السعودية: «مؤسسة النقد» تبث شعورا بالتفاؤل بتوقف تنامي التضخم وسط آمال بانخفاضه

السياري يفصح عن «إمكانية» تعديل سياسة سعر الشراء إذا توافق مع الظروف الاقتصادية

حمد السياري محافظ مؤسسة النقد السعودية يتوقع استقرار التضخم عند معدلات العام الماضي (تصوير: أحمد فتحي)
TT

بثت مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) شعورا بالتفاؤل بين السعوديين أمس بتوقع توقف زحف حركة التضخم في البلاد، حيث تنبأ حمد السياري محافظ المؤسسة بأن يستقر معدل التضخم في السعودية هذا العام في مستواه العام السابق، وتحديدا عند 1.4 في المائة، وهو أعلى مستوى يسجل منذ 12 عاما.

وأفاد المحافظ السياري، خلال تصريحات صحافية، بتوقعه باستقرار التضخم، بل أعرب عن أمله في أن يتراجع، مؤكدا أن قرارات مجلس الوزراء الأخيرة التي صدرت الاثنين الماضي ستدعم موقف المواطنين على تحسين المعيشة ورفع دخولهم، إضافة إلى أنها ستكون عاملا يعوض عن زيادة التضخم. وزادت الايجارات عشرة في المائة وأسعار المواد الغذائية سبعة في المائة، لتدفع التضخم في المملكة الى أعلى مستوى منذ عام 1995. وفي شهر ديسمبر (كانون الاول) الماضي سجل معدل التضخم السنوي في السعودية، التي تربط عملتها بالدولار أعلى مستوى منذ 16 عاما ليبلغ 6.5 في المائة.

وحول التوقعات بتخفيض البنك الفيدرالي الأميركي سعر الفائدة بنحو 50 نقطة، وما الخطوة التي ستتخذها بلاده؟ ذهب السياري إلى التأكيد أن أي قرار يتم اتخاذه سيدرس بوقت كاف، مشيرا في الوقت ذاته الى أن سعر الإقراض لن يخفض وهو الذي يوفر السيولة، إضافة إلى أن التخفيض يرجع إلى احتياجات الاقتصادي المحلي. وكانت السعودية قد خفضت سعر اعادة الشراء، الذي يمثل سعرا استرشاديا للودائع بعد أن خفض مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الاميركي) أسعار الفائدة بما يبلغ مجموعه 1.75 نقطة مئوية، على أربع دفعات منذ 18 سبتمبر (ايلول) الماضي. وفي الوقت نفسه أبقت السعودية على سعر اعادة الشراء الذي يمثل سعر الاقراض من دون تغيير على 5.5 في المائة.

وقال السياري في تصريحات أطلقها أمس، إبان افتتاحه ندوة تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الرياض، إن السعودية ستعدل سعر إعادة الشراء الذي تستخدمه في تتبع قرارات السياسة النقدية، التي يتخذها مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) بناء على الظروف الاقتصادية.

من جهة أخرى، أشار السياري خلال الندوة، الى أن قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة يواجه مشاكل عديدة، من بينها صعوبة توفير ضمانات كافية للممولين، وعدم توفر البيانات المالية والإحصائية، والافتقار للخبرة وندرة العمالة المدربة، وضعف الهيكل الإداري والتنظيمي، وعدم القدرة على التخطيط والتنبؤ بشكل جيد، ومحدودية استخدام التقنية الحديثة، والاعتماد بشكل أساسي على الائتمان التجاري (الموردين) في توفير البضائع والسلع.

وبين السياري أن تلك العوامل تقود إلى تعثر تلك المنشآت، الأمر الذي يجعلها تواجه عوائق حقيقية للحصول على تمويل ملائم نظرا لانخفاض ملاءتها الائتمانية وارتفاع تكلفة تحليل الملاءة مقارنة بالعائد المتوقع، معتقدا أنه في ظل العولمة والانفتاح التجاري العالمي ستواجه المنشآت الصغيرة والمتوسطة العديد من التحديات أمام المنافسة الحادة في المنشآت الكبيرة.

يذكر أن وزارة المالية قامت في عام 2004 بإنشاء برنامج تمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة (كفالة)، الذي يهدف إلى خلق بيئة مواتية لتأسيس وتطوير قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في السعودية، وتشجيع المصارف على تمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الواعدة غير القادرة على توفير الضمانات المطلوبة، وتغطية نسبة من مخاطر المصارف إذا تعذر على المؤسسة المكفولة سداد القرض.

وتوقع السياري أن يوفر البرنامج 1000 ضمان في نهاية عامه الثالث بمبلغ 200 مليون ريال مقابل تمويل مصرفي يصل إلى 400 مليون ريال، موضحا أن الوزارات والهيئات الحكومية تدعم تلك المنشآت بطريقة أو أخرى بهدف تسهيل الإجراءات واللوائح المنظمة لهذه الفئة، في حين على مستوى القطاع الخاص هناك جهود بذلت لدعم المنشآت من قبل بعض مؤسسات القطاع الخاص.

وأشار السياري إلى أن اقتصاد السعودية يمر حاليا بمرحلة نمو متسارع في كافة قطاعات الاقتصاد بوتيرة غير مسبوقة في الماضي، حيث يتميز بقوة حركة الاستثمار الخاص مما يساعد على زيادة الطاقة الإنتاجية وخلق نمو مستدام، مفيدا بأن الحكومة تدعم هذا النمو الديناميكي بسياستها المعلنة حول الإصلاحات الهيكلية والتحرر الاقتصادي، كما برهنت على نجاحها في استقطاب استثمارات القطاع الخاص والاستثمار الأجنبي بشكل رئيس في القطاعات الاقتصادية غير النفطية، لذا من المتوقع أن ينعكس ذلك إيجابا على أداء المنشآت الصغيرة والمتوسطة الحجم.

وذكر السياري أن نمو الاقتصاد الوطني متميز للعام الخامس على التوالي، حيث ارتفع الناتج المحلي الإجمالي الاسمي للقطاع الخاص غير النفطي بنسبة 7.6 في المائة، إضافة إلى تحسن الوضع المالي للحكومة بصورة ملحوظة في السنوات الأخيرة، مبينا أنه منذ عام 2003 مكنت فوائض الميزانية الحكومة في تخفيض الدين العام بشكل ملحوظ وزيادة إنفاقها على البنية التحتية والقطاعات الاجتماعية.