الأردن يرفع أسعار المشتقات النفطية وسط مخاوف من التأثيرات المحتملة

وزير المالية لـ «الشرق الأوسط» : رصدنا نحو 425 مليون دينار لحزمة الأمان الاجتماعي وزيادة رواتب الموظفين

مواطنون أردنيون يتزودون بالوقود في إحدى محطات عمان («الشرق الاوسط»)
TT

قرر الاردن امس الجمعة تحرير اسعار المشتقات النفطية ورفع الدعم عنها في الموازنة العامة للدولة وربطها بالاسعار العالمية، فيما قررت الحكومة صرف زيادات الرواتب للموظفين والمتقاعدين اعتبارا من يوم غد الأحد.

وتعد زيادة أسعار المشتقات النفطية بعد تحريرها الخامسة في أقل من 4 سنوات، وذلك في إطار خطة الحكومة الرامية إلى تحرير القطاع لترك الأسعار تتحرك وفقا للتطورات العالمية.

وبموجب قرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية فإنها ازدادت بنسب تراوحت بين 3% إلى 111% حيث قرر مجلس الوزراء الاردني رفع أسعار بيع المشتقات النفطية ليصبح سعر البنزين الخالي من الرصاص رقم (90) اوكتان، الذي سيحل مكان البنزين العادي، 575 فلسا للتر بدلا من 430 فلسا بنسبة زيادة 33.7 في المائة.

كما سيحل البنزين الخالي من الرصاص (95) مكان البنزين الممتاز المحتوي على الرصاص (95) ومكان البنزين الخالي من الرصاص رقم (92) ليصبح سعره 660 فلسا للتر بدلا من 605 فلسات للتر، و640 فلسا على التوالي بنسبة زيادة 9 بالمائة.

وبموجب قرار التعديل سيصبح سعر بيع مادتي السولار والكاز 555 فلسا للتر بدلا من 315 فلسا للتر بنسبة 76 في المائة، وتعديل سعر بيع مادة الغاز البترولي المسيل ليصبح 6.5 دينار للأسطوانة بدلا من 4.25 دينار بنسبة زيادة 53 في المائة، وتعديل سعر بيع مادة زيت الوقود للكهرباء ليصبح 348 دينارا للطن بدلا من 165 دينارا للطن بنسبة زيادة 111 في المائة.

وبحسب القرار يستمر بيع أسطوانة الغاز بسعر 6.5 دينار حتى نهاية شهر آذار (مارس) المقبل، لتباع بعد هذا التاريخ حسب السعر العالمي هبوطا أو صعودا ووفقا لقرار لجنة تسعير المحروقات.

وقال وزير المالية الاردني حمد الكساسبة ان قرار تحرير اسعار المحروقات تنفيذا لاستراتيجية الدولة بالتحول من دعم السلع إلى الدعم المباشر للمواطن المحتاج، مشيرا الى ان الموازنة العامة للدولة للعام الحالي تخلو من الدعم للمشتقات النفطية والتي قدرت في الشهر الاول من العام الحالي بنحو 65 مليون دينار.

واضاف لـ«الشرق الاوسط» ان الحكومة ستدعم المواطنين، حيث رصدت مبلغ 425 مليون دينار لحزمة الامان الاجتماعي منها 360 مليون دينار لزيادة رواتب الموظفين في القطاع العام والتي اقرت بنحو 45 الى 50 دينارا شهريا لكل موظف في الدولة والباقي للفقراء والتامين الصحي.

واوضح الكساسبة ان العجز في الموازنة العامة سيصبح 724 مليون دينار سيغطى اما من المنح او الاقتراض الداخلي، مشيرا الى ان قانون الموازنة العامة للسنة المالية الحالية قدر الإيرادات المالية العامة بحوالي 4.5 مليار دينار حيث بلغت الإيرادات المحلية منها حوالي 4.061 مليار دينار فيما قدرت المنح الخارجية بـ440 مليون دينار.

وبلغت النفقات العامة المقدرة حتى نهاية العام الحالي حوالي 5.225 مليار دينار، منها حوالي 4.101 مليار دينار نفقات جارية وحوالي 1.124 مليار دينار نفقات رأسمالية فيما بلغت قيمة العجز حوالي 724 مليون دينار.

