صلاح الشامسي: 30 شركة ستحول «القدرة» إلى لاعب إقليمي في الاستثمارات العامة

رئيس اتحاد الغرف الإماراتية لـ «الشرق الأوسط» : الصناعة يجب أن تكون قاطرة الاستثمارات الخليجية

صلاح الشامسي («الشرق الأوسط»)
TT

يترقب الاقتصاد الخليجي الأسبوع المقبل، تحول شركة خاصة لواحدة من أكبر الشركات المساهمة العامة في الشرق الأوسط، عندما تطرح شركة القدرة القابضة الإماراتية، جزءا من أسهمها للاكتتاب العام للمواطنين الإماراتيين، وكذلك المواطنين الخليجيين.

«الشرق الأوسط» التقت في العاصمة الإماراتية أبوظبي مع المهندس صلاح سالم بن عمير الشامسي، رئيس مجلس إدارة شركة القدرة القابضة، وهو بالمناسبة أيضا رئيس غرفة تجارة وصناعة أبوظبي ورئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة الإماراتية.

الشامسي لم يتخوف من النجاح الكبير لـ«القدرة» خلال ثلاث سنوات وتأسيسها لثلاثين شركة ووصول رأس مال الشركة الى نحو 25 مليار درهم، فيما لم يتجاوز عند التأسيس 550 مليون درهم إماراتي فقط، معتبرا أن هناك من الفرص الكثير الذي ينتظر شركته، ومؤكدا في الوقت ذاته أن أبواب النجاح لاستثمارات شركاته الثلاثين، مشرعة، سواء في بلاده أو دول مجلس التعاون الخليجي، أو في الدول العربية.

ولم ينكر الشامسي الدعم الذي تتلقاه شركته من قبل حكومة أبوظبي، لكنه قال في الوقت نفسه إن الدعم يوجه لشركات عدة في بلاده، بالإضافة إلى أنهم استثمروا هذا الدعم في تأسيس نجاح كبير، وهو ما تمثل في نجاح آخر خارج الإمارات ، متسائلا «هل كان لدينا دعم حكومي أيضا في تلك الدول التي استثمرنا ونجحنا فيها».

بقى أن نشير الى أن صلاح الشامسي اختير ضمن مائة شخصية عربية مؤثرة للعام 2007، واحتل المرتبة الخمسين. وجاء في التقرير أن الشركة بقيادته «أدركت منذ البداية أن الرصيد الحقيقي لها هو مدى مساهمتها في دفع مسيرة التنمية في دولة الإمارات. فقد عملت وفق خطط ومشاريع مدروسة لتغطية كافة القطاعات الاقتصادية».

يشغل الشامسي عدداً من المناصب أبرزها رئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة في دولة الإمارات، رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة أبوظبي، عضو مجلس إدارة هيئة أبوظبي للسياحة، عضو مجلس أبوظبي للتطوير الاقتصادي، هذا فضلاً عن عضويته في هيئة الشرف لنادي العين الرياضي، واستثماراته الخاصة ضمن شركة الأولى للاستثمار، إلى جانب منصبه رئيس مجلس إدارة شركة القدرة القابضة والعضو المنتدب فيها.. وفي ما يلي نص الحوار:

> مضى على تأسيسكم أقل من ثلاث سنوات، لكنكم خلال هذه الفترة القصيرة حققتم أكثر بكثير من توقعاتكم، سواء بارتفاع الأرباح المحققة سنويا، أو على مستوى أداء القطاعات التابعة لكم.. إلى ماذا تعزون هذا التطور السريع؟

ـ لا بد لنا أن نعرف أن إمارة أبوظبي تعيش حاليا فترة نمو اقتصادي غير مسبوقة، ويشمل ذلك جميع القطاعات العقارية والصحية والتعليمية والصناعية، بالإضافة إلى الدعم الحكومي الذي نتلقاه من قبل حكومة أبوظبي، وهناك مناخ استثماري متميز تعيشه كافة الاستثمارات في أرض أبوظبي، لذلك تجدنا نستثمر بقوة كل هذه المعطيات للوصول بشركة القدرة الى أبعد الحدود. وما دامت أتيحت لنا الفرصة في هذا النجاح فلماذا لا نحقق ما نصبو إليه؟ أستطيع أن أقول إن كل العوامل لدينا تساعد وبقوة على الوصول إلى استثمارات ناجحة وسريعة.

