منتدى جدة الاقتصادي: دعوات للتعايش بين الثقافات والحفاظ على المبادئ

السياسة تطغى في اليوم الأول.. والأمير تركي الفيصل يخاطب المجتمع الدولي ويقول «جدران الجيران تحترق»

TT

بعد تأخير استمر نحو 30 دقيقة، انطلقت صباح أمس، أولى جلسات النقاش في منتدى جدة الاقتصادي في نسخته التاسعة، حيث أرادها الأمير تركي الفيصل أن تكون بداية ساخنة، وهو يخاطب المجتمع الدولي بضرورة وقف «احتراق جدران الجيران في العراق وأفغانستان وفلسطين». في وقت قال فيه الدكتور حارس سلازيك رئيس البوسنة في بداية الجلسة الاولى، التي حملت عنوان «من البيت إلى العالم» أن البوسنة تعتبر رمزاً للتعايش بين الثقافات، ويدفعنا هذا إلى الحفاظ على المبادئ»، مؤكداً ،في ذات الوقت، أهمية الحوار، باعتباره الأداة الوحيدة في إطار العولمة. من جانبه قال سلام فياض رئيس وزراء فلسطين، إن الأسرة الدولية تعمل على الحفاظ على المبادئ والخروج من حضارة الصراع، فيما دعا سلازيك المستثمرين إلى الاستثمار في إمكانيات البوسنة والهرسك، خاصة في مجال الحديد والصلب والسياحة لافتا، إلى قرب انضمام بلاده إلى الاتحاد الأوربي. وعاد الفيصل وهو سفير للسعودية سابق في لندن وواشنطن، ورئيس أسبق للاستخبارات العامة، في شق آخر ليقول إن بلاده تعمل لجمع الأطراف من أجل السلام، ولها إسهامات كبيرة في المساعدة في الكوارث الطبيعية. لافتا إلى أنها داعمة لضحايا الكوارث في أفريقيا ودارفور وإعصار تسونامي، وأنها كانت في مقدمة البلدان التي ساعدت في إعصار ضرب الولايات المتحدة، وقدمت النجدة بشكل أسرع من الحكومة الأميركية.

وانتقل الأمير تركي الفيصل، إلى الحديث عن التطورات الاقتصادية في منطقة الشرق الأوسط والتدافع الاقتصادي بفضل ارتفاع أسعار النفط، مما أدى إلى تنشيط الاستثمار ودفع السعودية إلى تنويع مصادر الدخل والبعد قليلاً عن محور النفط.

وأشار إلى الانفتاح الذي تعيشه المملكة مع العالم الخارجي خاصة بعد انضمامها لمنظمة التجارية العالمية، معتبرا الطريق الوحيد لتحسين ظروفها هو الاتصال بالآخرين. لافتا إلى تمرس منطقة الشرق الأوسط على هذا الاتصال منذ التاريخ القديم، وهي التي كانت قبل 1000 عام محطة لعلاقات تجارية واسعة، حيث الحكام العباسيون نجحوا من تلاقح الثقافات، حتى انتشرت الثقافة والمد الإسلامي، مستذكرا العثمانيين واتفاقيتهم مع البريطانيين والفرنسيين، داعيا إلى مد يد التعاون مع الآخرين نحو أمن وأمان مشترك. وخلص إلى القول بضرورة الالتزام بالقيم، وأن انتقالها من البيوت إلى العالم يحقق الكثير للمجتمع الدولي، وأن نمو الدول مرتبط بالتمسك بتقاليدها فيما الكراهية والتطرف يهمشان على مستوى العالم، مستطردا أن الأحفاد لديهم آليات لتحقيق مهمة التحالفات والشراكات العالمية. فيما أكد الدكتور سلام فياض، على أن السلطة الفلسطينية لا يمكن أن تناضل وحدها، لافتا إلى أن عنوان المنتدى يرتبط كثيراً بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني. ووجه فياض رسالة للعالم عبر منتدى جدة الاقتصادي قائلاً «نحن نريد أن تكون دولة فلسطين وعاصمتها القدس في حدود عام 67»، منوهاً بأن العالم يتجاوب مع رسالتهم. وانتقل فياض إلى الحديث عن الدعم الدولي المقدم للدولة الفلسطينية، وأشار إلى الخطة الثلاثية للإصلاح والتنمية لدعم الميزانية، معدداً التحديات التي تواجههم خاصة في نابلس من نقاط التفتيش الإسرائيلية، وما يمارس تجاه الشعب الفلسطيني، وأنهم يعملون على استقرار الأمن رغم التعديات الإسرائيلية، مؤكدا أن السلطة الفلسطينية هي الممثل الوحيد للفلسطينيين. وفي إطار الاحترازات المالية التي اتخذتها فلسطين، أشار فياض إلى إنشاء حساب خاص بالسلطة، لضمان الشفافية مما دفع إلى تلقي المساعدات الدولية، وانشاء موقع الكتروني يمكن من خلاله لأي شخص الاطلاع على تفاصيل العمليات المالية.

