خبير اقتصادي: التمويل العقاري مهم جدا للطبقات المتوسطة وما دونها في السعودية

الرئيس التنفيذي السابق لـ«تمويل» المصرية لـ «الشرق الأوسط» : تجربتا المكسيك والهند أفضل التجارب التي يمكن الاستعانة بها في الأسواق الناشئة

سامح الترجمان («الشرق الأوسط»)
TT

أشار الدكتور سامح الترجمان الرئيس التنفيذي لشركة «تمويل» المصرية للتمويل العقاري إلى أن اتجاه جزء من الأموال العربية إلى الاستثمار في البنية التحتية في السوق الأميركي بعد أزمة الرهن العقاري، لن يؤثر على الطفرة العقارية التي تشهدها دول الخليج، موضحا أنه من الطبيعي أن يتم استثمار جزء من الأموال الناتجة عن الفورة النفطية في السوقين الأميركي والأوروبي.

ونوه الترجمان إلى أهمية الإسراع بإدخال نظام التمويل العقاري إلى السوق السعودي خاصة والخليجي عامة، نظرا لما له من أهمية لتملك الشرائح ذات القدرة الشرائية المتوسطة وما دونها لوحدات سكنية. شغل الترجمان من قبل رئيس بورصتي القاهرة والإسكندرية، ورئيس هيئة التمويل العقاري، كما تولى عضوية مجلس إدارة بورصة دبي الدولية، ومستشارا لجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، وكان قد بدأ حياته في السلك القضائي.

وفي ضوء حواره مع «الشرق الأوسط» من القاهرة اعترض الترجمان جزئيا على مصطلح التمويل العقاري الإسلامي، مشيرا إلى أن قوانين التمويل العقاري في الدول الإسلامية ـ ومنها مصر ـ تتماشى جميعها مع الشريعة، وأن الاختلاف قد يكون في أسلوب تقديم المنتج. وأوضح أن السوق المصري لا يزال قادرا على استيعاب الكثير من الشركات العالمية والخليجية العاملة في التمويل العقاري، مشيرا إلى أن الشركات العاملة في مجال التمويل العقاري مازالت غير مؤهلة لطرح أسهمها في البورصة ربما للتخوف من عدم استقبال سوق المال لها كما تستحق.

وتوقع الترجمان احتمال حدوث فقاعة عقارية نوعا ما في السوق المصري، لتأخذ مظهر الإحجام الجزئي عن الشراء لكنها ستظل في حدود القابلية للامتصاص. وإلى نص الحوار: > هناك مخاوف على الطفرة العقارية العربية من توجه كبير للأموال الخليجية الى السوق الأميركي بعد أزمة الرهن العقاري التي أدت إلى خفض أسعار الأصول هناك ؟

ـ لا يجب أن نأخذ أية مخاوف كأنها مقدسات او مسلم بها، وعلينا التفكير بعين العقل، فهناك أموال كثيرة ناتجة من الفورة النفطية، وتشبع جزئي في البلدان العربية، ومن الطبيعي أن تتجه كتل من الأموال الى الخارج، سواء الى أميركا أو غيرها، لاقتناص الفرص ولتنويع المخاطر، وذلك أمر صحي بل ومطلوب أيضا.

> في تقديرك ما مدى حاجة أسواق ذات سيولة مرتفعة كالسوق السعودي خاصة والخليجي عامة الى نظم التمويل العقاري؟