> لكن كل هذا النجاح السريع بنمو كبير وأرباح مذهلة وتأسيس ثلاثين شركة تحت مظلة قطاعات متنوعة، من رأس مال 550 مليون درهم إلى رأس مال (سيبلغ) نحو 25 مليار درهم.. ألا يضغط عليكم بعد التحول لشركة مساهمة عامة، بقدرتكم على تحقيق نجاح مماثل في السنين المقبلة؟

ـ بالعكس.. طالما نحن حققنا نجاحا كبيرا وأدواتنا محدودة كشركة مساهمة خاصة، فكيف يكون الحال مع التحول لشركة مساهمة عامة؟ بالتأكيد هناك عوامل كثيرة ستساندنا كشركة مساهمة عامة في مواصلة تحقيق أهدافنا. أستطيع القول إن القدرة بدعم من حكومة أبوظبي ستتمكن من عدم التوقف في نقطة واحدة.

> وماذا عن الدعم الحكومي الذي تتلقونه من حكومة أبوظبي، من يضمن استمرار مثل هذا الدعم لوقت طويل، ألا تتخوفون من تأثير سلبي لاعتمادكم على دعم حكومي؟

ـ نحن لا ننكر أننا نتلقى دعما ماديا ومعنويا من حكومة أبوظبي، نحن وغيرنا، لكن ألم نستثمر هذا الدعم في تحقيق نجاحات نحن نؤسس عليها حاليا شركة عملاقة؟ ثم أين الدعم الحكومي الذي تتحدث عنه في مشاريعنا في اليمن والجزائر والمغرب.. فهل تم دعمنا أيضا هناك؟ > لعل الملاحظ عليكم التوسع في قطاعات متنوعة.. من العقارات إلى الصناعة إلى المواصلات مرورا بالخدمات المالية والزراعة أيضا.. ألا ترون أن التخصص مطلوب في هذه المرحلة؟

ـ النقطة التي أود التركيز عليها أننا شركة استثمارات عامة، طبيعي لدينا شركة عقارية وشركة أخرى زراعية وثالثة صناعية وهكذا.. كل شركة من هذه الشركات تتخصص في قطاع معين وتركز على عملها في هذا الاتجاه.. أليس هذا هو التخصص الذي تتحدث عنه؟ إننا لا نقدم على تأسيس مثل هذه الشركات، إلا لأننا نعرف معادلة نجاحها مسبقا.

> وما هي هذه المعادلة؟

ـ خلق الشراكات الاستراتيجية وتحديد ذمم مالية لكل شركة والاستثمار في القطاعات الواعدة، يجب الاستثمار في قطاعات متنوعة عبر الشراكات الاستراتيجية وسياسة الاستحواذات، بدون هذه الأسباب لن يمكن الدخول في قطاعات جديدة. وطالما ستخلق كيانات مستقلة وتتعاون مع شركاء استراتيجيين فأنت بالتأكيد ستصل لأهدافك بسهولة.

> لعلكم من الشركات القليلة التي بدأت بقوة داخليا وخارجيا.. ما هي استراتيجيتكم في التوسع خارجيا؟

ـ باختصار تقوم استراتيجيتنا على كلمتين هما: الفرص الحقيقية لا تنتظر طويلا، سواء كانت هذه الفرص محلية أو عربية أو عالمية فهي بالتأكيد لن تنتظرنا طويلا حتى نقرر التوسع خارجيا. نتمنى أن تستمر هذه الفرص إلى ما لانهاية، لكن من يضمن استمراريتها؟ ولطالما سمعنا وقرأنا عن فرص ذهبية أتت وذهبت مع الرياح ولم تجد من يستغلها، بالنسبة إلينا اقتناص الفرص أولوية قصوى لن نحيد عنها.

> الأسبوع المقبل سيشهد طرحكم للقدرة للاكتتاب العام.. ما هي أهدافكم من جراء هذا الطرح؟ هل تبحثون عن سيولة لتمويل مشاريعكم؟

ـ لا ليس صحيحا أننا نطرح شركتنا للاكتتاب بحثا عن السيولة فقط، هذا واحد من أسباب عديدة. لكن أختصر عليك الأجابة بالقول إننا نبحث عن التحول لمساهمة عامة من أجل أن تكون لدينا مصداقية وهذا أمر هام جدا لدينا، فالمساهمة العامة لها متابعة أكثر من الجهات الرقابية، فتعطي المتعامل معك ثقة كبرى، خاصة في الدول الخارجية من بنوك ومؤسسات عالمية، وأيضا من الطبيعي أن نحتاج للتحول لهذه المساهمة العامة من أجل مقابلة برنامجنا الطموح لاستغلال فرص عديدة نجدها متوفرة أمام 30 شركة تتبع الشركة الأم. نحن نريد أن نوضح للمستثمرين أن الدخول في سوق المال يجعلنا أكثر تنظيما. نحن نؤمن أن كل الشركات تتحول لمساهمة عامة، حتى تتبين شفافيتها أكثر مع خضوعها لأنظمة أسواق المال، وكذلك التزامها بحوكمة الشركات.

