منتدى جدة الاقتصادي.. رحلة بين «عباءتين»

عمرو الدباغ («الشرق الأوسط»)
TT

كانت إحدى السيدات المسؤولات في الغرفة التجارية الصناعية في جدة، في قمة غضبها، عند سؤالها قبل افتتاح المنتدى الاقتصادي في جدة عن نية بعض المشاركات ارتداء «عباءة سعودية» منقوش عليها شعار المنتدى الاقتصادي الذي اختتم أمس الاول، كخطوة من مصممة سعودية في التعبير للوجوه القادمة من شتى أصقاع الأرض عن ثقافة السعودية وتعايشها مع «العولمة».

السيدة التي تحفظت عن ذكر اسمها مساء ليلة الافتتاح، كانت ترى أن الاعلام المحلي لا يهتم بالمحتوى ويركز على «القشور»، غير أن حضور المحتوى نفسه بين عباءة الافتتاح، وعباءة الختام بظهور الدكتورة السعودية حياة سندي، وهي باحثة في جامعة هارفرد، وهي متوشحة بالسواد، لا يظهر سوى وجهها وكفيها، لتقف أمام كاميرات العالم، وتتحدث عن تجربتها، وكيف سارت وراء حلمها، أتاح لها الجلوس في واحدة من أعرق الجامعات العالمية، بينما ظلت عباءتها رسالة أخرى تثير الإعجاب ولا تمنع الإبداع.

وكان لافتا أن المنتدى ضم في عباءته الكبرى، أي مركز المعارض، عشرات الأوراق العلمية، التي شارك فيها فريق سعودي أكاديمي في صفوفه، الدكتورة هيفاء جمل الليل، عميدة كلية عفت الأهلية، التي حضرت في اليوم الختامي، لتحكي بثقة وإيمان عن أن «طالباتها يمثلن حياتها في اشعال سراج المستقبل».

وعلى مستوى التنظيم، لا يمكنك أن تمرر بصرَكَ إلا وتجد فتيات سعوديات متشحات بالسواد، وبياض الطموح، وبينهن 5 فتيات يمثلن نادي «الصم»، وهن يعملن في صمت كأنه خشوع، يتولين تنظيم دخول السيدات الى القسم النسائي سواء للقاعة الرئيسية للجلسات العلمية، أو قاعات الطعام والاستراحة.

الاعلاميات السعوديات، وكاميراتهن الخاصة، كان حضورهن مشجعا ومنافسا لزملائهن في الخروج بمواد اعلامية احترافية للمنتدى، سواء للصحف أو للقنوات الفضائية.

والمدهش أكثر أن سيدات مشاركات من دول أوروبية وأميركية، ودول آسيوية، كانت العباءة السعودية ترافقهن في كل مكان، رغم أنه لا تعليمات تجبرهن على ذلك، وإنما هي طريقتهن الخاصة في تقدير ثقافة الشعوب الأخرى وتقاليدها.

وتعكس مخاوف البعض من أن يكون الحديث عن العباءة السعودية، بوابة لفتح النار على سمعة وقيمة المنتدى الاقتصادي العلمية، الا أن تلك المخاوف تتبدد بحجم المعرفة التي خرج بها أكثر من ثلاثة آلاف مشارك بينهم نحو 500 سيدة، وكذلك ما أكده ريتشارد برانسون، في آخر دقائق من عمر المنتدى، عندما عبّر ضمنياً عن اعتزازه بالزي السعودي، وأن ما يُحكى في الاعلام الخارجي عن ذلك الزي لا يعكس طبيعة متشددة للسعوديين.