وفي تصويت تفاعلي في ختام الجلسة الاولى، وجه سؤال للحضور، مفاده «هل الصوت العربي مسموع جيدا عن العام الماضي»، ليجيب 42 في المائة بنعم من الحاضرين فيما أجاب 58 بـ«لا».

واتفق المتحدثون في منتدى جدة الاقتصادي التاسع على أهمية إعادة التفكير في مفهوم العقار والمراكز الحضرية وضرورة انسجام الجمال بالوظيفة ومزاوجة التراث بالحداثة.

وفي الجلسة الثانية للمنتدى التي بدأت بعد ظهر أمس، خاطب الجلسة الأمير تشارلز ولي عهد بريطانيا عبر رسالة مسجلة، والمهندس عادل فقيه أمين مدينة جدة ومارك موريال الرئيس والمدير العام للرابطة الحضرية الوطنية، وتم خلالها تقديم نظرة محلية، تمثلت في نبذة عن أصدقاء حدائق جدة، ونبذة عن مشروع جبل عمر.

وكشف المسؤولون في مشروع حدائق جدة، عن أن النية تتجه لإنشاء 4 حدائق، تصل تكلفة احداها اكثر من 40 مليون ريال (10.6 مليون دولار)، فيما كانت الفكرة قد بدأتها 3 سيدات لتصبح بعد ذلك فكرة تنموية.

وخاطب الأمير تشارلز عبر رسالته المسجلة، المنتدى حول التنمية الحضرية المستدامة، والعمل الخيري قائلاً «يؤسفني ألا أكون بينكم، ويسرني أن أكون معكم فكراً لا جسداً»، وأستطرد «أنا لا أدعي الاختصاص في النظرية الاقتصادية، ولكن لدي رؤية أتمنى أن أشاطركم إياها».

وشارك مارك موريال، الذي تقلد منصب رئيس بلدية سابق، ولي العهد البريطاني في رؤيته، حيث أشار إلى أن تنمية المراكز الحضرية تحتاج إلى الإدارة والمعرفة الحكيمة، مؤكدا ضرورة أن يحترم البناء الثقافة والتقاليد.

واستطرد ولي العهد البريطاني في طرح رؤيته حول تنمية المراكز الحضرية من خلال ما سماه «المزيج الحاذق» ما بين الوظيفة والتراث، موضحا أن الأمر لا يتعلق بمجرد فضاءات تجارية، ولا بد أن تكون العملية المعمارية جزءا من بيئة عامة، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن الحداثة لا تعني الانفصام عن الماضي.

وأكد تشارلز أن البيئة ليست ترفاً، وتساءل قائلاً لماذا لا نفكر في أن ندفع مقابلاً للحصول على هواء نقي، مستطردا أن الحاجة للهواء أكبر منها إلى الكهرباء «وعلينا أن نجد حلولاً للمشاكل الكونية، وهذا يتطلب شراكة عامة ودائمة، ونحن في أشد الحاجة إلى نظرة متبصرة للتنمية». وفي ختام الجلسة، قدم مارك موريال شكره للسعودية، لما قدمته من مساعدة لمدينته (نيوا ور ليانز) عندما ضربها الإعصار، مؤكداً أن العالم يعيش ثروة معمارية تحتاج إلى إرادة والحكمة، واتخاذ الجودة سبيلاً للتطوير والتنمية، وأن المدن الناجحة هي التي تعتمد على تعزيز منظومة متطورة من النقل العام، إضافة إلى بنية تحتية تنظر 25 عاماً للأمام.

وحول التعايش بين ثقافات الدول، صوت الحضور في ختام الجلسة الثانية بنسبة 88 في المائة، لصالح مبدأ القبول بالتعايش، فيما رفض نحو 10 في المائة هذا المبدأ.