جرينسبان: تعويم عملات الخليج سيخفف من حدة التضخم

نائب محافظ «ساما»: ربط الريال بالدولار خدم وما زال يخدم مصالحنا الاقتصادية

جرينسبان محافظ البنك المركزي الأميركي السابق يتحدث في منتدى جدة الاقتصادي (أ ف ب)
TT

دعا خبير اقتصادي عالمي أمس الى تعويم عملات دول الخليج العربي من خلال فك ارتباطها بالدولار لمواجهة التضخم، إلا أنه أشار إلى أن ذلك لن يمحو التضخم ولكنه سيخفف منه، وهو الامر الذي اعترض عليه مسؤول في البنك المركزي السعودي «ساما»، معتبرا ان ربط عملة بلاده بالدولار خدم وما زال يخدم مصالحها الاقتصادية.

وأكد الان جرينسبان الرئيس السابق لمجلس الاحتياطي الاتحادي البنك المركزي الاميركي امس خلال حديثه في منتدى جدة الاقتصادي «ان التضخم الذي بلغ مستويات شبه قياسية في دول الخليج سيتراجع بدرجة كبيرة اذا تخلت تلك الدول عن ربط عملاتها بالدولار».

وقال جرينسبان «ان التعويم الحر لعملات الخليج لن يمحو الضغوط التضخمية بالكامل في الاجل القصير ولكنه سيخفف من حدة التضخم بدرجة كبيرة». غير أن نائب محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي البنك المركزي الدكتور محمد الجاسر نفى أن تكون هناك نوايا لفك ارتباط الريال بالدولار، واللحاق بركب الكويت في هذا المجال، وشدد على أن تمسك السعودية بقناعتها في استمرار ربط عملتها الرئيسية بسلة الدولار لا يعود لأسباب سياسية، لكنه يرتبط بشكل وثيق بالفوائد التي تجنيها من استمرار النظام الحالي. مؤكدا أن ربط الريال بالدولار خدم المصالح الاقتصادية للمملكة وما زال يخدمها.

ويأتي ذلك في وقت بلغ معدل التضخم في السعودية 7 في المائة في يناير (كانون الثاني) الماضي ليسجل أعلى مستوى منذ 27 عاما على الاقل. كما ارتفع التضخم في الامارات في عام 2006 الى 9.3 بالمائة مسجلا أعلى مستوى في 19 عاما على الاقل. وهذه أحدث احصائيات متاحة فيما يخص التضخم بالامارات.

من جهته قال حمد السياري محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي ان التضخم في المملكة سيظل مرتفعا في الاشهر الستة الاولى من العام الجاري قبل أن ينخفض في النصف الثاني من العام الجاري. وبين «بانه سيتراجع التضخم في النصف الثاني من هذا العام بعد أن يصل الى ذروته في النصف الاول، مضيفا «نأمل أن تحدث الاجراءات التي اتخذتها الحكومة مؤخرا أفضل تأثيرا بخصوص التضخم في الربع الثاني وهو ما سيسهم في استقرار التضخم وبقائه قرب مستوياته في عام 2007.

الى ذلك أكد الدكتور محمد الجاسر نائب محافظ مؤسسة النقد السعودي، خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده أمس على هامش المنتدى أن الاقتصاد السعودي استفاد بشكل كبير على مدار السنوات من ربطه بالدولار، لأنه يقوم بشكل كبير على تصدير النفط الذي يجري تسعيره عالميا بالدولار.

وقال «لا ينبغي أن يتم النظر للأمر بشكل أحادي، فنحن لا نملك اقتصاد متنوع مثل أميركا وبعض الدول الأوروبية حتى نقوم بتعويم العملة السعودية، حيث أجمع أغلب الخبراء على أن الاقتصاديات المتنوعة هي الأكثر قابلية للتعويم وعدم الارتباط بسلة عملات معينة».

وأعتبر الجاسر التصريحات التي ذكرت عن تسعير النفط في المرحلة المقبلة باليورو وليس بالدولار سياسية، مشيرا الى أن الوضع سيبقى في السنوات المقبلة على ما هو عليه، وأن الأمور لا بد أن تؤخذ في إطارها التاريخي، فهي ليست المرة الأولى التي ينخفض فيها الدولار ولن تكون الأخيرة.

وأضاف «عندما قامت الكويت بتعويم عملتها وفك ارتباطها بالدولار لم ينخفض التضخم، كما أن قطر ما زالت تمتلك أكبر نسبة تضخم بين دول الخليج وتعد النسبة الموجودة في السعودية معقولة إلى حد كبير في ظل الظروف الاقتصادية التي نمر بها».

وأكد الجاسر أن التضخم الذي ارتفع في الآونة الأخيرة أمر صحي وحميد، وقال «المملكة تمر بطفرة اقتصادية كبيرة لا بد أن يصاحبها بعض التضخم، وهو أمر يحدث في كل دول العالم، ولا ينبغي أن نقع في فخ البحث عن حلول سحرية لمشاكل تحتاج إلى وقت». وأشار إلى أن البرنامج الذي وضعته الحكومة يتعامل مع الأمر بشكل عقلاني وهادئ، حيث يخدم الفئة الأكثر تضررا من التضخم عبر زيادة الرواتب على مدار السنوات الثلاث المقبلة، ودعم بعض السلع الرئيسية وعلى رأسها الأرز والحليب.

ولمح إلى بعض الإجراءات التي اتخذتها مؤسسة النقد للتخفيف من حدة التضخم فقال «رأينا أن القروض الاستثنائية تمثل عبئا كبيرا على الوضع الاقتصادي فقررنا تقنينها، حيث وضعت بعض الضوابط بحيث لا يزيد أي قرض عن 15 راتبا للموظف ويتم تسديده في خمس سنوات بحد أقصى، كما قامت هيئة سوق المال بالترخيص لأكثر من 70 شركة تقدم خدمات مصرفة متنوعة في السوق السعودي».

وأمتدح نائب المحافظ القطاع المصرفي في السعودية مؤكدا أنه يمر بمرحلة انتعاش كبيرة على صعيد منطقة الشرق الأوسط. وقال «يستجيب النظام المصرفي مع متطلبات العصر بشكل كبير ويواكب ما يحدث حوله في العالم، وعندما ظهر تزايد في الطلب على الخدمات المصرفية المطابقة للشريعة الإسلامية حدث نمو في هذا القطاع وزاد الطلب عليها بشكل كبير».

وشدد على ازدهار الاقتصاد السعودي، مؤكدا انه يوجد تنامي كبير في الصادرات غير البترولية، وهناك نمو في قطاع المعادن وتقام مشاريع عملاقة في هذا الجانب ستصل تكلفتها الإجمالية إلى 20 مليار ريال (5.3 مليار دولار)، بما في ذلك خط السكة الحديد الذي سينقل المعادن إلى أماكن التصدير.

وأضاف «رغم أن المصلحة العامة تقتضي تنوع مصادر الاقتصاد السعودي إلا أن البترول سيمثل الأهمية القصوى بالنسبة للسعودية ودول الخليج».