دافوس: الصناديق السيادية محط أنظار المنتدى الاقتصادي العالمي

وسط توقعات أن ترتفع الثروات الخليجية الى نحو تريليوني دولار

وصلت قيمة الأصول الخليجية في عام 2007 الى نحو 1.8 تريليون دولار (خدمة «كي.آر.تي»)
TT

مع تصاعد الحديث عن الأموال الضخمة التي تضخها صناديق الثروات السيادية لشراء حصص معتبرة في اهم المؤسسات والمصارف العالمية، يسلط المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس الضوء على نشاط هذه الصناديق بشكل واضح.

ومع احتدام النقاش بشأن ما اذا كانت هذه الصناديق التي تتمتع بسيولة وفيرة يدور جدل واسع حاليا على المستوى العالمي حول هذه الصناديق وتساؤلات ما اذا كانت منقذ أسواق المال في العالم أم أنها تمثل تهديدا للاستقرار الاقتصادي.

وتصدرت صناديق الثروات السيادية التي تدير أصولا مملوكة لدول تزيد قيمتها على تريليوني دولار الأخبار الاقتصادية في الاشهر القليلة الماضية بضخ سيولة رأسمالية قدرها 60 مليار دولار في مؤسسات مصرفية منيت بخسائر في أزمة الرهن العقاري بالولايات المتحدة.

وبرزت ضخامة استثمارات هذه الصناديق هذا الاسبوع عندما ضخت صناديق من اسيا والشرق الاوسط ما يقرب من 20 مليار دولار في سيتي غروب وميريل لينش.

يأتي في وقت أفاد فيه «معهد التمويل الدولي» التابع للبنك الدولي ان حجم الأصول المالية الخليجية في العالم سيتجاوز حدود تريليوني دولار نهاية سنة 2008، مع استمرار الأسعار العالية للنفط ومردود الاستثمارات الخارجية.

وقال تفرير «معهد التمويل الدولي» بأن ثروات القطاعين الخاص والعام لدول الخليج سترتفع من 1795 مليار دولار في نهاية 2007 إلى اكثر من تريليوني دولار مع نهاية السنة الحالية. يشار الى ان قيمة هذه الأصول بلغت 1.6 تريليون دولار في عام 2006.

وقال المعهد ان امارة ابوظبي تحتل الرتيب الاول بحجم الاصول في عام 2007 وتملك لوحدها تملك 850 مليار دولار، تبعتها ثانيا السعودية بحجم اصول تبلغ 540 مليار دولار، ثم الكويت بأصول قيتها 280 مليار دولار. ويقدر المعهد ان فائض في ميزان الحساب الجاري دول الخليج سيرتفع الى 250 مليار دولار مع نهاية العام الحالي، من 215 مليار دولار في عام 2007. كما توقع المعهد ان يصعد الناتج المحلي الاجمالي لدول مجلس التعاون الخليجي الى نحو 912 مليار دولار في عام 2008 من نحو 799 في العام الماضي. وبدأت هذه الصناديق التي تسعى لايجاد أوجه استثمار للسيولة الكبيرة لديها تغير صورة الاسواق العالمية التي جفت فيها السيولة أمام صناديق التحوط والاستثمار الخاص.

وقال فيليب فاينتراوب، مدير المحافظ بشركة سكاغن غلوبل النرويجية «الاسواق الصاعدة كانت على مستوى اسمها وأصبحت الان كتلة اقتصادية أكبر من الولايات المتحدة. هذه دول تقدم مساعدات طارئة للدول الغنية في العالم».

وأضاف «والآن انفتحت شهيتها على المخاطرة لزيادة العوائد. وهنا يواجه (الغرب) معضلة. فأنت بحاجة الى هذا المال لكنك لا تريد التخلي عن السيطرة، ولا تريد أن تبيع جزءا يمثل قطعة مهمة من البنية التحتية لديك».

وفي منتجع دافوس السويسري ستتاح لقادة قطاع الأعمال فرصة نادرة للاختلاط بمديري صناديق الثروات الكبرى في العالم خلال اجتماع المنتدى الاقتصادي العالمي.

ويشارك في الجلسة الخاصة بالصناديق السيادية يوم الخميس المقبل عدد من كبار المتحدثين في هذا المجال منهم بدر السعد العضو المنتدب لهيئة الاستثمار الكويتية ومحمد الجاسر نائب محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي) واليكسي كودرين وزير المالية الروسي وكريستين هالفورسن وزير المالية النرويجي وروبرت كيميت نائب وزير الخزانة الأميركي.

ولان من المتوقع أن تصل قيمة أصول الصناديق السيادية الى 12 تريليون دولار بحلول عام 2012 أي نحو عشر اجمالي الاصول المالية في العالم فقد أدى نموها السريع واستراتيجياتها التي كثيرا ما يكتنفها الغموض الى دق نواقيس الخطر في الدول المتقدمة.

ويخشى رجال السياسة أن تتحول هذه الصناديق سريعة النمو الى الاستثمار بدوافع سياسية لا بدوافع اقتصادية فحسب وأن تتولى زمام شركات مهمة للأمن الوطني. وقد حذر السناتور الديمقراطي الأميركي ايفان بايه من أن نقص الشفافية يضعف نظرية فعالية الاسواق التي يقوم عليها النظام الاقتصادي الأميركي.

وقال لـ«رويترز» مارك سبلمان، رئيس الاستراتيجيات العالمية بشركة اكسنتشر«سيدور نقاش هائل حول صناديق الثروة السيادية في دافوس». وأضاف«بدأ الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة بالفعل العمل معا لضمان وجود شفافية».

ويرى البعض أن الصناديق السيادية لها أفق استثماري أبعد وقدرة أكبر على تحمل التقلبات في قوائمها المالية من صناديق التحوط وشركات الاستثمار الخاص ومن ثم فانها توفر مصدرا مطلوبا للسيولة والاستقرار لا التقلبات في الاسواق.

وقال لـ«رويترز» ستيفن جين رئيس أبحاث العملات لدى مورغان ستانلي، في مذكرة ان الصناديق السيادية يجب أن تكون عاملا ايجابيا في الاسواق بصفة عامة ما دامت تعمل على تحسين السيولة في الاسواق خاصة لانها لا تتحرك «بمنطق القطيع» مثل الاشكال الاخرى للتدفقات المالية قصيرة الاجل.

كما أن الصناديق الحديثة نسبيا التي تملك سيولة ضخمة لكن خبراتها الاستثمارية قليلة تتيح فرص الربح في عالم الاستثمار. وترى مورغان ستانلي أن الصناديق السياسية عموما قد تسمح لمستثمرين خارجيين بادارة نحو 20 في المائة من أصولها في السنوات الخمس المقبلة.

ولبعض مديري الصناديق السيادية يتيح المنتدى الاقتصادي العالمي فرصة مثالية لاجتذاب الخبرات في اطار بحثهم عن المواهب التي يمكنها تعظيم العوائد الاستثمارية على ثرواتها الضخمة. فالضغوط على هؤلاء المديرين لزيادة العوائد هائلة.