السعودية: «بدل غلاء المعيشة» يرفع فاتورة مرتبات موظفي الدولة إلى 44.6 مليار دولار سنويا

1.6 مليار دولار قيمة ارتفاع المرتبات.. واقتصاديون يؤكدون إيجابية المعالجة الاقتصادية لمشكلة صعوبة المعيشة

TT

ينتظر أن تسجل فاتورة رواتب موظفي الدولة ارتفاعا في تكلفتها الإجمالية بنسبة الزيادة المقررة 5 في المائة، ليبلغ إجمالي المدفوعات التي تصرفها الحكومة كمرتبات لموظفي القطاعات المختلفة بشقيها المدني والعسكري نحو 167.4 مليار ريال (44.6 مليار دولار) خلال العام الواحد.

وكانت الحكومة السعودية أعلنت خلال العام 2005 عن زيادة مرتبات موظفيها في القطاعات والمنشآت التابعة لها بنسبة 15 في المائة جاءت كمكرمة ملكية ولدواعي إعانة المواطن على بعض الظروف المعيشية التي بدأت حينها تتزايد، ليكون القرار الجديد القاضي بصرف بدل 5 في المائة كزيادة للمرة الثانية.

واستنادا إلى الأرقام الإحصائية الرسمية الصادرة عن مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات التابعة لوزارة الاقتصاد والتخطيط السعودية حتى العام 2006، فإن حجم مصروفات الدولة الإجمالية المخصصة للرواتب يبلغ 161.3 مليار ريال (43 مليار دولار) قبل إضافة قرار بدل غلاء المعيشة الأخير بواقع 5 في المائة تمثل 6.09 مليار ريال تقريبا، ليصبح المجمل التقريبي بعد البدل 167.4 مليار ريال (44.6 مليار دولار) سنويا شاملة رواتب أساسية قوامها 121.8 مليار ريال، تضاف إليها بدلات بقيمة 33.3 مليار ريال، إضافة إلى مرتبات من هم في بند الأجور البالغة 6.1 مليار ريال.

وهنا، يؤكد لـ«الشرق الأوسط» علي الغامدي مدير فرع معهد الإدارة العامة بالمنطقة الغربية أن حجم الرواتب يستهلك معدل كبير من حجم الميزانية العامة وصل إلى حدود 60 في المائة في فترات صعبة مرت في عمر الاقتصاد المحلي، مؤكدا في الوقت ذاته أن نمو وفورات الميزانية العامة خلال السنوات القليلة الماضية رشح خفض تلك النسبة إلى معدلات تقل حاليا عن 50 في المائة.

ولفت الغامدي إلى أن الدولة لديها حيز كبير من حرية التحرك لدعم قرارها من أبواب الميزانية، إذ أشار إلى إمكانية التحرك تجاه احتياطي الدولة والاستفادة منه لما يمثله من مرجع آمن لبعض قرارات الحكومة وملجأ تستند عليه في أوقات المصائب والشدائد.

وأكد الغامدي أن الزيادة لم تغلّب جانب المصروفات الجارية المتعلقة بالرواتب والتي تأتي في الباب الأول بل وازنته مع سياسة استمرار المشاريع والبنى التحتية كما في الباب الرابع من الميزانية التي تمثل أهمية قصوى لدعم الاقتصاد الحقيقي للبلاد.

ولفت الغامدي إلى أن توجه الدولة لبدل الغلاء يأتي لمحاولة تخفيف وطأة التضخم وخيار منطقي لمعالجة مشكلات الغلاء، مبينا أن من بين مؤشرات تعافي الميزانية لدى الخبراء الاقتصاديين هي النسبة التي تمثلها نفقات الرواتب إذ أنه يعد مؤشرا أساسيا لدى البنك الدولي لمعرفة قوة الاقتصاد فكلما انخفضت نسبة تمثيل نفقات الرواتب من الميزانية كلما ركزت على مشاريع التنمية وفتحت فرص عمل جديدة وخلقت قطاعات ونشاطات حيوية في الاقتصاد الكلي.

