شراء الأمن

علي المزيد

TT

استمر الجدل في السعودية حول شرعية التأمين لعقود طويلة، وظل الكثير من العلماء السعوديين يحرمونه حتى اهتدى البعض منهم للفتوى بشرعية التأمين التعاوني وهو مختلف عن التأمين التجاري نظريا بنسبة قليلة. والتأمين التجاري يهدف لتعظيم الأصول وخفض قسط التأمين لصاحب السجل النظيف. تتبعت فتاوى التأمين منذ زمن غير قصير، وقبل عقدين من الزمن اطلعت على بحث نشرته جامعة الأمام محمد بن سعود الإسلامية لباحث كويتي للأسف نسيت اسمه لطول المدة. يرى الباحث أهمية التأمين وشرعيته مستندا لضرورة التكافل ولحديث الدية على العاقلة، ويرى أن أفراد القبيلة ملزمون بدفع الدية وفق حصص معينة ترتفع وتنخفض بحسب القربى من الدم، وهو ما يعرف بالمحاصصة. ومع تراجع دور القبيلة يرى أهمية التأمين لأن جموع المؤمنين في الصندوق أو الشركة يمثلون القبيلة ويتكافلون مع من يحدث له حادث معين.

بعد اطلاعي على البحث التقيت بملازم لأحد طلبة العلم وهو من المؤثر في محيط مجتمعه، وكان يتحدث عن تحريم شيخه للتأمين، بحماس شديد، عرضت عليه ما قرأت مما نشره الباحث الكويتي بدءا بالاقتناع لقوة حجة الباحث، ولكنه تراجع وطلب مني إعارته الكتاب لعرضه على شيخه وأخذ رأيه. وودت منه، بعد اطلاع شيخه، الاستئناس بالرأي الذي سيطرحه في البحث، وتمنيت لو كان مكتوبا، بعد نحو ثمانية أشهر أعيد لي البحث من دون رأي مكتوب ولكن بفتوى مكتوبة وقديمة وباتجاه واحد هي رؤيته المتشددة فقط. ظللت اتتبع الموضوع حتى رأيت الدكتور الأطرم في قناة تلفزيونية يتحدث عن تأييده لتعظيم أصول شركات التأمين لينخفض القسط، وهو ما يعرف بالتأمين التجاري، ورغم ذلك لم يفت بجواز التأمين ويبدو أنه رغم وضوح الرؤيا لديه كان متحرجا من شيوخه. في الآونة الأخيرة قال الشيخ عبد الله بن منيع وبوضوح إنه مؤمِّن على سياراته وأنه يفتي بأن التأمين حلال لأن قسط التأمين هو مقابل الأمن. في ظل التضارب الحاصل حول هذا الموضوع في رأيي أن هناك قصور رأي في الفتوى الاقتصادية لعدم الممارسة من طلبة الشرع وهو ما يضيع الفرصة على الأفراد والمجتمع والأمة. بعد الرد على الحجج السابقة في فتوى التأمين مثل الاعتراض على القدر والتهور الذي يقود للتفريط وغير ذلك وخروج فتوى القسط مقابل الأمن.. هل نرى فتوى تجيز الاقتراض البنكي نتيجة الفائدة مقابل الانتفاع بالقرض مدة محددة، ليسود شعار الانتفاع بالمدة مقابل القرض.

* كاتب اقتصادي [email protected]