وقرر الكساسبة البدء بصرف زيادة رواتب العاملين والمتقاعدين في الجهازين المدني والعسكري عن شهر كانون الثاني (يناير) الماضي اعتبارا من يوم غد الأحد، وذلك بواقع 50 دينارا لمن تقل رواتبهم عن 300 دينار و45 دينارا لمن تزيد على ذلك.

واعتبارا من راتب شباط (فبراير) ستصرف الزيادة مع الراتب حيث يأتي ذلك تطبيقا من الحكومة لشبكة الأمان الاجتماعي. وأعلن الكساسبة عن آلية صرف دعم النقدي لتعويض ارتفاع المحروقات وبأثر رجعي وبدء الصرف اعتباراً من يوم غد الاحد مجدولاً حسب المحافظات، بعد ان فرغت الدوائر المعنية من اعداد كشوفات اسماء المنتفعين من القطاع الخاص ممن استفادوا من دعم عام 2006 عندما جرى رفع الاسعار وصرف الدعم لإعانة من يقل مجموع دخول افراد اسرهم عن الف دينار سنوياً.

كما أعلن وزير النقل علاء البطاينة زيادة تعرفة النقل العام للركاب في الاردن، على أن تطبق اعتبار من امس الجمعة وبنسب تراوحت بين 10% إلى 23%، في خطوة تستهدف معالجة أثر رفع أسعار المحروقات لمادتي الديزل والبنزين.

من جانب اخر قال خبراء وعاملون في قطاعات اقتصادية مختلفة إن تحرير قطاع الطاقة يسهم في رفع كلف أغلب السلع والخدمات في البلاد.

وقال رئيس جمعية المصدرين الأردنيين عمر أبو وشاح إن أسعار الطاقة في معظم الدول المجاورة تقل كثيرا عن الأسعار الوطنية قبل تحرير قطاع المحروقات، وبالتالي فإن الزيادة ستزيد من معاناة الصناعة الوطنية.

ومن جهته، قال رئيس جمعية المستثمرين في قطاع الإسكان زهير العمري إن تأثير تحرير قطاع المحروقات على أسعار المساكن سيتراوح بين 6 إلى 10%، فضلا عن أن الإسمنت والحديد وهما المواد الأساسية في البناء يصنعان بزيت الوقود الذي يتحرك سعره شهريا على ضوء الأسعار العالمية.

واعتبر خبراء اقتصاديون أن ارتفاع كلف البناء سيعمق الفجوة بين القدرات الشرائية للمواطنين وأثمان المساكن، خصوصا بعد سريان قرار تحرير أسعار المحروقات. وأوضح العمري أن ارتفاع أجور النقل سيزيد من الكلف في قطاع العقار إضافة إلى زيادات أجور العمالة.

وتطرق الخبير الاقتصادي الدكتور إبراهيم سيف إلى أن «ما سيعاني منه قطاع العقار ستشهده مختلف القطاعات الاقتصادية في إطار موجة من التضخم». وأوضح أن الأثر غير المباشر على قطاع العقار سيكون أكبر والمتمثل في المزودين لهذا القطاع ممن يعملون في النقل والمصانع التي ستزداد عليها الكلف. وتوقع سيف أن يتردد الكثير من المواطنين في الإقبال على التملك إلى حين وضوح رؤية الأوضاع بعد تحرير أسعار المحروقات.

وتوقعت شركة المصفاة ونقابة أصحاب محطات المحروقات تراجع المبيعات لمختلف أنواع المحروقات بعد تحرير الأسعار بنسبة قد تصل من 50-60%، خاصة في فترة الأسابيع الأولى.

وكانت حمى شراء المحروقات قد تصاعدت في اليومين الماضيين لكنها اشتدت أمس الاول الخميس لتضاعف مبيعات المحروقات لأكثر من ثلاثة أضعاف وفقا لبيانات شركة مصفاة البترول المزود الحصري للمشتقات النفطية للمحطات وكافة القطاعات المستهلكة للمشتقات النفطية في الاردن، وزادت مبيعات المحروقات في الأسابيع خصوصا لمادتي الكاز والسولار وبدأت محطات وقود بوضع لوحات اعلانية خاصة للاعلان عن الأسعار المتغيرة بصورة مقروءة.

=