متحدثو جلسة «العولمة والنفط» يختلفون في قراءة المؤثرات ويتفقون في ضرورة استدامة الثروات

غرينسبان: الاقتصاد الخليجي «ريعي» ويجب بذل الجهد للوقاية من العثرات.. والتعامل مع القطاع الخاص حتى لا يتحول إلى «زائدة دودية»

TT

اختلفت وجهات نظر المتحدثين في الجلسة الثالثة لمنتدى جدة الاقتصادي التاسع عند قراءتهم لتحولات العولمة والثروة النفطية والأسواق المالية، حيث أشار المتحدث الأول ألان غرينسبان الرئيس السابق للاحتياطات الفيدرالية الأميركية إلى أن الفروقات في أنظمة الحكم ـ في إشارة إلى الصين والهند ـ لها تأثيرها، بينما نفى المتحدث الثالث جيم أونيل (من جولدمان ساكس) ذاك التوجه. إلا أن الجميع اتفقوا على ضرورة تحويل الثروات الطبيعية (النفط) إلى مقدرات اقتصادية مستدامة واعتبروا أن ذلك يمثل تحدياً كبيرا وأنه لا بد من الخروج من معادلة (الريع) إلى تنويع مصادر الدخل.

تحدث آلان غرينسبان في بداية الجلسة مستعرضاً جملة من التحولات منذ انهيار جدران برلين والتوجه الرأسمالي في الهند والصين، مشيراً إلى أن الأخيرة قد انطلقت في تشجيع الاستثمارات حتى بلغ حجم الاستثمارات فيها 70 مليار دولار. والتفت غرينسبان لحديث الأمير تركي الفيصل البارحة مستشهداً بحالة الانتقال التي تمت في السعودية نحو المشاركة في الثروة، وتساءل غرينسبان عن كيفية ترجمة الطفرة الثانية في إشارة إلى ارتفاع أسعار النفط، منوهاً إلى أن الطفرة لن تدوم ولا بد من استحداث موارد أخرى وأدوات مغايرة لتجنب العثرات الاقتصادية. ووصف غرينسبان الاقتصاد الخليجي أنه اقتصاد (ريعي) وأنه لا بد من بذل الجهود من قبل خبراء الاقتصاد للوقاية من العثرات والتقليل من التضخم، مشيراً في ذات الوقت إلى أنه يميل إلى ضرورة تعويم العملة وبناء القرارات الاقتصادية وفق المعطيات. وحول التعاون بين السعودية والولايات المتحدة، أكد غرينسبان أن التعاون يحدث بشكل اعتيادي مستشهداً بشركة أرامكو السعودية.

وشدد غرينسبان على ضرورة إجادة التعامل مع القطاع الخاص لكي لا يتحول إلى ما سماه (زائدة دودية) منوهاً بضرورة تدخل الدولة في هذه العلاقة، ومستشهدا بتجربة الصين، حيث قال إن الصين بنت نجاحاتها على التدرج وإدخال إصلاحات إضافية على الاقتصاد لتعزيز العلاقة بين القطاعين وتجنباً لأية هزات اجتماعية محتملة. وأرجع غرينسبان الهزات التي يشهدها سوق النفط إلى عدم التوازن والمواءمة بين الإنتاج والاستهلاك، منوهاً بأن الاحتياطات التقليدية دخلت مرحلة التناقص.

وفي مداخلة حول الصيرفة الإسلامية ومدى انتشارها في البنوك الغربية التي فتحت نوافذها للتعاملات الإسلامية، أشار غرينسبان إلى أن الصيرفة الإسلامية تجاوزت الحدود ومواردها كبيرة إضافة إلى زيادة الطلب عليها. فيما استعرض الدكتور محمد الجاسر نائب محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي السياسات الكلية للسعودية، مؤكداً أن الطفرة لا يمكن أن تحقق الوفرة إذا لم يكن إطار السياسات الكلية محيطاً بها بشفافية. واعتبر الجاسر أن اختلاف وجهات النظر حول أسباب ارتفاع أسعار النفط واحتمالات الانخفاض يجعل الآراء تتراوح بين زيادة الطلب في الدول الآسيوية هو السبب. وآخرون يرون أن الاحتياطات في نضوب، مشيراً إلى أن مصدري النفط يقومون بإنفاق مرتفع وأن النفقات ستظل مرتفعة حتى ولو انخفضت أسعار النفط. وفي ختام الجلسة شخص جيم أونيل (جولدمان ساكس) آفاق الاقتصاد العالمي حتى عام 2050م، مستفيضاً في عرض تجربة ما سماه النموذج الاقتصادي الجديد والمتمثل في البرازيل والهند والصين، مؤكداً أن العالم تقوده الاقتصاديات ذات الكثافة السكانية العالية؛ في إشارة إلى الصين والهند، مدللا على ذلك بانخفاض نسبة نمو الدول الصناعية السبع من 68 في المائة إلى 55 في المائة ويمثل هذا الفارق كسباً لكل من الصين والهند والبرازيل. وأكد جيم أن العالم يشهد تغيراً كبيراً في إدارة الثروة وأن الصين ستتجاوز الولايات المتحدة وتنمو اقتصاديات الهند 50 مرة عن وصفها الحالي وروسيا والبرازيل 10 مرات، منوهاً بنمو الاقتصاد العالمي بنسبة 4.5 في المائة هذا العام وأنه في الصين سينمو بنسبة 5 في المائة. وأشار جيم الى أن العالم في حاجة إلى سياسات اقتصادية ومؤسسات سياسية مستقرة إضافة على القدرات التعليمية العالية.

وفي حديثه عن الطاقة أشار جيم إلى أن الطلب على الطاقة مرتفع. وتناول جيم في حديثه ضرورة تحسين البيئة، منوهاًً بأن الصين ستصبح أكبر مصدر لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون وأن ذلك قد يكون حلا بدل كونه مشكلة بالبحث عن تكنولوجيا رفيقة بالبيئة.