دافوس: المنتدى الاقتصادي العالمي ينطلق اليوم وسط اضطراب «خطير» في الأسواق العالمية

بمشاركة 27 رئيس دولة وحكومة و113 وزيرا ونحو 10 رؤساء منظمات دولية

TT

تنطلق اليوم الأربعاء أعمال منتدى دافوس الاقتصادي العالمي بسويسرا، الذي سيعقد تحت عنوان «قوة الابتكار والتعاون» بحضور مئات من زعماء أكبر شركات العالم والمسؤولين السياسيين والاقتصاديين في منتجع دافوس السويسري. ومن المرجح أن يكون المناخ العام للاجتماع أقل تفاؤلا بكثير عما كان عليه قبل عام عندما كان الاقتصادي العالمي لا يزال ينعم بواحدة من أطول فترات النمو منذ الحرب العالمية الثانية.

ويتركز الاجتماع السنوى لمنتدى دافوس الاقتصادي لعام 2008 على 5 محاور رئيسة ـ التجارة: التنافس في إطار التعاون، الاقتصاد والمالية: التصدي لانعدام الامن الاقتصادي، الجغرافيا السياسية: التوفيق بين المصالح عبر الانقسامات، العلوم والتكنولوجيا: استكشاف آفاق جديدة للطبيعة، القيم المجتمع: فهم تحولات المستقبل.

وتعقد النخبة في عالم الاعمال والسياسة اجتماعها السنوي في منتجع دافوس الجبلي السويسري الاسبوع المقبل تحت ظلال الازمة المالية الناجمة عن مشكلة الرهن العقاري عالي المخاطر.

وشتان ما بين اليوم والأمس، حيث عقد المشاركون في المنتدى الاقتصادي العالمي اجتماعهم السنوي السابق والعالم ينعم بنمو اقتصادي مستقر وطفرة في قطاعي الاستثمار الخاص وعمليات الاستحواذ تعززها الائتمانات الرخيصة.

وقال كلاوس شواب مؤسس المنتدى «من المؤكد أن المحادثات في دافوس ستهيمن عليها التحديات الاقتصادية التي تواجهنا في هذه اللحظة، وهي عواقب أزمة الرهن العقاري عالي المخاطر وانتقال رؤوس الاموال من الدول المستهلكة للطاقة الى الدول المنتجة للطاقة».

وبعد أن كانت شركات الاستثمار الخاص وصناديق التحوط نجم العام الماضي، فمن المرجح أن تصبح صناديق الثروة السيادية التي تستثمر مليارات الدولارات من احتياطيات دول معظمها نامية مصدر الجذب الرئيس هذا العام. ومما يعكس التحولات العالمية فان أكثر من 20 في المائة من كبار رجال الاعمال الذين سيشاركون في منتدى دافوس هذا العام هم من الدول النامية.

وقال شواب ان تحذيرات من مدى هشاشة النظام الاقتصادي العالمي صدرت العام الماضي وسط التفاؤل العام، ولكن لم ينصت لها الكثيرون. وقال شواب إن لقاء هذا العام يضم عمليا كل من له أهمية في عالم المال والاقتصاد لبحث التحديات التي يواجهها الاقتصاد العالمي. ومثلما حدث في السابق فسيتيح المنتدى أيضا منبرا لزعماء دول مجموعة الثماني الغنية الذين يرأسهم هذا العام رئيس الوزراء الياباني ياسو فوكودا لطرح أجندة أعمالهم لعام 2008.

وستلقي وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس كلمة أمام الجلسة الافتتاحية للمنتدى التي ستتناول قضيتين رئيستين تواجهان العالم، وهما التغيرات المناخية والإرهاب.

وسيحضر منتدى دافوس اكثر من 2500 مشارك من 88 دولة من بينهم 27 رئيس دولة أو حكومة و113 وزيرا ونحو عشرة من رؤساء المنظمات الدولية. وسيشارك خصوصا الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون اضافة الى المدير العام لمنظمة التجارة العالمية باسكال لامي والمدير العام لصندوق النقد الدولي دومينيك ستروس ـ كان ورئيس البنك المركزي الاوروبي جان كلود تريشيه. يشارك الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى اليوم الأربعاء في أعمال منتدى دافوس.

وقال مصدر مسؤول بالأمانة العامة للجامعة العربية، إن موسى سيجري العديد من اللقاءات المهمة مع الوزراء والشخصيات رفيعة المستوى المشاركة في أعمال المنتدى، وفي مقدمتهم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ووزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس، بجانب عدد من وزراء الخارجية العرب والأجانب فضلا عن مبعوث اللجنة الرباعية الدولية تونى بلير.

