ارتفاع أسعار الغذاء والسلع الزراعية عالميا يزيد منتجيها فقرا

50 مليون فقير ريفي إضافي رغم جهود مكافحة الفقر

مازال المزارعون في افريقيا يعتمدون أكثر الوسائل البدائية في عملهم الزراعي («الشرق الأوسط»)
TT

اختتمت امس (الخميس) في قصر المؤتمرات بالعاصمة الايطالية روما اجتماعات الدورة الحادية والثلاثين لمجلس محافظي الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (ايفاد) بمشاركة وفود اكثر من مائة وستين بلدا اعضاء في الصندوق.

ويبدأ الصندوق عاما من النشاط المكثف لتجديد موارده، هو العام الاخير لرئيسه الحالي لينارت بوغه واستعدادا لانتخاب رئيس جديد العام المقبل. وحتى الان لم يتحدد بعد اي مرشح وان كانت هناك انباء عن تقديم فرنسا مرشحا لها، وحديث عن مرشح من مصر وربما اخر من نيجيريا.

وسبق اجتماعات ايفاد السنوية اجتماع المنتدى الدولي للفلاحين على مدى يومين، حيث بحث ممثلو جمعيات المزارعين في مختلف انحاء العالم امكانية تغيير انماط التنمية الريفية لتمكين صغار المزارعين من الاستفادة من زيادة الطلب على المنتجات الزراعية وارتفاع اسعار الغذاء عالميا.

ورغم ارتفاع اسعار الاغذية والسلع الزراعية في العام ونصف العام الاخير، الا ان ذلك لم ينعكس على صغار المزارعين غير القادرين على مواجهة الشركات الكبرى والمتعددة الجنسية. واشار هنري ساراغيه، من اتحاد الفلاحين الاندونيسي ان هناك 50 مليون فقير جديد في المناطق الريفية في العالم اضيفوا في الاونة الاخيرة، رغم ان المفترض كان تراجع عدد الفقراء وليس زيادته. واشارت استريلا بانزويلا امينة عامة رابطة الفلاحين الاسيويين الى ان مشكلة الفلاحين هي انهم يتضررون من ارتفاع اسعار الغذاء بينما العائد منها يذهب للتجار الكبار والمضاربين الدوليين.

وفي عرض الصندوق لمشروعاته واستثماراته حتى نهاية 2007، ركز على الزيادة الكبيرة في برامجه في الدول النامية في اطار جهوده لمكافحة الفقر في المناطق الريفية.

ووافق المجلس التنفيذي لايفاد قبل اسابيع على برنامج العمل المقترح لعام 2008 بقيمة 650 مليون دولار، بزيادة بنسبة 10 في المائة عن عام 2007. وكان الصندوق قد وافق في عام 2007 على قروض ومنح جديدة بما مجموعه 597.4 مليون دولار، مقارنةً بمبلغ 556.8 مليون دولار عام 2006. كما زاد التمويل الخارجي للمشروعات التي يمولها ايفاد بمقدار أربع مرات تقريباً وأصبح 427.4 مليون دولار العام الماضي، مقارنة بمستواه في العام السابق والبالغ 108.3 مليون دولار. وبنهاية العام، بلغت استثمارات الصندوق نحو 3.2 مليار دولار في ما مجموعه 198 من البرامج والمشروعات الجارية في 80 بلداً.

ويلاحظ ان افريقيا تحظى بنصيب الاسد من برامج ايفاد، اذ هناك 88 مشروعا وبرنامجا في 33 بلدا باكثر من مليار وربع المليار دولار (1.273 مليون دولار)، مقابل 44 مشروعا في 15 بلدا في اسيا والمحيط الهادي باقل من مليار دولار (891 مليون دولار) و28 مشروعا في اميركا اللاتينية والكاريبي بنحو نصف مليار دولار (502.7 مليون دولار) و38 مشروعا في 16 بلدا في الشرق الادنى وشمال افريقيا واوروبا الوسطى والشرقية بنحو 550 مليون دولار.

وتزامنت الاجتماعات السنوية هذا العام مع احتفال ايفاد بمرور ثلاثين عاما على انشاء الصندوق بمبادرة من دول اوبك والدول الصناعية. وشارك في احتفالات هذا العام رؤساء الصندوق الدولي الثلاثة السابقين الذين توالوا على رئاسة ايفاد منذ انشائه عام 1978 وهم السعودي عبد المحسن السديري والجزائري ادريس الجزائري والكويتي فوزي حمد السلطان.

وفي كلمته امام المؤتمر طالب رئيس ايفاد لينارت بوغة المجتمع الدولي بزيادة الاستثمار في الزراعة خاصة المستدامة والصغيرة الحجم للقضاء على الفقر ومواجهة التغيرات المناخية.

واشار بوغة الى ان الانفاق الحكومي على الزراعة يتراجع في السنوات الاخيرة، وان دعم التنمية للقطاع الزراعي تراجع من 18 في المائة من اجمالي المساعدات عام 1979 الى 2.9 في المائة عام 2006.

ويواجه سكان افريقيا الخطر الاكبر، حيث تزيد صعوبة الحصول على المياه لحوالي 75 مليونا من سكان القارة السوداء. وتحدث في الجلسة الافتتاحية، ملقيا كلمة العاهل السعودي خادم الحرمين الشريفين، وزير الزراعة في المملكة العربية السعودية، الدكتور فهد بن عبد الرحمن بن سليمان بالغنيم، مؤكدا اهمية الزراعة بالنسبة للمملكة وعلى دورها في دعم التنمية الريفية ومكافحة الفقر في العالم. وعن مساهمة المملكة في الصندوق قال الوزير السعودي: «المملكة واصلت تقديم مساهمتها للصندوق منذ انشائه بدون انقطاع، ولقد بلغت مساهمة المملكة للصندوق منذ انشائه اكثر من ثلاثمائة وتسعة وثمانين مليون دولار (389.923 مليون دولار)».

وبالنسبة للقضايا الاخرى المطروحة على اجتماعات الصندوق، قال بالغنيم: «اود الاشارة هنا الى انه من منطلق اهتمام المملكة بالبيئة والمناخ العالمي فقد اقترحت في اجتماع رؤساء دول منظمة (اوبك) الذي عقد في الرياض في شهر نوفمبر 2007 انشاء صندوق للابحاث المتعلقة بالعوامل المؤثرة (شاملة النفط) على تغيير المناخ والبيئة وقدمت المملكة لهذا الصندوق مبلغ 300 مليون دولار».

وتستمر دورة مجلس محافظي الذي يعد أعلى سلطات اتخاذ القرار في الايفاد حتى مساء الخميس لمناقشة المسائل الادارية وموازنة الصندوق بالاضافة الى الخطوط العريضة للسياسات المرتبطة بالالتزام العالمي ضد الفقر الريفي والذي يعتبر مهمة الصندوق الرئيسية.

وعقدت على هامش اجتماعات مجلس المحافظين ثلاث موائد مستديرة حول تغير المناخ وأثره على مستقبل زراعة أصحاب الحيازات الصغيرة والتوسع في استخدام الوقود الحيوي وما يمثله من تحديات وفرص أمام سكان الريف، بالاضافة الى زيادة الطلب على الزراعة وارتفاع أسعار السلع.