الدولار يهوي من جديد ويعصف بأسواق الأسهم.. والذهب «يعانق» حاجز الـ 1000 دولار للمرة الأولى

وسط مخاوف اقتصادية وشكوك بشأن جهود البنوك العالمية.. النفط يتألق صعودا

هوى الدولار أمس الى ادنى مستوى له في 12 عاما مقابل الين وهبط الى مستويات قياسية أمام اليورو والفرنك السويسري (خدمة كي آر تي)
TT

سجلت اسواق المال والبورصات العالمية الرئيسية هبوطا بسبب ضعف الدولار المتزايد ومخاوف من حدوث انكماش في الاقتصاد الاميركي وانباء عن التخلف عن سداد احد الصناديق الاستثمارية الضخمة دينا مترتبا عليه بقيمة تصل الى 17 مليار دولار (11 مليار يورو).

وهوى الدولار أمس الى ادنى مستوى في 12 عاما مقابل الين وهبط الى مستويات قياسية أمام اليورو والفرنك السويسري وسط شكوك بشأن مدى فعالية جهود مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الاميركي) لمساعدة اسواق الائتمان.

وانخفض الدولار 1.5 في المائة أمام العملة اليابانية ليصل الى 100.46 ين على منصة اي.بي.اس للمعاملات الالكترونية مسجلا أدنى مستوى منذ اواخر عام 1995. كما هبط الدولار الى مستوى قياسي أمام سلة من ست عملات رئيسية مسجلا 71.910 وانخفض الى مستوى تاريخي عند 1.0057 فرنك سويسري.

وتهاوت العملة الاميركية الى أدنى مستوى على الاطلاق أمام اليورو وتراجعت بشدة أمام الفرنك السويسري مع تضاؤل الثقة في أكبر عملة احتياطي في العالم بسبب المشاكل الناجمة عن أزمة الرهن العقاري عالي المخاطر في الولايات المتحدة.

وقال توموكو فوجي رئيس قسم الاقتصاد والاستراتيجية في بنك اوف امريكا «ليس هناك مبرر لشراء الدولار». واضاف ان الدولار قد يواصل الهبوط ما لم تأخذ السلطات الاميركية اجراءات اخرى لتهدئة المخاوف بشأن قطاع المساكن الاميركي واسواق الائتمان المثقلة بالمتاعب.

وقال متعاملون ان هبوط الدولار أمام الين تسارع بسبب موجة من عمليات البيع للحد من الخسائر وتصفية مراكز دائنة. ومع نزول الدولار دون مستوى 101.25 ين الذي بلغه في عام 1999 قال محللو شؤون العملات في مورغان ستانلي بنك في مذكرة ابحاث ان من المنطقي توقع مزيد من الهبوط للدولار والاقبال على بيعه مما يدفعه نحو مستوى 95 ينا.

وقال ديريك هالبني خبير العملات لدى بي.تي.ام- يو.اف.جيه «نحن ندخل وضع أزمة للدولار.

وبالنظر الى الاسواق هناك فقدان كامل للثقة وذلك لان الاسواق تشعر بالقلق بشأن القطاع المالي الاميركي وما سيضطر مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الاميركي) لعمله لدعم القطاع».

واضاف «السلطات لن تتدخل. اخر مرة شهدنا فيها تدخلا كانت في 2003 و 2004 وكانت الاحوال في اليابان مختلفة تماما». وقال متعاملون ان هبوط الدولار أمام الين تسارع بسبب موجة من عمليات البيع للحد من الخسائر وتصفية مراكز دائنة.

وارتفع اليورو الى 1.5610 دولار وفقا لبيانات رويترز بعد ان قلص لفترة قصيرة مكاسبه بعد ان أعرب رئيس البنك المركزي الاوروبي جان كلود تريشيه عن قلقه ازاء التحركات المفرطة لاسعار الصرف الاجنبي.

وفي هذا الاطار اكد وزير الخزينة الاميركي هنري بولسون أمس ان الدولار القوي هو «في مصلحة امتنا» في الوقت الذي انخفض سعر الدولار الى ادنى مستوى له على الاطلاق امام اليورو وانخفاضه الى ما دون المئة ين.

وردا على سؤال حول ما اذا كان يرغب في ان يكون الدولار قويا، قال بولسون «انا اؤمن بشدة ان الدولار القوي يصب في مصلحتنا الوطنية».

وانخفضت قيمة الدولار في اسواق الصرف الاجنبية خلال الاشهر الاخيرة وسط تزايد المخاوف من انكماش الاقتصاد الاميركي، اقوى اقتصاد في العالم. وجاءت تاكيدات بولسون بعد ان وصل سعر اليورو 1.5625 للدولار الخميس. كما انخفض الدولار الى 99.78 ين في ادنى مستوى له امام العملة اليابانية منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 1995. واقر بولسون للصحافيين في نادي الصحافة المحلية في واشنطن بان الاقتصاد الاميركي يعاني من بعض المشاكل، وقال «ان اقتصادنا مثل اي اقتصاد اخر يعاني من الهبوط والارتفاع، الا ان الاساسيات الراسخة قوية واعتقد ان ذلك سينعكس في اسواق العملة».

