الإدعاء الفرنسي يكشف تلقي «سوسيتيه جنرال» تحذيرات بصفقات كيرفيل العام الماضي

المتهم يؤكد أنه لم يكن وحيدا في تصرفه بخسارة 7.1 مليار دولار.. والادعاء يطالب بوضعه في السجن الاحتياطي

المدعي جان كلود ماران محاطا بالصحافيين في باريس أمس (إي. بي. أيه)
TT

تكشفت أمس معلومات جديدة حول أكبر عملية احتيال يتعرض لها بنك في العالم، إذ كشف ممثل ادعاء في باريس ان مسؤولين بالبورصة حذروا «سوسيتيه جنرال» بشأن صفقات ينفذها جيروم كيرفيل العام الماضي مما زاد من الضغوط على البنك الفرنسي لتفسير كيف كاد المتعامل ان يقضي على البنك.

وتضرر «سوسيتيه جنرال» ثاني أكبر بنك في فرنسا بدعاوى قضائية بشأن مبيعات أسهم أحد المديرين قبيل اندلاع الفضيحة الاخيرة وبشأن كيف لم تكشف تعاملات بنحو 50 مليار يورو (74 مليار دولار) في مضاربات مريبة نفذها المضارب اثناء انهيار أسواق الاسهم الاسبوع الماضي مما كبد البنك خسائر قدرها 4.9 مليار يورو (7.1 مليار دولار).

وطلب مكتب الأدعاء بوضع الوسيط في السجن الاحتياطي تحاشيا لتعريض الشهود المحتملين لضغوط وتفاديا لفراره الى الخارج. وكان من المنتظر أن يمثل جيروم كيرفيل امام قاضيي التحقيق اللذين أنيط بهما هذا الملف الإستثنائي وهما القاضي رينو فان ريمبيك والقاضية فرنسواز دوسيه. ويعرف عنهما طول باعهما في تفكيك الملفات المعقدة خصوصا القاضي فان ريمبيك.

وبحسب التكليف الرسمي للقاضيين، فإنهما كلفا التحقيق في الدعوى ضد كيرفيل وضد من يظهره التحقيق انه على صلة في عمليات تزوير وانتهاك أنظمة معلوماتية وخيانة الثقة المتصلة بالنشاطات المهنية ومحاولات الغش والخداع. وإذا أثبتت هذه التهم، فإن العقوبة القصوى التي يمكن إنزالها بالشخص المعني تصل الى سبع سنوات سجن والى دفع غرامة قيمتها 750 ألف يورو.

وبعد فحص الادلة الاولية في أكبر عمليات المضاربة خسارة في التاريخ قال مدع عام ان المتعامل كيرفيل، 31 عاما، اعترف باخفاء انشطته عن رؤسائه لكنه قال ان متعاملين اخرين كانوا يضاربون بسرعة ويخالفون قواعد البنك.

وقال المدعي جان كلود ماران ان يوراكس وهي بورصة للمشتقات مملوكة لبورصة المانيا شككت في مواقف كيرفيل في التعامل في نوفمبر (تشرين الثاني) لكنه تمكن من خداع رؤسائه.

وقال المدعي «يوركس نبهت سوسيتيه جنرال في نوفمبر 2007 بشأن المراكز التي فتحها جيروم كيرفيل. وعندما استجوبه البنك قدم وثيقة مزورة لتبرر تغطية المخاطر».

وأوضح «سوسيتيه جنرال» الذي أصبح في السنوات القليلة الماضية من أهم اللاعبين في مجال تداول المشتقات أنه لم يكن على علم بالمرة بمعاملات كيرفيل التي يشتبه في انها غير قانونية حتى رصد اختلافات في البيانات يوم 18 يناير (كانون الثاني) الحالي مما اثار تحقيقا داخليا.

وفي تطور سياسي جديد للفضيحة كشف كريستيان نوير رئيس بنك فرنسا المركزي عن انه أجل ابلاغ الحكومة بالفضيحة عدة ايام خوفا من تسرب الخبر. وابلغ محطة اذاعة بي.اف.ام في مقابلة «اعتبرت أن الحجم الضخم للمراكز يعني أن أي مخاطر من تسرب الخبر... بشكل غير مقصود بالتأكيد... يجب ان تستبعد لان هذا هو الخطر الاكبر الذي كان يمكن أن يحدث في الساعات الاولى».

وقال ممثل الادعاء في مؤتمر صحافي ان كيرفيل أبلغ الشرطة انه أخفى تعاملاته لانه كان يريد تحسين سمعته كمتعامل وليس لاي رغبة منه في الاضرار بالبنك. ورد محامي كيرفيل على تلميحات الى موكله كان العقل المدبر الوحيد لاكبر فضيحة تداول في العام من مكتبه. وقال كريستيان شاريير بورنازل لرويترز «انه لم يختلس اي شيء ولم يأخذ سنتا واحدا لنفسه وكان يؤدي فقط عمله بأفضل ما يمكنه».

من جانبها، أوضحت وزيرة الاقتصاد الفرنسية كريستين لاغارد أمس ان بنك «سوسيتيه جنرال» قام على ما يبدو «بكل ما ينبغي القيام به» اثر كشف عملية الاحتيال الضخمة. وقالت لاغارد لشبكة تلفزيون «فرانس 2» «لا شك في ان البنك قام بكل ما ينبغي القيام به وفق الانظمة المرعية».

ويدعم البنك منذ الكشف عن الفضيحة الخميس الماضي، فرضية ان تكون المسألة من فعل «وسيط منفصل». لكن محامي كيرفيل اتهموا البنك بالرغبة في «السعي لتحويل انظار الجمهور عن خسائر اكبر بكثير راكمها (البنك) في الاشهر الاخيرة وخصوصا بسبب الرهن العقاري» في الولايات المتحدة.

من جهته، رفض رئيس مجلس ادارة ومدير عام «سوسييتيه جنرال» دانيال بوتون أمس «نظريات المؤامرة» التي تجعل من الوسيط الذي اتهمه البنك عميلا لحساب مصرف اجنبي او كبش محرقة لخسائر على علاقة بازمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة. وذكر بوتون بان «سوسيتيه جنرال» كان فعلا «في صدد شراء» روسبنك ثاني شبكة مصرفية روسية وهو مساهم فيه اصلا. واوضح ان اللمسات الاخيرة على اتفاق شراء البنك الروسي ستوضع «في الحادي عشر من فبراير (شباط)» والبنك «لديه ما يكفي للتسديد». وقال «اما بالنسبة الى الذين سيتحدثون عن نظريات كبرى للقول انها مؤامرة اتية من المريخ او المشتري فهذا جيد لكن لا تصدقونهم».

ورفض بوتون ايضا اتهامات محامي جيروم كيرفيل الذين يؤكدون ان البنك اراد «التمويه» لاخفاء خسائره الناجمة عن ازمة الرهن العقاري. واكد ان كيرفيل «لم يؤمن لنا اي ربح مالي من مضارباته»، مضيفا انه «ربح المال من مكان آخر، ومبلغ صغير من مهنته العادية».