الأسهم السعودية تعيش «مرارة الهبوط» فعليا و«حلاوة الصعود» معنويا

المؤشر الأسبوعي يفقد 300 نقطة وتراجع قيمة الأسهم المتداولة 30% إلى 11.7 مليار دولار

TT

عاشت سوق الأسهم السعودية خلال تداولات هذا الأسبوع (من السبت وحتى الأربعاء) بين حالتين الأولى «مرارة الهبوط» التي تمثلت في تجرع المؤشر العام لخسارات متتالية استمرت من السبت وحتى الاثنين، والثاني انعكاس الوضع وبدء إشارة التفاؤل بعودة المؤشر العام للصمود واكتساء اللون الأخضر خلال اليومين الأخيرين (الثلاثاء والأربعاء).

وجاء سيناريو «مرارة الهبوط» بعد أن بدأ المؤشر العام تداولاته الأسبوعية بخسارة قاسية قوامها 3.6 في المائة (350 نقطة)، أعقبها تراجع حاد بنسبة 2.3 في المائة فاقدا بها 215 نقطة، ليتبعها خلال يوم الاثنين خسارة 0.9 في المائة تشكل 82.5 نقطة، بينما ارتد المؤشر العام الثلاثاء الماضي ليسترد جزءا من خساراته المتعاقبة بنسبة طيبة جدا قوامها 3.4 في المائة، قبل أن يقفل تداولاته الأسبوعية مرتفعا نصف نقطة مئوية تقريبا ليكون بذلك أعطى مؤشرا إيجابيا معنويا وأذاق المتعاملين «حلاوة الصعود» ولو نفسيا.

وأقفل مؤشر العام الأسبوعي لسوق الأسهم المحلي الأربعاء الماضي عند 9185.07 نقطة، خاسرا 299.35 نقطة عن الأسبوع الماضي، تمثل تراجعا قوامه 3.1 في المائة، تم خلالها تداول أكثر من 1.1 مليار سهم، تجاوزت قيمتها الإجمالية 44.2 مليار ريال (11.7 مليار دولار)، نفذت عبر 1.2 مليون صفقة.

وتعود ارتدادة سوق الأسهم الإيجابية نهاية الأسبوع والتي على اثرها عوضت جزءا من خسائرها التي منيت بها سابقا، بفضل سهم الشركة القيادية "سابك" الذي تعرض لردة فعل سلبية مبالغ فيها على نتائج الشركة الأخيرة وبعض الأنباء التي تواردت بتراجع أسعار المنتجات البتروكيماوية على المستوى العالمي دفعت سعره للوصول إلى مستويات متدنية، أثر بالتالي على المؤشر العام.

وانعكس ذلك جليا على انخفاض قيمة التداول السوقي خلال هذا الأسبوع لتبلغ (44.2 مليار ريال) مقابل 63.7 مليار ريال (16.9 مليار دولار) للأسبوع الماضي تمثل انخفاضا قوامه 30.6 في المائة، وذلك جراء التراجع العنيف الذي أثر على نفسيات المتعاملين.

وفي ما يتعلق بأهم أخبار السوق، لاتزال عملية الاكتتاب العام في الطرح الأولي لثالث شركة اتصالات متنقلة في سوق الاتصالات السعودية على 700 مليون سهم في شركة الاتصالات المتنقلة «زين السعودية» حيث تمت تغطية المطروح نقديا بنسبة 108 في المائة وفقا لما تم إعلانه. في حين شهدت السوق إدراج وبدء تداول أسهم كل من «الاتحاد التجاري للتأمين» و«الصقر للتأمين» يومي السبت والأحد على التوالي، واستطاع السهمان أن يسجلا ارتفاعاً بنسبة 380 و333 في المائة على التوالي عن سعر اكتتابهما في يوم إدراجهما في قطاع التأمين. وهنا رؤية تحليلية حول قطاعات السوق:

* قطاع البنوك شهد هذا القطاع تحولين خلال الأسبوع الحالي بين تراجع وصعود، تفاعلت مع تحرك قوى محافظ الصناديق والأفراد، إلا أنه يسجل لمكونات القطاع محدودية الخسارة بين القطاعات الأخرى، لاسيما أن ملاك الأسهم يذهبون لتغليب الجانب الاستثماري على الجانب التداولاتي المعتاد (المضاربة اليومية)، إلا في حالات محدودة.