ـ السوق السعودي متسع وواعد وبه شرائح مختلفة، وليس معنى أن هناك استثمارات بالمليارات أن الشعب كله قادر على تملك الوحدات السكنية التي يريدها أو يرغبها، وهنا فالتمويل العقاري مهم جدا للطبقات المتوسطة وما دونها، في العالم كله، وليس لدولة أو لفئة بعينها، وينظر الآن الى هذه المنظومة بعين الاحترام والتقدير لأنها الحل الوحيد أمام الطبقات غير القادرة لتستثمر وتتملك. > سيعاد الحديث عن المزادات وأسعار الاراضى بمصر مرة أخرى بعد طرح وزارة الإسكان والمجتمعات العمرانية 12 قطعة أرض سيتم التزايد عليها خلال ابريل المقبل، ما هي توقعاتك ؟ ـ المزادات تخاطب الشرائح فوق المتوسطة، ولمؤشرات عديدة يصعب قراءة ما سيحدث خلال الفترة المقبلة خاصة بعد الطفرة السعرية التي حدثت في أعقاب المزايدة الأولى للوزارة بطرح 4800 فدان.

وقد حدث بعد فترة من الارتفاع المبالغ فيه ان شهد السوق استقرارا نسبيا، إلا ان التوقعات بالفعل مصحوبة بقدر من الضبابية ويتوقف نجاح الصفقات على قدرة كل شركة على استخلاص الاتجاه من واقع مركب، كما سيتوقف الأمر على الشركات المتنافسة وقدرتها المالية ومدى أهمية الاستحواذ على قطع أراضي جديدة لها، وما إذا كانت الشركة تدخل السوق المصرية لأول مرة أم لا ؟ > بخبرتك الدولية بعد العمل في بورصة نيويورك، ما التجارب الدولية التي ترى أهمية استلهامها لدفع منظومة التمويل بمصر؟

ـ هناك تجربتا المكسيك والهند، وهما أفضل التجارب التي يمكن الاستعانة بها في الأسواق الناشئة، حيث إن تجاربهما كانت مركزة على توفير التمويل للفئات المتوسطة وما دونها. ووفرت منتجات عديدة تناسب جميع الطبقات، من خلال عمل توليفة بين شركات تقدم منتجات مالية وشركات تطوير عقاري لهذه الطبقات، مما عمل على توسيع ملكية العقارات وتقليل التوترات الاجتماعية التي تنجم عن أزمات السكن.

> بالرغم من اتساع سوق التمويل العقاري المصري الى 6 شركات، و18 بنكا، إلا إن المنتجات تقريبا متشابهة، هل يعني غياب المنافسة فعليا ؟

ـ ليس بالضبط، ولكني اعترف أن المنتجات ما زالت تقريبا متشابهة، إلا أن الفرق في الخدمة، فعلى سبيل المثال، «تمويل» تعطي الأولوية للطبقات المتوسطة وما دونها حيث قمنا بتمويل 1500 وحدة سكنية، وتحرص على سرعة تسليم الوحدات السكنية للعملاء بما لا يستغرق 4 أيام.

> تم الاعلان عن شركات أوروبية وأميركية تتفاوض لدخول سوق التمويل العقاري المصري، هل المزيد من الشركات يفيد هذه المنظومة؟

ـ بلا شك، فالسوق المصري لا يزال يتسع للعديد من الشركات التي بدورها ستقدم منتجات متنوعة وجديدة وذات استهدافات مختلفة، وأتوقع أن يشهد السوق المصري خلال السنوات الثلاث القادمة تطورات ايجابية كبيرة في هذا القطاع.

> لاتزال قوة الدفع الرئيسية للمنظومة قادمة من الحكومة التي قررت إدخال وحدات شركات الإسكان الحكومي في التمويل العقاري، وأضافت مشروعات مثل المشروع القومي للإسكان مؤخرا.. متى يمكن إن تكتفي الحكومة بدور المراقب والحكم بين أطراف السوق؟

ـ ليس في المستقبل القريب، فالسوق يحتاج الشركاء الثلاثة من حكومة وبنوك وشركات، والدفع الحكومي يطمئن المزيد من الشركات للدخول في السوق، كما انه يعني ليس فحسب وضع المشاريع الحكومية تحت مظلة التمويل ولكن أيضا بناء وتطوير الناحية التشريعية والقانونية للنظام. ومن حسن الحظ إن المسؤولين يدركون جيدا إن ما ستقدمه الحكومة في البداية سيعود الى المجتمع أضعافا مضاعفة بعد ان تستكمل العملية التمويلية عناصر قوتها. > ما الذي ما زالت تحتاجه أنت كرئيس شركة لزيادة النشاط؟

