السوق تعيد للأذهان «قساوة» انهيارات 2006 وتخسر 45.8 مليار دولار في يوم

التعاملات تدخل مسلسلا داميا بانخفاض جميع الشركات

TT

استهلكت سوق الأسهم السعودية 171.9 مليار ريال (45.8 مليار دولار) من قيمتها السوقية في تعاملات أمس، تعادل 9.5 في المائة قياسا بقيمتها المسجلة للسوق في تداولات أول من أمس والبالغة 1.8 تريليون ريال (480 مليار دولار)، لتصل مع إغلاق السوق أمس إلى 1.62 تريليون ريال (426.6 مليار دولار).

وجاء ذلك بعد أن اقترب المؤشر العام من خسارة 10 في المائة، متراجعا بقوة، بعد أن ألزمته أسهم الشركات القيادية على هذه الاتجاه، خصوصا اسهم مصرف الراجحي الذي لازم النسبة الدنيا من بدايات فترة التداول، بعرض فاق 3.5 مليون سهم، إذ تعد الشركة من أكبر المؤثرين على حركة السوق.

ودفعت هذه السيناريوهات التشاؤمية، إلى دخول أسهم شركات السوق مسلسلا داميا، دفع قائمة الشركات الأكثر ارتفاعا إلى خلوها من أيِّ سهم، بعد أن تراجعت جميع شركات السوق بلا استثناء، تزامنا مع تراجع السوق 999 نقطة بنسبة 9.6 في المائة، بعد أن دخلت منطقة 9 آلاف نقطة في أول أوقات التعاملات. أمام ذلك أشار لـ«الشرق الأوسط» فضل البوعينين، خبير اقتصادي، إلى أن ما حدث في تعاملات سوق الأسهم السعودية في الآونة الأخيرة، هو أمر غير طبيعي ولا يمكن تفسيره، إلا أن تكون هناك معلومات حجبت عن المتداولين واطلع عليها الصناع وكبار المضاربين، مضيفا أن ما يحدث حاليا هو شبيه بما حدث في انهيار فبراير (شباط) 2006، بعد أن شارف المؤشر العام على خسارة 10 في المائة.

وأفاد أن الهبوط الحاد ليس له ما يبرره من الناحية الأساسية، معتقدا أن مثل هذه التذبذبات الحادة والخسائر المتراكمة تؤدي إلى نزع الثقة بالسوق السعودية، وربما أثرت سلبا على سمعة الاقتصاد بشكل عام، مشددا على أنه لا يمكن أن تترك السوق لمثل هذه التحركات الحادة التي توجهها القلة من المتصرفين في السوق.

وطالب البوعينين بإيجاد صانع للسوق الذي يمكن أن يضبط حركتها وفق ديناميكية خاصة لا تسمح بالانخفاضات الحادة، معلقا على ما يروج لانعكاس ما يحدث في الأسواق العالمية على السوق السعودية، بقوله إن ذلك مخالف للواقع على أساس أن السوق السعودية سوق مغلقة أمام الاستثمارات الأجنبية المباشرة. وذكر الخبير المصرفي أنه على مقربة من سوق المال السعودية يعقد منتدى التنافسية الذي يقوم على أسس من الشفافية، العدالة والوضوح، قائلا «إن كل ما نتمناه أن تطبق أساسيات التنافسية العالمية على سوق الأسهم السعودية».

وأضاف البوعينين أن خسارة السوق لأكثر من 300 مليار ريال (80 مليار دولار) في يومين تداول تعني انتقال هذه المليارات من محافظ صغار المستثمرين واستقرارها في محافظ القلة الذين نجحوا في تسييل مراكزهم المالية، ربما بناء على معلومات لم يطلع عليها الآخرون، متمنيا أن تكون هناك مراجعة في صفقات البيع الكبيرة التي حدثت منذ مطلع الأسبوع الماضي، لمعرفة أسباب الانهيار ومَنْ استفاد منه. من ناحيته، أوضح لـ«الشرق الأوسط» أحمد التويجري محلل مالي، أن سوق الأسهم السعودية عانت وبقوة من الارتفاعات المتلاحقة والحادة، والتي كانت بمثابة إشارة إلى استقبال السوق لمثل هذا السلوك لكن في الجهة المقابلة، لتراجع السوق بمثل الصورة التي انتقلت بها إلى هذه المستويات القياسية.

وأفاد التويجري أن الثقافة الاستثمارية لا بد أن تكون محط اهتمام الجميع الذين يبحثون عن تحقيق الأرباح دون عناء ملاحقة التعاملات اليومية التي توجه بحسب رغبات البعض، إلا أن المستثمر الذي اتخذ قراره على أسس علمية، نادرا ما يواجه الفخاخ التي ينصبها المضاربون.

وأكد ضرورة تكاتف المساهمين في معالجة الوضع الحالي للسوق عن طريق دراسة السلوكات الماضية في الانهيارات السابقة، من خلال محاولة تجنب التدافع على البيع، والذي يوحي باستمرار مسلسل الهبوط.