ويمكن إثبات هذه الرؤية إحصائيا حيث لم يتجاوز نسبة تملك القطاع من إجمالي السيولة المدورة إلا بواقع 4 في المائة فقط، بينما لم يسجل المؤشر الخاص بقطاع البنوك خسارة خلال تداولات هذا الأسبوع بل على العكس أوضح أنه تفاعل مع ارتفاعات اليومين الأخيرين ليصعد 1.2 في المائة. وينتظر أن يكون لبعض مكونات القطاع دور هام يمكن أن تلعبه خلال الأسبوع المقبل من عمر التداول مع التفاؤل بتحركه للوصول إلى مستويات سعرية أعلى من التي وصل إليها مؤخرا.

* قطاع الصناعة لايزال يرشح أن يقود القطاع أي حركة لصعود مؤشرات سوق الأسهم خلال الأسبوع المقبل نتيجة الثقل الكبير الذي بات يمثله القطاع، ويكفي الإشارة إلى ما يمكن أن يحدثه سهم شركة «سابك» الذي يرجع له الدور الرئيسي في ضبط وقع تراجعات الأسبوع الحالي والحد من موجة الانخفاض القاسية بحكم أنه اللاعب الأول في السوق، يضاف لها المكونات الجديدة التي أضيفت والتي ربما سيكون لها تأثير واسع في مؤشرات السوق في المستقبل القريب خاصة شركات الصناعة البتروكيماوية. واستحوذت شركات القطاع الصناعي على أكثر من نصف قيمة المتداول، وتحديدا 54 في المائة من إجمالي ما تم تدويره خلال الأسبوع، ولكن يسجل لها في الوقت ذاته أن القطاع لم يتعرض لخسارة واضحة بل لم يتجاوز تراجع مؤشره الخاص سوى 0.34 في المائة فقط.

* قطاع الإسمنت لم يكن المتعاملون راضين عن أداء قطاعهم الذي يصنف بأنه الأقوى بجوار قطاع البنوك من الناحية الاستثمارية، إذ لم تتفاعل مكونات القطاع مع تحركات السوق الإيجابية خلال اليومين الأخيرين في التداول مكتفيا بارتفاعات ضيقة جدا.

ويمكن اعتبار تراجع مؤشر عام هذا القطاع بواقع 0.36 في المائة خلال الأسبوع الجاري، إشارة إيجابية لمستقبل أسعار أسهم مكوناته خلال الفترة القليلة الماضية إذ لا تزال الأسعار في المتناول ومغرية لشريحة المستثمرين، ولكن لا يمكن التنبؤ بأكثر من ذلك على صعيد المضاربات أو حصول فورة وانتعاش دراماتيكي على أسهم الشركات العاملة.

* قطاع الخدمات يرجح أن يكون بعض من مكونات القطاع هدفا مستقبليا لشريحة المضاربين خلال الفترة القريبة المقبلة لاسيما مع عدم وصول المؤشر العام إلى مستوى 9500 نقطة حيث ستكون أسعار معظم الشركات الخدماتية المؤهلة للمضاربة مغرية خاصة مع خصائص خفة الحجم وقلة التأثير في المؤشر التي تتميز بها، لتكون خيارا يتم اللجوء إليه في وقته أمام المضاربين والمحافظ والصناديق. وسجل قطاع الخدمات أعلى نسبة خسائر بين مؤشرات السوق الخاصة بالقطاعات، حيث منيت بفقد 0.83 في المائة من حصيلته النقطية، في الوقت الذي تراجعت فيه شهية شرائح متعددة من المتعاملين الأفراد والمؤسسات من التداول والمضاربة في مكوناته وانجرافهم لقطاعات جديدة منها التأمين، يدل على ذلك أن نسبة القيمة التي استحوذ عليها القطاع تأتي في المرتبة الثالثة بواقع 17 في المائة من إجمالي قيمة المتداول في السوق، بعد أن كانت تحتل المركز الثاني بشكل مستمر.

