يبدو ان منتدى جدة الاقتصادي، رغم اي انتقادات وجهت له، استطاع بـ«نجاح» ان يصل الى لبيوت السعودية وربما العربية، وقبلها الى داخل القلوب، خاصة بمشاركاته هذا العام الذي تنوعت بين الاقتصاد والسياسة والاجتماع والتعليم وطالت بذلك كل مناشط الحياة.
المنتدى الذي جعل من الاقتصاد «جسر» مرور له باتجاه «مناقشة» كل القضايا الاجتماعية بدعوة رجال الاقتصاد ومشاركتهم، وفتح الباب للطلاب والطالبات، واتاحة الفرصة للصم والبكم والمعاقين، وانتهاء بحضور المسؤولية الاجتماعية وتكريمها.
يختلف الكثيرون حول ما يقدمه منتدى جدة، لكنهم يتفقون على أن هذا العام كان تاريخيا بالنسبة للمنتدى، فقد استطاع الوصول الى الجميع، بمن فيهم الغائبون بـ«فرص الاستثمار التي حصدوها من الضيوف، قبل الحاضرين الذين شاركوا في مناشط المنتدى».
ويحسب لمنتدى جدة الاقتصادي والعاملين عليه، خوضهم غمار اشراك ذوي الاحتياجات بمختلف إعاقاتهم، فالصم والبكم سجلوا حضورهم رجالا ونساءً على جنبات المنتدى، وقدموا صورة رائعة عن هذه الحالات الانسانية الغائبة او المهملة، اذ عملوا في مجال الترتيب وتقديم الخدمات والارشاد واثبتوا انهم قادرون على ذلك. وتقول نورة الشهري، وهي مختصة في الإعاقة السمعية واضطرابات النطق، في حديث لـ«الشرق الاوسط» إن الصم يستخدمون أكثر من لغة إشارة تتفاوت بين دولة ودولة، وأحيانا بين مدينة وأخرى، رغم وجود لغة اشارية دولية تسمى «الجستينو» تكاد تكون الاقرب للفهم العام.
وتضيف «تفكر مجموعات من الصم بابتكار لغات إشارة خاصة بهم هي أقرب لشفرات يتفقون عليها ويستخدمونها داخل أوساطهم «الصامتة» حيث لهم أسرارهم الخاصة، وأمورهم التي يحرصون على ألا يعرف بها أحدٌ.
وفي مكان آخر، كان أحمد باجمال المعاق الذي ذكرت قصته سابقاً يتجول بفخر وهو يقدم كل ما لديه من جهد وعمل في المنتدى ليقدم تقريراً لصالح جامعته التي ينتسب اليها، مؤكدا «انني وجدت فرصة مناسبة لأقول إننا نستطيع ان نقدم الافضل اسوة بغيرنا، وان كل ما نحتاجه الفرصة».
وبـ«نصيب الأسد» حصل الطلاب والطالبات على الجزء الأكبر من نحو 4 جامعات في جدة، بمشاركتهم في التنظيم والاحتكاك والاستفادة من هذه التظاهرة الاقتصادية الاجتماعية العالمية، اذ يقول عميد كلية إدارة الأعمال الدكتور حسين العلوي، «إن مشاركة طلاب الكلية في هذا الحدث تعكس التطور الفكري لدى الشباب السعودي في متابعة هذه الفعاليات والحرص على حضورها والاستفادة مما يطرحه الخبراء في العالم وانعكاس ذلك على تطور الفكر الاقتصادي لديهم والاستفادة من التجارب العالمية من اجل مستقبل أكثر إشراقة لهذا الوطن». «المسؤولية الاجتماعية سجلت حضورها اللافت للمرة الاولى بمنح البنك الاهلي جائزة المسؤولية الاجتماعية عن البنوك، وبذلك تسجل اضافة جديدة للمنتدى لإشعال روح التنافس بين البنوك وكذلك الشركات لنيل هذا الشرف والفوز بالجائزة».
الى ذلك، أكد صالح التركي، رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية في جدة، أن مرحلة النجاح التي وصل إليها منتدى جدة الاقتصادي، جعلت الكثيرين ممن يرغبون في المشاركة في المنتدى يدفعون مبالغ مالية مقابل مشاركتهم في المنتدى. وقال التركي «إننا لم نعد ندفع للمتحدثين فقط بل إن هناك متحدثين يدفعون لنا مقابل مشاركتهم في المنتدى».
وعدَّ التركي منتدى جدة الاقتصادي في دورته الأخيرة بأنه سجل نجاحاً وصفه بـ«القياسي» على الرغم من الانتقادات الكثيرة له، والتي تناقلتها بعض وسائل الإعلام المحلية. وقال «لقد سجل المنتدى نجاحاً كبيراً، إذ وصل في شهرته ونقاشاته إلى منتدى دافوس العالمي»، معترفا ببعض القصور، خاصة في بعض المجالات التي سيتم ترتيبها للأعوام المقبلة.