ـ إن تكون دورة تسجيل العقار والتنفيذ عليه في حالة توقف العميل عن السداد اقصر، وتقليل الدورة المستدينة بقدر الإمكان، وزيادة الشفافية والدقة في البيانات والإحصاءات الخاصة بسوق العقار. > مبادرة السجل العيني ـ أي عمل بطاقة لكل عقار ـ والتي لها دور حاسم في تسريع تداول العقارات.. لم يتم تفعيلها حتى الآن كما كان مقترحا؟

ـ منذ سنوات تم اقتراح تطبيق السجل العيني في منطقتي 6 أكتوبر والدقي، لتعميم هذه التجربة على جميع أنحاء الجمهورية لاحقا في ضوء خبرة التطبيق، وتم قطع شوط لاقتناع المسؤولين بالأهمية القصوى لهذا الأمر، إلا أننا لا نعلم حتى الآن ماذا حدث في هاتين المنطقتين، ولماذا لا يتم بسرعة تفعيلها لمزيد من التقدم لسوق التمويل العقاري.

> عملية إعادة التمويل العقاري مازالت تسير ببطء، كيف يمكن تسريعها حتى لا تتوقف الشركات لنفاد التمويل ؟

ـ ما زلنا في طور الستة أشهر التي حددتها شركة إعادة التمويل العقاري لاختيار المحفظة التي سنتعامل عليها وهل ستكون لمحدودي الدخل أم لغيرهم؟ لتتمكن من توريق المحفظة وضخ التمويل لنا. وقد قرأنا مؤخرا عن عقد بروتوكول تعاون لإعادة التمويل بين الشركة وبنك الإسكان فلعل ذلك يكون البداية.

> دخل نظام الاستصناع العقاري كأحد منتجات التمويل العقاري الإسلامي الى السوق المصري، ما تصوراتك حول فرص هذا النظام؟

ـ أتحفظ على مسمى تمويل عقاري إسلامي، لان جميع قوانين الهيئة العامة لشؤون التمويل العقاري نصوصها مستمدة من الشريعة الإسلامية، بما يعني أن جميع الشركات العاملة في السوق المصري هي تمويل عقاري بنظام الشريعة، ولكن اعتقد إن تحديد هذا المفهوم قد يكون بأسلوب تقديم المنتج، وكل المنتجات تخدم في النهاية القطاع العقاري ككل. > هل شركات التمويل العقاري مؤهلة لدخول سوق المال حاليا وما موقف شركتكم من ذلك؟

ـ لا اعتقد حتى الآن أنها لديها القدرة أو الوقت المناسب، فالشركات في البدايات وهي تراهن على النمو القوي والمؤكد للسوق وتعرف إن ذلك سيأخذ وقتا، لكن جمهور سوق المال ينظر في المعتاد الى الوضع الراهن للشركة وعلى الأكثر عملياتها في المدى المنظور. ومن ثم فقد لا يستقبل الشركات حاليا كما تستحق وبالنسبة لنا فالطرح مرهون بتوسيع قاعدة العملاء التي لن تكون إلا بنمو القدرة الشرائية، بالإضافة الى تنويع المنتجات، ووقتها نفكر جديا.

> هناك مخاوف من حدوث فقاعة عقارية في المنطقة وفي مصر فأين تقف من ذلك؟

ـ ربما يحدث ذلك، ولكن ليس بمعنى حدوث ركود أو هبوط في مؤشر الأسعار، إنما بمعنى إحجام الإفراد عن الشراء عند مستويات معينة للأسعار، في جميع الشرائح السوقية لكنني أتوقع إن يكون التراجع عند حدود قدرات السوق على امتصاص الأثر.