وأضاف المصدر أن الأمين العام للجامعة العربية سيشارك في جلستين من جلسات المنتدى، الأولى تتعلق بالأوضاع في العراق والثانية تتناول الأوضاع على الساحة الفلسطينية.

كما ينتظر أن يشارك عدد كبير من محافظي البنوك المركزية في المنتدى. وسيشارك في المنتدى 1370 رئيس شركة يمثل بعضهم 74 شركة من بين أكبر 100 شركة على مستوى العالم، حسب تصنيف مجلة فورتشن أو فوربز ومن بينهم بيل غيتس رئيس مجلس ادارة مايكروسوفت ولويد بلانكفين الرئيس التنفيذي لبنك غولدمان ساكس وكارلوس غصن الرئيس التنفيذي لرينو ـ نيسان.

وقال مؤسس المنتدى كلاوس شواب بمؤتمر صحفي في جنيف إن مفهوم التعاون الآن يعني «شراكة بين المؤسسات الاقتصادية والحكومات ومنظمات المجتمع المدني»، واستند في ذلك إلى أهمية التنمية العالمية في تحسين المسارات الاقتصادية التي تؤدي إلى تحسين حالة العالم.

وأضاف البروفسور الألماني الأصل والمتخصص في الاقتصاد أن دورة هذا العام ستركز على خمسة محاور أساسية أولها التنافس والتعاون في مجالات الأعمال انطلاقا من تداخل الاهتمامات وتقاطع المصالح بين الشركات، وكيفية التوصل إلى روح الفريق في العمل بين الشركات المتعددة الجنسيات، للتقليل من الخسائر والتمتع بأكبر قدر من المكاسب.

وأما المحور الثاني فسيعالج مشكلة «التجارة في ظل مناخ اقتصادي غير آمن»، حيث ستطرح انعكاسات أزمة الرهن العقاري الأميركية نفسها بقوة على أعمال المنتدى، وخاصة في ظل مواصلة تداعياتها، ويفترض أن يطرح الخبراء أفكارا لتفادي تداعيات تلك الأزمة على الاقتصاد العالمي ومعدلات النمو المرجوة.

ويركز المحور الثالث على «كيفية تجاوز الخلافات لتحقيق الاهتمامات المشتركة»، حيث تتحول أسواق العالم من عام إلى آخر إلى حلبات للتنافس لا تكون نزيهة دائما.وأما المحور الرابع فيركز على الجانب العلمي عبر مناقشة كيفية «استكشاف آفاق جديدة في الطبيعة» والاستفادة منها في خدمة البشرية، بينما يحاول المحور الخامس فهم «التحولات المستقبلية في قيم المجتمع» نتيجة المتغيرات التي أحدثتها ثورة الاتصالات والمعلوماتية والعولمة.

ويطرح في منتدى دافوس هذا العام مبادرات منها ما يحمل اسم «تحالف رجال الأعمال ضد الجوع المزمن»، حيث يحاول الخبراء فيه وضع خطوط عملية لتفعيل آلية جديدة لمكافحة الجوع في أكثر مناطق العالم فقرا. كما دعمت مجموعة من رجال الأعمال مبادرة أخرى تساعد على بناء «المواطنة العالمية» بتقديم أفكار عن الدور الاقتصادي للشركات في تنمية المجتمعات والمشاركة في صناعة القرار عن طريق المؤسسات المختلفة.

ويستعرض المنتدى تقريرا عن أداء مبادرة دعم التعليم في العالم، التي تم إطلاقها عام 2003، حيث سيتم تقييم التجربة وما حققته من نجاحات والعقبات التي صادفتها، مع نشر قاعدة بيانات على شبكة الإنترنت تضم المعلومات التي يمكن للمهتمين بالمبادرة الاستفادة منها.

والمؤتمرون مدعوون أيضا الى التساؤل عما اذا كان «العالم يصاب بنزلة برد كلما عطست اميركا» او «اذا كانت آسيا مستعدة لأداء دورها على الساحة العالمية». ويعول المنتدى على وجود نحو عشرة من قادة «الصناديق السيادية» هذه الهيئات العامة الآسيوية او شرق الاوسطية في معظمها، والتي سارعت خلال الاشهر القليلة الماضية لنجدة مصارف كبرى مثل «سيتي غروب» و«يو.بي.اس» و«مورغن ستانلي» و«ميريل لينتش»، لكنها تتعرض لانتقادات لعدم شفافيتها.