وتتفاوت الأجور الشهرية لموظفي القطاع الحكومي في السعودية إذ تعتمد على تصنيف سلالم وظيفية تحتوي على 7 تقسيمات رئيسية هي سلم عام للموظفين يحتوي على 15 مرتبة يبلغ متوسط راتب الحد الأدنى 2530 ريالا، بينما يبلغ متوسط راتب الحد الأعلى 20625 ريالا، في حين تقل هذه المعدلات بالنسبة لسلم رواتب المستخدمين وهي ثلاثة يبلغ مرتب متوسط الحد الأدنى 1732 ريالا، في حين لا يتخطى متوسط الحد الأعلى 3812 ريالا.

وترتفع رواتب موظفي الدولة في بعض القطاعات تحديدا التعليمية حيث هناك 6 مستويات ليبلغ متوسط راتب الحد الأدنى 7330 ريالا، إلى متوسط راتب الحد الأعلى إلى 13.2 ألف ريالا، في حين يزيد ذلك عند النظر إلى سلم رواتب القضاة بين 8970 ريالا إلى 26.9 ألف ريالا، بينما يبلغ متوسط سلم روات أعضاء هيئة التدريس بين 8300 ريال إلى 20.4 ألف ريال.

وبحسب تقرير مؤسسة النقد العربي السعودي، فيبلغ سلم رواتب أعضاء هيئة التحقيق والإدعاء العام بين 6415 ريالا إلى 28.7 ألف ريال، في الوقت الذي يبلغ فيه سلم رواتب الوظائف الصحية بين 5827 ريالا إلى 17.9 ألف ريال. من ناحيته، قال الدكتور توفيق السويلم رئيس مجلس إدارة دار الخليج للاستشارات أن الزيادة المقررة في شكل (بدل غلاء معيشة) تأتي في نسق طرح حكومي ذو رؤية وأبعاد، أفضل مما أن يكون عليه الحال عند زيادة الرواتب الأساسية التي ستصبح توجه تقليدي تشخيصي سطحي لمعالجة الموقف من الناحية الاقتصادية.

وذكر السويلم لـ«الشرق الأوسط» أن بعض دول الخليج بدأت تشتكي من رفع رواتب موظفيها مؤخرا عبر طريقة الزيادة في أساس الراتب، مشيرا إلى أن توجه الحكومة السعودية بإضافة بدل يمثل دخلا شهريا يعين على المصاريف الأساسية كان موفقا في حين أن فرضيّة السلبيات التي ستتراكم على الزيادة الأساسية في المرتبات مرجحة بشكل شبه مؤكد.

وأوضح السويلم أن إيجابية المعالجة السعودية تتمثل أنها ذهبت لحل إشكالية ارتفاع أسعار المصاريف الأساسية كالأكل والتبعات الاستهلاكية الأخرى الأساسية والتي تمثل تقديريا في مسافة بين ربع وثلث الدخل الشهري للفرد، بينما اتجهت من ناحية أخرى إلى إبراز حل آخر المتمثل في المصاريف الإجرائية الحكومية وهي متعددة ولها علاقة مباشرة وغير مباشرة على الفرد حيث تمثل عبئا لتكاليفها العامة حيث تفيد الدراسات بقدرتها على استهلاك ربع راتب المواطن وأكثر في بعض الأحيان.

وقال السويلم: قرار الحكومة من وجهة نظري الاقتصادية يعد عميقا من جوانبه حيث استطاع تخفيف الأعباء الاقتصادية على المواطن ودعمه على بعض الالتزامات الرسمية إضافة إلى سد جزء من ثغرة ارتفاع أسعار الاستهلاك الرئيسية»، مبينا أن الزيادة في أساس الراتب يمثل دعما مباشرا لعملية التضخم لاسيما أن الدراسات توضح أن معظم الزيادة الموجهة تذهب في العادة لصالح الإنفاق الاستهلاكي وليس الإنفاق الإنتاجي.