> لعل ما يميز شركتكم أن المرأة لها نصيب كبير في تأسيسها.. ما هدفكم من استقطاب المرأة ضمن قائمة المؤسسين الرئيسين في الشركة؟

ـ نحن سعداء أن العنصر النسائي عنصر رئيسي في شركتنا. 340 سيدة ضمن قائمة المؤسسين لدينا عند تأسيس القدرة القابضة في مايو (أيار) 2005، وبلغ عددهم الآن 240 سيدة ، ويمكن القول إننا من الشركات القليلة على المستوى العربي التي تم تأسيسها بهذا العدد الكبير من السيدات المؤسسات، واللاتي تبلغ نسبتهم من ملكية الشركة (حاليا) نحو 10 في المائة. > ما رؤيتكم في تنويع استثماراتكم وأنتم تشرقون وتغربون في نوعية هذه الاستثمارات؟

ـ كما تعلم فإن الصناعة هي قاطرة الاستثمارات، أما القطاع العقاري فإن الاستثمار فيه هو تنمية لكن مداها قصير. كيف؟ بينما الصناعة عندما تنشئ مصنعا فأنت بالتأكيد ستحتاج إلى موظفين لإدارته ومجموعة من الخدمات المعتمدة على البنية التحتية، ولا ننسى أن صناعة البتروكماويات والزراعة.. لذلك أستطيع القول إن تنويع الاستثمارات من شأنه العودة بالنفع على المجتمع بأسره، وليس فقط المستثمرين فقط.

> أعلنتم أخيرا عن عزمكم دخول الأسواق السعودية والكويتية والعمانية، فما طبيعة هذه الاستثمارات؟

ـ صحيح أن طبيعة دخولنا لهذه الأسواق هي استثمارات عامة، لكن بالتأكيد فإن القطاع العقاري عادة هو ما يكون البداية في أي بلد، وذلك لسهولة البدء بالاستثمار فيه. لكن هذا لا يمنع من الدخول في قطاعات أخرى في الزراعة والصناعة. وسنعلن قريبا عن شراكات كبرى مع مستثمرين سعوديين عبر تحالفات عملاقة ستكون فرصة لتعزيز التعاون الخليجي الخليجي.

> وهل هناك أية اتفاقيات تمت في هذا الشأن؟

ـ ما أستطيع قوله أننا وقعنا تفاهمات مع شركاء سعوديين لتعزيز وجود شركة القدرة السعودية في السوق السعودي، وأتوقع خلال أقل من شهرين أننا سنعلن عن تفاصيل هذه الشراكات، مع تحولها إلى اتفاقيات رسمية، علما أن ما سنعلن عنه هو شراكات عملاقة سنجني منها الكثير بالنسبة للتعاون السعودي ـ الإماراتي.

> أرى أن القدرة تسعى بقوة للخروج من فلك الاستثمار داخليا.. للبحث عن استثمارات خليجية؟

ـ أرى أننا كخليجيين من الممكن أن نؤسس لقطاعات واعدة بتعاوننا في هذا الإطار، ونحن في القدرة لدينا استراتيجية التحالفات الكبرى والدخول مع شركاء استراتيجيين في كل بلد نستثمر فيه، وأرى أن هناك فرصا بالجملة في الاقتصاد الخليجي لم تستثمر فعليا حتى الآن. وما أتمناه فعلا أن نخلق شركة صناعية خليجية على مستوى يوازي النمو الذي يعيشه اقتصاد المنطقة. > أخيرا.. ستتحولون قريبا لشركة مساهمة عامة.. ما الذي ستركزون عليه خلال الفترة المقبلة؟

ـ القدرة القابضة ستتحول إلى لاعب إقليمي كبير في مجال الاستثمارات، ونمد يدنا للتعاون مع رجال الأعمال للاستفادة من الفرص التاريخية المتوافرة بالمنطقة. كما ستكون القدرة بوابة مهمة للاستثمار في إمارة أبوظبي، بالإضافة إلى الفرص الاستثمارية المتوافرة لنا في الجزائر واليمن والمغرب وغيرها من الدول العربية التي لدينا فيها استثمارات هائلة.

القدرة القابضة مستمرة على نهجها في الاستثمارات العامة من خلال تأسيسها للشركات أو الاستحواذ عليها أو المساهمة الرئيسية فيها. وهو النهج الاقتصادي الذي ميزها ووضعها على لائحة النجاح. كما أن الشركة ماضية في تحقيق زيادة سنوية في الأرباح للمساهمين، وتطوير آليات العمل بما يخدم مصالحها وتحقيق أهدافها. وهي شركة لها قلب نابض، وتشعر بمسؤولية إنسانية تجاه المجتمع الذي تحقق أرباحها فيه. ومن هنا تأتي رعايتها لعدة فعاليات اجتماعية ورياضية وتربوية وثقافية.