من جانبه اكد المتحدث باسم البيت الابيض توني فراتو أمس ان الرئيس الاميركي جورج بوش لم يغير سياسته بشان الدولار ولايزال «يركز» على الامور الاساسية في الاقتصاد الاميركي. وكان الرئيس الاميركي جورج بوش اكد في مقابلة تلفزيونية ان ضعف الدولار «ليس امرا جيدا»، مشددا على دعمه للدولار القوي. الا ان بوش اشار الى ان انخفاض سعر الدولار زاد من اسعار السلع، ومن بينها النفط المستورد، بالنسبة للمستهلكين الاميركيين.

وقال انه يمكن المساعدة على تقوية الدولار بتطبيق سياسات تعزز الاقتصاد الذي يعاني من ازمة الرهن العقاري وازمة الائتمان ومن ازدياد الاستغناء عن الموظفين.

هذا وقفز سعر الذهب الى مستوى ألف دولار للاوقية (الاونصة) للمرة الاولى في المعاملات الآجلة أمس يدعمه اقتران ضعف الدولار باقبال المستثمرين على شرائه وسط مخاوف من ارتفاع التضخم بفعل ارتفاع أسعار النفط.

وتراجع الذهب قليلا بعد بلوغه ذروة الالف دولار. وارتفع سعر الذهب لعقود ابريل (نيسان) أنشط العقود الاجلة 17.30 دولار أي بنسبة 1.7 في المائة الى 997.70 دولار للاوقية. وبلغ أعلى سعر للذهب على الاطلاق في المعاملات الفورية 997.50 دولار للاوقية في وقت سابق أمس. وعلى صعيد اسواق المال والبورصات العالمية هبط المؤشر الرئيسي للاسهم اليابانية أكثر من ثلاثة في المائة في بورصة طوكيو للاوراق المالية أمس ليسجل أدنى مستوى اغلاق منذ عامين ونصف العام بعد هبوط الدولار الى أدنى مستوى منذ 12 عاما مقابل الين الياباني.

وأدى هبوط الدولار الى تزايد خسائر الشركات المصدرة مثل هوندا موتور وسط مخاوف متنامية من ركود اقتصادي في الولايات المتحدة.

وسجلت البنوك الكبرى انخفاضا كبيرا وهبط سهم مجموعة ميزوهو المالية ليسجل أدنى مستوى اغلاق منذ أربع سنوات بسبب الشكوك المتزايدة في مساعي مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الاميركي) لدعم أسواق الائتمان المجهدة والحد من الاضرار التي تلحق بالاقتصاد الاميركي.

وفي نهاية المعاملات هبط مؤشر نيكي القياسي بنسبة 3.3 في المائة أي أكثر من 400 نقطة ليصل الى 12433.44 نقطة مسجلا أدنى مستوى منذ 31 أغسطس (اب) عام 2005. وانخفض مؤشر توبكس الاوسع نطاقا بنسبة 3.1 في المائة الى 1215.87 نقطة مسجلا أيضا أدنى مستوى منذ عامين ونصف العام.

هذا وقادت أسهم البنوك أسواق الاسهم الاوروبية نحو النزول بشدة في اوائل معاملات أمس مع انحسار اجواء التفاؤل التي اثارها التحرك المنسق للبنوك المركزية لضخ سيولة مالية بينما القى ارتفاع أسعار النفط الى مستويات قياسية بظلاله على السوق الاوسع نطاقا.

وهبط مؤشر يوروفرست 300 الرئيسي لاسهم الشركات الكبرى في أوروبا 1.5 في المائة الى 1266.25 نقطة بعد أن ارتفع اليومين الماضيين اثر تحرك منسق للبنوك المركزية يوم الثلاثاء لضخ مليارات الدولارات من السيولة في اسواق الائتمان المثقلة بالمتاعب.

الى ذلك انخفضت الاسهم الاميركية في بداية التداول أمس، اذ هزت أحدث بوادر على الارهاق الذي أصاب اسواق الائتمان العالمية ثقة المستثمرين في حين غذى هبوط مفاجئ في مبيعات التجزئة الاميركية المخاوف من ركود يقوده تراجع انفاق المستهلكين.

وهبط مؤشر داو جونز الصناعي 145.07 نقطة أي بنسبة 1.20 في المئة الى 11965.17 نقطة. وتراجع مؤشر ستاندرد اند بورز 500 بنسبة 1.34 في المائة أي 17.58 نقطة الى 19 ر1291 نقطة. وانخفض مؤشر ناسداك المجمع بنسبة 29.43 نقطة أي بنسبة 1.31 في المائة الى 2214.44 نقطة.

وعلى صعيد اسواق النفط العالمية صعدت أمس العقود الاجلة للنفط الخام الاميركي أكثر من دولار لتصل الى مستوى قياسي عند 111 دولارا للبرميل أمس مع استمرار المضاربة على صعود الاسعار نظرا لضعف الدولار رغم المخاوف من ركود اقتصادي في الولايات المتحدة.

وزاد سعر الخام تسليم ابريل (نيسان) في بورصة نيويورك التجارية (نايمكس) 86 سنتا أي ما يعادل 0.78 في المئة مسجلا 110.78 دولار للبرميل بعد تداوله في نطاق 109.33 الى 111 دولارا. وأعلى مستوى للمعاملات هو ذروة قياسية جديدة.

فيما ارتفعت العقود الاجلة لخام برنت في لندن أكثر من دولار امس لتصل الى مستوى قياسي جديد فوق 107 دولارات للبرميل مدعومة بتراجع الدولار. وارتفع مزيج برنت 1.19 دولار مسجلا 107.46 دولار للبرميل.