خبراء: تباطؤ الاقتصاد الأميركي قد يضر بالميزان التجاري المصري

ينعكس على الاستثمارات القادمة منه وعلى قناة السويس و«الكويز» والمعونة

TT

أثار تأكيد الرئيس الأميركي، جورج بوش، بأن اقتصاد بلاده يواجه مصاعب في الفترة الحالية، مخاوف من أن تمتد تأثيراتها وأن تبدأ بالظهور في الدول العربية في المدى المنظور.

وعلى الرغم من أن الجدل لا يزال دائرا في أميركا وخارجها حول مدى عمق أزمة الاقتصاد الأميركى، وهل سيدخل الى مرحلة ركود، وبأي درجة أيضا أم لا؟ فان خبراء مصريين تحدثت إليهم «الشرق الأوسط» أكدوا أن مشكلة الاقتصاد الأميركي بدأت تلقي ظلالها بالفعل على الاقتصاد العالمي ككل، ومنه مصر التي ترتبط بقوة به بعدة روابط.

وأوضحوا أن أي تباطؤ في ذلك الاقتصاد سترافقه زيادة في الآثار السلبية، وان أشاروا الى استبعاد حدوث كساد أميركي أو انهيار اقتصادي كبير بسبب قدرة هذا الاقتصاد وتنوعه وبفضل المتغيرات العالمية التي جعلت الاقتصاد الأكبر في العالم حتى الآن اقل وزنا وتأثيرا في الأوضاع الدولية عن ذي قبل لصعود قوى كالصين والهند.

وتوضح الأرقام مدى ارتباط الاقتصاد المصري بالاقتصاد الأميركي حيث أن حجم التبادل التجاري حقق قفزات كبيرة خلال السنوات الأربع الماضية، حيث بلغ العام الماضى 7.5 مليار دولار بزيادة قدرها مليار دولار عن العام الأسبق.

كما تعتبر الولايات المتحدة أكبر شريك تجارى لمصر، اذ بلغت الواردات الأميركية من مصر خلال العام الماضى 33% من إجمالى الصادرات المصرية، في حين بلغت الإستثمارات الأمريكية في مصر أكثر من 6 مليارات دولار في2007 و هناك 700 شركة مصرية مرتبطة ب اتفاقية الكويز.

بينما وصلت قيمة الصادرات المصرية للولايات المتحدة من المناطق الصناعية المؤهلة (QIZ) 627 مليون دولار بزيادة قدرها 300% من صادرات المنسوجات المصرية لأمريكا قبل إنشاء هذه المناطق.

وفي هذا السياق يشير الخبير الدكتور سمير رضوان، عضو مجلس إدارة هيئة الاستثمار، الى أن الاقتصادي الأمريكي البارز «بوول كروغمان» حذر في كتاب سابق له من معاناة الاقتصاد الأمريكي من اختلالات مزمنة منذ فترة طويلة على رأسها عجز الموازنة وأنها امتدت من الحكومة إلى الأسر الأمريكية والتي تعيش على الاقتراض.

وقال كروغمان أن الفقاعة التي نتجت عن التخفيض الكبير في الضرائب على أصحاب الأعمال في أمريكا أدت لزيادة الإقبال على الاقتراض وعدم القدرة على السداد، موضحا أن الاقتصاد الأميركي لم ينجح في تخفيض عجز الموازنة ولا الدين العام وأن الأمر يثير تساؤل هو: هل سيصل الاقتصاد الأمريكي إلى مرحلة كساد أم مجرد تباطؤ؟

ويؤكد الدكتور سمير رضوان أنه أيا كانت الإجابة، فالمؤكد أن الاقتصاد العالمي ومنه الاقتصاد المصري، لا بد أن يتأثر بما يحدث للاقتصاد الأمريكي وأضاف أن حوالي 34% من تجارة مصر مع أمريكا كما أن الجزء الأكبر من حركة المرور في قناة السويس يعتمد على الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوربا ولا شك ستتأثر هذه الحركة بتباطؤ الاقتصاد الأميركي. من جهته اعتبر سفير مصر الأسبق بالولايات المتحدة عبد الرؤوف الريدى أن أخطر جوانب تأثر الإقتصاد المصرى بتباطؤ الاقتصاد الأمريكي هو انخفاض الدولار مما يهدد تنافسية الصادرات المصرية وحدوث حالة من التضخم بدأت تظهر بالفعل في العديد من السلع خاصة المستوردة من أوروبا لارتفاع اليورو فضلا عن تقليص الأمريكان لإستثماراتهم في العالم الخارجى ومنه مصر.

نفس الاتجاه يؤيده الدكتور رشاد عبده الخبير الإقتصادى والأستاذ بجامعة القاهرة والذي يؤكد أن الاستثمارات الأمريكية في الدول الخارجية ومنها مصر ستنخفض وأن نسبة السياحة الأمريكية لدول العالم ومنها مصر كذلك ستتأثر وان كان يرى أن البنوك المصرية لا تستثمر بالخارج وبالتالي فهي في منأى عن هذا التباطؤ. ويضيف الدكتور رشاد عبده أن الجزء الأكبر من صادرات مصر يذهب لأميركا وهناك رهان متزايد لدى صانعي السياسة على السوق الأميركي وكذلك على اتفاقية «الكويز» التي نعتمد عليها في تصدير الملابس الجاهزة والمنسوجات ـ بالأساس ـ بدون جمارك وفي ظل التباطؤ المتوقع سيقل إقبال أميركا على الاستيراد من دول العالم المختلفة ومنها مصر مما سينعكس على نقص الحصيلة الدولارية التي نحصل عليها.

ويطالب عبده الحكومة المصرية بأن تعد دراسات حول السيناريوهات المتوقعة للآثار المباشرة وغير المباشرة لتباطؤ الاقتصاد الأميركي على مصر ومع ذلك يتحفظ الدكتور سمير رضوان في المبالغة من الأثر المتوقع نتيجة تباطؤ الاقتصاد الأميركي لتنوع الاقتصاد المصري وتمتعه بدفع ذاتي يمكنه من تحمل صدمة الركود الأميركي لمدة عام أو عامين حيث ان مصر تمتلك 32 مليار دولار كاحتياطيات دولية تمكن من تغطية وارداتنا نحو تسعة أشهر مما يضع مصر في دائرة الأمان حيث الحد الآمن هو 6 أشهر. وفي نفس السياق يقول الدكتور حسن الحيوان أمين عام المجلس المصري الأوروبي أن الإدارة الأميركية لن تسمح لاقتصادها أن يصل لدرجة الكساد وحذر من الترويج الدائم لفكرة حدوث انكماش في الاقتصاد الأميركي والذي يمكن أن يؤدى لتخوف المستثمرين من الإنفاق مما ينعكس على حدوث حالة من الركود بالفعل.

وذكر الحيوان أن القوى الاقتصادية الصاعدة كالصين والهند تقيم نوعا ما من التوازن يحد من الانعكاسات السلبية لأوضاع الاقتصاد الأميركي ويعتبر المفكر الاقتصادي شريف دلاور، عضو أمانة السياسات بالحزب الوطني سابقا، ان تأثر الاقتصاد المصري بتباطؤ نظيره الأميركي لن يكون كبيرا لان السياسة المصرية تسعى منذ وقت لتأكيد تنوع معاملاتها الخارجية بدليل الإعلان عن إن الصين ستكون الشريك التجاري الأول لمصر في اقل من عشرة أعوام.