* قطاع الكهرباء سجل هذا القطاع أكبر القطاعات ارتفاعا خلال تداولات الأسبوع حيث صعد مؤشره الخاص 1.9 في المائة، وهو الأمر الذي يكشف بوضوح عن تفاعل القطاع مع حركة السوق بشكل عام في اليومين الأخيرين من التداول. وينتظر أن تسجل حركة التداول عليه مزيدا من التفاعلات خلال الأسبوع المقبل ولو بمعدلات سعرية محدودة ربما يحركها ثبات سعر المكونات على هوامش ربح ضيقة جدا منذ فترة طويلة.

* قطاع الاتصالات بدأ قطاع البنوك بشد حزام المنافسة وإعادة ترتيب أوراقها مع استمرار الاكتتاب في الطرح الأول لشركة الاتصالات المتنقلة «زين» – ثالث مشغل جوال - أمام السعوديين حاليا، إذ أعلنت شركة الاتصالات السعودية حصولها على تصنيف ائتماني قوي بدرجة A + من وكالتين تصنيفيتين عالميتين، الأمر الذي سيدعم موقفها الائتماني ويؤهلها للحصول على قروض تمويلية لأي استثمارات استراتيجية مستقبلية. مقابل ذلك، كشفت شركة اتحاد اتصالات «موبايلي» عن تحليل لإحدى البنوك قيّمت سعر سهمها بأعلى مما هو متداول في سوق الأسهم السعودية.

وكانت مكونات القطاع شاركت بقوة في مساعدة المؤشر العام وتقليص حدة موجة الهبوط القائمة حتى الآن، وهو الأمر الذي يجعل مع مكونات القطاع مؤهلة لمواصلة دفعها للمؤشر العام لاسيما مع وصول أسعارها إلى مستويات متدنية ومغرية على الصعيد الاستثماري.

* قطاع التأمين ارتدت مؤشرات القطاع التأميني خلال الأسبوع الماضي متفاعلة من انتعاش السوق خلال اليومين الأخيرين من التداولات، ليصل المؤشر الخاص بالقطاع على ارتفاع 0.51 في المائة، بينما سجل ثاني أكثر القطاعات من حيث الاستحواذ على قيمة التداول الإجمالية بواقع 20 في المائة.

وتبرز في القطاع مميزات أخرى تزيد من ترشيح تواصل عمليات المضاربة على أسعار الشركات المدرجة تحت مظلته، أهمها تواصل إدراج الشركات الجديدة، يضاف لها تباين أسعار الشركات مما يجعل فرصة الانتقاء والاختيار أكثر أمام المتعاملين. كذلك تدوير عملية الانخفاض والهبوط بين أسهم الشركات العاملة تمثل ميّزة تنافسية بين القطاعات الأخرى مما يعزز موقف المحفظة للتحرك السريع ومحاولة استغلال الفرص وتحقيق أرباح فعلية.

* قطاع الزراعة ينتظر أن تكون شركات القطاع خيارا ثانيا أمام قوى المضاربة والمحافظ الذكية خلال الأسبوع المقبل للولوج في شركات القطاع وممارسة سياسة التعاملات السريعة، إلا أن الوضع في القطاع لا يمكن الاعتماد عليه في معظم الشركات العاملة من الناحية البقاء من الناحية الاستثمارية الأمر الذي يعزز الرؤية بأن عمليات التداول ستكون خطافية وسريعة جدا.

وكانت مؤشرات أسهم القطاع تفاعلت سلبا مع آخر لحظات تعاملات يوم الأربعاء المنصرم، لتخفض بذلك مؤشرها الخاص بنسبة بسيطة 0.08 في المائة، فيما استحوذت على 2 في المائة من إجمالي قيمة المتداول في أسبوع.