لي كوان يو: «لو كنت سعودياً لسألت ما الذي سيزيد من أهميتي بالنسبة لدول العالم؟»

مؤسس سنغافورة الحديثة يروي عصارة تجربته في ختام منتدى التنافسية

لي كوان يو متحدثا أمس في منتدى التنافسية («الشرق الأوسط»)
TT

لم يجد أحد أهم رواد التنمية في العالم أمام جموع غفيرة حضرت لمتابعة كلمة يلقيها، أثناء سرده لتجربته التنموية الفريدة في العالم إلا أن يردد اسم السعودية كثيراً، كبلد يمتاز بتوفر العوامل والظروف الدولية بشتى أنواعها، كي يلحق بأوائل الصف الدولي التكنولوجي والعلمي والاقتصادي العالمي، موصياً إياها بالحرص على «الإنسان» كركيزة أساسية في هذا الجانب. وتلقى المشاركون والحضور خلال الجلسات التي تخللت اليوم الختامي لمنتدى التنافسية العالمي أمس، دروساً في التنمية والاقتصاد والتعليم كانت ضمن قصص رواها لي كوان يو، الذي يعد مؤسساً لـ«سنغافورة» الحديثة، حيث أزجى المتحدث عصارة سنوات من الخبرة والتجربة على طاولة المنتدى، فيما أعقب تجاربه بنصائح من صميم الخبرة إلى السعوديين.

وقال كوان: «لو ولدت سعودياً لطرحت سؤالاً؛ مفاده ما الذي سيزيد من أهميتي بالنسبة لدول العالم؟.. ثم استدرك مجيباً: «حتماً إنه ليس رملي ولا جمالي بل إنه نفطي، فهذا المورد مورد نادر جداً. والسؤال هو كيف نفعِّل قيمة هذا النفط مع ندرته في المستقبل؟، مشيراً إلى أن الاستهلاك ليس فقط للتزود بالطاقة بل من المفترض أن يستثمر في صناعات أخرى تعتمد على النفط كصناعة المواد البلاستيكية والنقل وغيرها، وموصياً بتطوير هذه الصناعات على أن يقوم بها الشباب بأنفسهم، وقال: «أريدكم أن تقيموا صناعات تسمح لمواطنيكم بالاستثمار فيها، ولا بد أن ترسلوا أبناءكم للعمل في الدول المتقدمة ثم العودة إلى تأسيس أعمال صناعية ومصارف إسلامية جديدة في بلدكم، فالمهم أن تتعلموا كيفية استثمار احتياطكم النفطي وكيفية إدارة مواردكم لتحقيق أكبر فائدة ممكنة».

وأوضح أن العالم لم يشهد وتيرة تغير كتلك التي يشهدها في الوقت الراهن، مؤكداً ضرورة مواجهتها من قبل بلاده ومن قبل السعوديين. وشدد على أهمية تنمية الفرد بالتعليم والتدريب. وأضاف: «لقد أدركنا الحكمة الصينية التي تقول سنة واحدة ضرورية لكي تنمو بذرة قمح، وعشر ضرورية لكي تنمو شجرة، ومائة ضرورية لكي ينمو إنسان، وعملنا على إنتاج مجتمع آمن ومستقر، وركزنا على الثقافة والفنون، فتمكنا من تكوين أشخاص قادرين على اختيار مواقعهم ووظائفهم يؤمنون بأن الحياة تستحق العناء من أجلهم وأجل أبنائهم».

وحول الوضع في السعودية، قال كوان: «أنتم في بلادكم لن تجدوا صعوبة في تطوير التعليم من التعليم الديني إلى التعليم العلمي الذي ينقلكم الي مراتب متقدمة من التطور، فبالنسبة لكم العالم القديم كان مكونا من بدو وجمال ولكن الآن أمامكم خيارات عظيمة لتطوروا اسلوب حياتكم، وأمامكم الفرصة المواتية لأن تتساءلوا عن كيفية تطوير حياتكم واقتصادكم لكي تعيشوا حياة ذات مستويات مرتفعة للغاية بعد حقبة البترول».

وحول سؤال عن كيفية إيقاف هجرة المغتربين الذين يعملون في السعودية لفترة ثم ينتقلون للدول الخليجية والأوروبية بعد اكتسابهم المهارة، أكد كوان أنه في حال التمكن من التوصل إلى إيجاد طريقة تمكن الأجانب من الانخراط في المجتمع السعودي فستتمكن البلاد من حل هذه المشكلة.

ومن أبرز التجارب التي نقلها كوان إلى السعوديين أمس قوله: «ما تعلمناه هو أن نفترض بأن كل طفل فريد في نوعه، وعلينا أن نضمن له الحرية في اختيار خطه في الحياة، وقد أوجدنا معابر للموهوبين لأننا بحاجة للمبدعين في كل المجالات والفنون والعلوم، وأن نضمن التنوع لسكاننا ومواهبهم، فالمعرفة مقدسة. ويتوجه 98 في المائة من الناس للمدرسة لدخول قطاع محدد ويجب على النظام التعليمي أن يسمح لهم بذلك، وعلى الدولة أن تقرر ماهية الأفراد الذين تريد أن تنتجهم فنحن مثلاً في مرحلة من المراحل قررنا إنتاج المهندسين للحاق بالركب الصناعي: أما الآن فهناك مَنْ يتطلعون إلى الإدارة والفنون لأن فيها فرصا أكبر للتطور.. والسر في نظامنا التعليمي مبنيٌّ على قاعدة تقول لا تقمع الفضول عند الأطفال ولا تسكت صوتهم واعطهم حرية التعبير.