارات بلغ مجموعها 280 مليون دولار أميركي. ويقول تايلور إنه مع مزيد من النمو السريع الذي شهده العام الماضي، فإن مستويات الاستثمار عام 2007 يمكن أن تبلغ مثلي هذه الاستثمارات.

ومن المتوقع أن تسفر المشروعات التي بدأ تنفيذها في عامي 2005 و2006 عن توفير في استهلاك الطاقة بما يعادل 18 مليون طن و21 مليون طن من الفحم في هذين العامين على التوالي، وهو ما يزيد كثيرا على «المستويات التقديرية» المستهدفة أصلا طبقا لتقييم هذا البرنامج في الآونة الأخيرة.

ويشير تقرير صدر أخيرا عن البنك الدولي عن أساليب عمل البنك المبتكرة في الصين إلى أن حجم الاستثمارات الجديدة في مجال كفاءة استخدام الطاقة، من خلال الاستعانة بشركات خدمات الطاقة، يمكن أن يصل إلى بليون دولار أميركي في غضون ثلاث إلى خمس سنوات، الأمر الذي سيحقق توفيرا في الطاقة يتراوح على وجه التقريب بين 70 و80 مليون طن من مُكافئ الفحم طوال دورة حياة هذه المشروعات التي يساندها البنك.

من الجدير بالذكر أن شركات خدمات الطاقة تقوم، في ظل نموذج أعمالها القائم، باستخدام عقود الأداء المبتكرة لتمويل مشروعات كفاءة الطاقة التي من شأنها توفير الأموال من خلال ترشيد استهلاك الوقود أو الكهرباء.

وتشتمل هذه المشروعات على عمليات إصلاح وتجديد الغلايات والمراجل، والارتقاء بمستوى التكنولوجيا المستخدمة في أنظمة الاحتراق، وتجديد الأفران والمواقد، واسترداد الغاز أو الحرارة وإعادة استخدامها، وتطوير نظم المولدات ومحركات الدفع، وإحلال أنظمة التبريد وتجديدها، وإصلاح الشبكات الداخلية للإمداد بالكهرباء، وتجديد أنظمة التدفئة والتهوية وتكييف الهواء باستخدام أساليب ومعدات مبتكرة، بل إن هذه العمليات اشتملت حتى على استبدال لمبات الإضاءة وتغيير أنواعها.

ويتم دفع نسبة كبيرة (تبلغ عادةً 80 في المائة) من التوفير المقدر في التكلفة إلى الشركات إلى أن تؤتي هذه الاستثمارات ثمارها، ويستغرق ذلك عادة ما بين سنة وثلاث سنوات. ونظرا لدفع قيمة الاستثمارات من التوفير المحقق فإن الشركات المضيفة المشاركة في التنفيذ تحصل على معدات أكثر كفاءة لاستخدامها لسنوات من دون أن تتكبد أية مصروفات نقدية.

اقترضت شركة «كين آن» للهندسة والميكانيكا المحدودة، في تشونج كينج، 2.1 مليون دولار أميركي من خلال برنامج تمويل كفاءة الطاقة في مرافق الصين CHUEEالتابع لمؤسسة التمويل الدولية وذلك لإجراء تحسينات من شأنها توفير 960 ألف كيلووات من الكهرباء سنويا.

ويضيف تايلور أن مفهوم شركات إدارة الطاقة ينطوي تحديدا على جاذبية خاصة بالنسبة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة الحجم في مجالات كفاءة استخدام الطاقة. إلا أن الصين في حاجة أيضا إلى استثمارات أكبر حجما وأوسع نطاقا في ميادين كفاءة الطاقة من أجل خفض مستويات استخدام الطاقة من جانب صناعة الصلب والصناعات الأخرى المعتمدة على كثافة استخدام الطاقة، ولا سيما في ضوء استمرار النمو السريع في الاقتصاد الصيني.