قطاع الطاقة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مواجهة تحديات أكبر

خبراء يؤكدون أن زيادة الطلب العالمي تستوجب مخاطر ومسؤوليات جديدة

TT

في وقت ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت في بورصة انتركونتننتال أكثر من دولار أمس، بعدما تسبب الضباب في اغلاق قناة شحن رئيسية في الولايات المتحدة، أكد مسؤولون وخبراء دوليون في لندن أمس أن قطاع الطاقة في الشرق الأوسط وشمال افريقيا يعرف تحديات أكبر وواقعا جديدا خاصة مع تزايد الطلب العالمي على الطاقة والصعود الاقتصادي الخارق الذي تعرفه منطقة شرق آسيا خاصة مع العملاقين الصيني والهندي.

وأكد المشاركون في منتدى «طاقة الشرق الأوسط 2008.. المخاطر والمسؤوليات.. الوقائع الجديدة للتمويل بالطاقة» الذي افتتح أمس في المعهد الملكي للشؤون الدولية (تشاتهام هاوس) في لندن أن منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا تبقى اللاعب الاكبر في القطاع والممول الرئيسي للطاقة في العالم. وذكر نائب رئيس الوزراء وزير الطاقة الصناعة القطري عبد الله بن حمد العطية أن المنطقة تمثل ثلتي الانتاج العالمي وأن دورها سيزداد تعاظما وان ذلك سيتطلب مزيدا من المسؤوليات. وشدد العطية على أن القلق الغربي من الحضور المتزايد للشركات النفطية الآسيوية في الشرق الأوسط وافريقيا غير مبرر، بل ذلك صحي بالنسبة للقطاع، مؤكدا أن الصين والهند مهتمتان بأمن الطاقة العالمي وتريدان أن يكونا لاعبين كبيرين في القطاع وليس معتمدين على أي كان.

وتحدث المسؤول القطري بشكل مطول عن العلاقة بين شركات النفط العالمية وشركات النفط الوطنية، ذاكرا أنها عرفت تحسنا ولم تعد مثلما كانت عليه قبل خمسين سنة، مشيرا في هذا السياق الى أن الشركات العالمية ارتكبت أخطاء في السابق وان العلاقة تحسنت بين الجانبين، داعيا الى ما أسماه «وقف اطلاق نار» بين طرفين متساويين، وضرورة تكثيف التعاون بينهما.

وذكر العطية انه الى جانب مسؤولياتها المتعاظمة في مجال التمويل مع زيادة الطلب العالمي على الطاقة فان دول المنطقة تواجه تحديات داخلية هي الأخرى في هذا الموضوع، وذلك بالنظر لتزايد الطلب على الطاقة في المنطقة خاصة في مجال الغاز، في ظل النمو الكبير الذي تعرفه المنطقة. وأشار العطية في هذا السياق الى أن هناك دولا في المنطقة تستورد الغاز.

البروفيسور بول ستيفنز، الأستاذ في جامعة داندي والباحث في «تشاتهام هاوس»، أكد لـ«الشرق الأوسط» أن كل محاولات البحث عن طاقة بديلة في العالم لن يكون لها تأثير فعلي على السوق وأن منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا ستبقى في المدى المنظور اللاعب الأكبر والممول الرئيسي للطاقة. غير أنه طرح سؤالا كبيرا حول قدرة الشركات الوطنية النفطية في المنطقة ومدى تأثير ارتباطها بالسياسات الحكومية على أداء دورها في ظل الطلب العالمي المتصاعد على الطاقة، الا أنه استثنى شركة «أرامكو» السعودية في هذا الصدد «بسبب أن أرامكو مسموح لها بالقيام بأعمالها بدون تدخل من السلطات السعودية بطريقة احترافية وتكنوقراطية، بينما عندما ننظر الى الشركات الوطنية في الشرق الاوسط فان السياسة هي التي تحكم كل الشركات الوطنية الأخرى تقريبا في المنطقة» كما قال.

موضوع ايران، ومخاطر أي نزاع مسلح محتمل بينها وبين أميركا، كان حاضرا بقوة كذلك في المنتدى. ففي هذا السياق أكد لـ«الشرق الأوسط» حجة الله غانمي فرض، مدير الشؤون الدولية في شركة النفط الوطنية الايرانية أن في طهران كل شيء جاهز لمواجهة أي اعتداء محتمل من قبل أميركا، غير أنه أضاف قائلا «تأكد انه لن يكون هناك أي رئيس أميركي عاقل سيقدم على ما اقدم عليه صدام معنا»، مشددا «لدينا ثقة كافية في وجود ما يكفي من العقلاء في الولايات المتحدة ليسوا مستعدين لتكرار ما حدث في أفغانستان والعراق».

وحول التحديات التي تواجهها صناعة النفط الايرانية أكد فرض «في الواقع، ولأكثر 28 سنة، منذ الثورة الاسلامية، حاول كثيرون القول إن صناعة النفط في ايران في خطر بسبب اعتداء صدام ضدنا أو مشاكل أخرى، العقوبات من جانب واحد من أميركا، لكن الواقع أن تاريخ ايران وصناعة النفط يظهران أن لا شيء من قبيل هذه المشاكل نجح في منع ايران من انتاج وتصدير النفط والغاز وتطوير صناعتها النفطية وسيكون الامر على نفس الحال كذلك في السنوات المقبلة». وحول مشاكل التمويل الداخلية، خاصة في مجال الغاز، قال فرض: «الواقع أننا نتحدث عن دولة في طور التنمية وعادة ما يستوجب ذلك طلبا متزايدا على الطاقة، لكن لا يمكن اعتبار هذا تحديا غير قابل للسيطرة. المشكلة التي نواجهها الآن هي شح الغاز، بالنظر لأسباب خاصة جدا، بسبب برودة الطقس لم نشهدها منذ 50 سنة، ولكن هذا الامر لا يعني أن ليس لدينا خطط مستقبلية فلدينا خطط للعشرين سنة مقبلة». وعن حالة التناقض التي تعيشها ايران بسبب شح الوقود في بلد يعتبر من أكبر منتجي النفط في العالم أكد فرض «انه في عالم اليوم يجب أن تتفهم أن الاكتفاء الذاتي ليس المسعى الوحيد.. فهناك بلدان تستورد أشياء وتصدر أشياء أخرى».