الكبار

TT

كتبت الأسبوع الماضي موضوعا كان عنوانه الصغار، وتلقيت عدة اتصالات تستفسر هل أنا مع الصغار وضد الكبار؟ تعجبت من سوء الفهم أو سوء الظن، فأنا في المقال لم أكن مع هؤلاء أو ضد هؤلاء وإنما موضوع المقال هو الذي فرض العنوان حيث كان الحديث عن اكتتاب «سبكيم» ولم يكتتب الصغار بالأسهم المخصصة لهم رغم أن سعر السهم كان 15 ريالا وسعره في السوق نحو 36 ريالا، ومع ذلك لم يكتتبوا..! يضاف إلى ذلك أن نتائج الشركة كانت جيدة وان القائمين عليها من الثقات في الاقتصاد السعودي، ويعلم الجميع أن الإدارة تؤخذ كوزن مهم في حالة الرغبة في استثمار ما. في حالة الاستثمار لا يمكن أن تكون مع الصغار ولا ضد الكبار، حيث أن الاستثمار يحتاج الى الطرفين وكلاهما يحتاج الآخر، فالكبار لديهم القدرة على التفكير في المشاريع ودراسة جدواها ومعرفة ما إذا كانت ناجحة أم لا بحكم الخبرة مع افتراض وجود نسبة خطأ. وبعد ذلك يقومون بالتجمع لتمويل المشروع وقيادته ماليا وإداريا، وبعد أن تتضح لهم الرؤية ويقررون الدخول في مشروع معين يبدأون بالبحث عن ممولين «غير مزعجين»، بمعنى لا يتدخلون في الإدارة ولا يناقشون كل صغيرة وكبيرة في التقرير المالي ويسببون قلقا للكبار. لذلك هم يوفرون تمويلا غير مكلف للكبار و«لا يزعجونهم»، بل يروجون لهم ولمشاريعهم في المجالس التي تطأها أقدامهم. وفي كل محفل يمرون به، ونحن في النهاية قوم لا نقرأ بل نعتمد على الرواية الشفوية، لذلك يكون لكلامهم وقع مهم. الأمر الآخر في تمويل الصغار للكبار أن هؤلاء قنوعين، بل إنهم إذا أعطوا شكروا وإذا أهملوا صبروا. من هذا المنطلق نرى أن كلا الطرفين بحاجة للآخر، فالكبار يفكرون ويخططون وينفذون ويمولون جزءا كبيرا من رأس المال، والصغار يغطون الجزء المتبقي ويربحون. ولعل الصغار أقل مخاطر في الاستثمار من الكبار، إذ أن الكبار تفرض عليهم فترة حظر في تأسيس الشركات المساهمة، عكس الصغار الذين يكتتبون ويستطيعون البيع بعد التخصيص، المهم أنني لست ضد طرف من الأطراف، بل مع جميع الأطراف وما ينطبق على الاستثمار ينطبق على كافة مناحي الحياة.

* كاتب اقتصادي [email protected]