مؤسسات التحليل المالي.. دعوة للتحقق

TT

التحليل المالي بلا شك يعتمد على معادلات متعارف عليها دولياً ومتفق على أهمية دلالاتها على أوضاع الأسواق المالية، وبشكل خاص على الأوضاع المالية للشركات المساهمة. فعندما نقرأ متوسط أرباح الشركات في دولة ما أو أرباح شركات قطاع ما أو أرباح شركة بعينها، فالذي يحصل أن هذه النتائج تصبح لدى المستفيدين منها بمثابة المصدر الأساس لدلالاتهم وبناء قناعاتهم.. وليتخذوا منها قراراتهم الاستثمارية.. إضافة إلى القرارات الإدارية والمالية الأخرى.

والذي ينبغي الإشارة إليه أن المؤسسات المالية ومؤسسات التحليل المالي ودور الخبرة مثل Bloomberg والجهات الرسمية الدولية كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي وغيرها من المؤسسات المتخصصة في إعداد المؤشرات المالية العالمية، لا تعطي للمستخدم بيانات توضح كيفية إعداد النسب والمؤشرات المالية الأخرى التي تم التوصل لها. حيث يقوم على إعداد هذه الأرقام أشخاص اقتصاديون.. وفي بعض الأحيان ليسوا ماليين ولا اقتصاديين. وهؤلاء ليس بالضرورة أن تتوافر لديهم الخلفية العلمية والمهنية المحاسبية التي تمكنهم من قراءة أسس إعداد القوائم المالية والمعايير المحاسبية التي أعدت في ضوئها هذه القوائم المالية. وكل الذي يحدث أن هذه المؤسسات تقوم بعمل مؤشراتها بناء على الأرقام الظاهرة في القوائم المالية (على ما هي عليه).

من ذلك لا يراعى في البيات المالية أن الأرقام التي تُستخدم فيها كمدخلات لجميع المؤشرات المالية، أن مصدرها الأساس هو القوائم المالية.. وأن هذه القوائم المالية يتم إعدادها بناء على معايير محاسبية معمول بها في كل دولة. فهناك دول تعتمد المعايير المحاسبية الدولية، وهناك دول تعتمد خليطا من المعايير الدولية والأميركية، وهناك دول لها معايير محاسبية خاصة بها. فعلى سبيل المثال: في السعودية يتم إعداد القوائم المالية للشركات المساهمة طبقاً لمعايير محاسبية محلية. وبالتالي فهذه المعايير (من الطبيعي) أن تؤثر في دلالات أرقام القوائم المالية. وذلك بالأخذ بالاعتبار تعدد خيارات وطرق إعداد وعرض بيانات القوائم. ومن هنا فإنني أقترح تعاوناً بين مؤسسات التحليل المالي التعاون وهيئة سوق المال السعودية والهيئة السعودية للمحاسبين والمراجعين القانونيين، لدراسة كيفية إعداد النسب المالية والمؤشرات المالية الأخرى. وذلك من خلال استخدام نماذج معدلة تتفق نتائجها مع ما هو متبع طبقاً لمعايير المحاسبية الدولية.

وبهذه المناسبة أهيب بالطموحين من الباحثين من طلبة الدراسات العليا ومن أساتذة الدراسات الجامعية المتخصصين في المحاسبة والمالية والتحليل المالي، أن يقوموا بمثل هذه الدراسة بالتعاون مع المؤسسات المالية ودور الاستشارات المالية والتحليل المالي للقيام بفحص الطرق المتبعة لاستخراج الأرقام والمؤشرات المالية المعمول بها، لتقديم خدمة غالية لمجتمع المال والأعمال، على طريق تصحيح بناء أسس ومفاهيم بناء القناعات المالية.

وفي الختام، الذي أدعو له مجرد دراسة للتحقق مما يطابق أسس إعداد النسب والمؤشرات المالية الأخرى.. وأرجو ألا يعلق على المقترح أحد ممن شاركوا في إعداد المعايير السعودية ليقول إنها تنطبق مع المعايير الدولية أو إنها الأفضل أو الأدق. لأن المقترح هنا يتطلب أن تأتي جهة مستقلة (طرف ثالث)، لا يُعين (ولا تدفع أتعابه) من قبل الجهة المعنية بإصدار المعايير أو من قبل جهة لها مصلحة في نوع النتائج التي ستخرج من الدراسة، ليشهد بتوافق المعايير السعودية مع الدولية، أو يحدد ماهية الاختلافات وسبل تكييفها.

* محلل مالي سعودي [email protected]