حالة «هلع» تعصف بالأسواق العالمية والدولار.. وصندوق النقد يتوقع أن تدوم الأزمة المالية طويلا

بيع بنك «بير ستيرنز» بسعر بخس وتدخل طارئ لـ«الاحتياطي» الأميركي يوقدان المخاوف > ارتفاع قياسي للذهب.. والمستثمرون يلوذون به

TT

شهدت الاسهم العالمية تراجعا حادا وهبط الدولار، أمس، حيث أوقد بيع بير ستيرنز بسعر بخس وخفض طارئ لسعر إقراض رئيس من جانب مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الاميركي) شرارة المخاوف من سقوط ضحايا جدد في أزمة الائتمان العالمية.

وهوت الاسهم الاوروبية أكثر من ثلاثة في المائة اثر عمليات بيع واسعة في آسيا، إذ انخفضت المؤشرات الرئيسة في اليابان أكثر من 3.5 في المائة. ولامس الدولار مستويات منخفضة جديدة مقابل اليورو وسلة من ست عملات رئيسية، فيما تراجع النفط من مستوى قياسي مرتفع أمس وسط عمليات بيع واسعة في السلع الاولية أوقد شرارتها تزايد القلق بشأن سلامة أكبر اقتصاد في العالم.

وأقبل المستثمرون على الاصول الآمنة ليتجاوز الذهب 1030 دولارا للأوقية (الأونصة) وينزل العائد على السندات قصيرة الاجل لمنطقة اليورو عن ثلاثة في المائة للمرة الاولى فيما يربو على عامين.

ونقلت رويترز عن مايكل كلافيتر محلل أسواق الصرف لدى درسدنر كلينفورت في فرانكفورت «الاسواق في حالة ذعر شامل وفي مثل هذه الحالات لا يوجد شيء من قبيل التقييم أو القيمة في أي أصل استثماري».

وفي خطوة مفاجئة مساء أول من أمس الاحد خفض مجلس الاحتياطي سعر الخصم الذي يفرضه على القروض المباشرة للبنوك الى 3.25 في المائة من 3.50 في المائة واتخذ خطوات من أجل توفير السيولة لنطاق أوسع من الشركات المالية مستخدما أدوات لم يلجأ اليها منذ الكساد الكبير.

وقبلها بدقائق أعلن جيه.بي مورجان تشيس اند كو، أنه بصدد شراء بير ستيرنز بثمن بخس لا يتجاوز دولارين للسهم مقدرا قيمة بنك الاستثمار الاميركي الواقع في خضم أزمة ائتمان عالمية متفاقمة بنحو 236 مليون دولار.

وكان جيه.بي مورجان وبنك نيويورك الاحتياطي الاتحادي قد تدخلا لإنقاذ بير ستيرنز يوم الجمعة بعد تدهور مستويات السيولة لديه في واحدة من أسوأ المشكلات ضمن أزمة الائتمان الدائرة منذ منتصف عام 2007.

ويتوقع المستثمرون الآن خفض سعر الفائدة الرئيس على الاموال الاتحادية واحدا في المائة لدى أو قبل اجتماع مجلس الاحتياطي اليوم الثلاثاء. وفي هذه الحالة تنخفض الفائدة الاميركية الى اثنين في المائة.

وقال بنك انجلترا (المركزي) انه سيقدم خمسة مليارات جنيه استرليني (9.85 مليار دولار) لأجل ثلاثة أيام في عملية استثنائية تهدف الى خفض أسعار الفائدة لأجل ليلة واحدة.

وتلقت أسواق الأسهم ضربة قوية في أنحاء العالم مع سيطرة عدم التيقن على المستثمرين. وهوت الاسهم الاوروبية. وتراجع مؤشر يوروفرست 300 بنسبة 3.2 في المائة.

وفي وقت سابق تراجعت اسواق الآسيوية بقوة حيث هوت الاسهم اليابانية (وهي الاكبر في المنطقة) الى أدنى مستوى اغلاق فيما يقرب من عامين ونصف العام مدفوعة بقلق المصدرين من ارتفاع الين. ونزل مؤشر نيكي القياسي 3.7 في المائة أي ما يعادل 454.09 نقطة ليختم المعاملات على 11787.65 نقطة وهو أسوأ إقفال له منذ الثامن من أغسطس (آب) 2005. ونزل مؤشر توبكس الاوسع نطاقا 3.7 في المائة أو 43.58 نقطة ليصل الى 1149.65 نقطة، وهو أدنى اغلاق منذ يونيو (حزيران) 2005. تراجعت الاسهم الاميركية عند بدء التعاملات أمس وسط مخاوف أثارها بيع بنك بير ستيرنز من أن أزمة الائتمان العالمية قد تكون خرجت عن نطاق السيطرة، مما حد من الاقبال على الاصول الخطرة.وهبط سهم مؤشر داو جونز الصناعي بنسبة 1.48 في المائة. وتراجع مؤشر ستاندارد اند بورز بنسبة 1.61 في المائة. ونزل مؤشر ناسداك 45.76 نقطة أي بنسبة 2.07 في المائة.

وشهد الدولار تراجعا عاما، حيث انخفض حتى ثلاثة في المائة في المعاملات المبكرة، أمس، لتصل بحسب بيانات لرويترز الى 95.77 ين وهو أدنى سعر منذ 1995. وصعد اليورو الى مستوى قياسي جديد عندما سجل 1.5904 دولار قبل أن يتراجع الى 1.57533 دولار. ودفع ضعف الدولار أسعار النفط صعودا قبل أن تتراجع حيث سجل الخام الاميركي 106.87 دولار للبرميل منخفضا 3.34 دولار عن الاقفال السابقة. وفي وقت سابق أمس بلغ الخام مرتفعا ارتفاعا قياسيا جديدا عند 111.80 دولار قبل أن يهبط الى 105.11 دولار وهو أدنى مستوياته للجلسة.

وقال توني نونان المسؤول عن ادارة المخاطر لدى شركة ميتسوبيشي في طوكيو لـ«رويترز» «تأثرت أسعار النفط في الآونة الاخيرة بتحركات العملات.. وضعف الدولار هو العامل المؤثر في الوقت الحالي»، غير أن الرئيس التنفيذي لشركة رويال داتش شل قال أمس انه من الصعب فهم أسباب ارتفاع أسعار النفط الى مستويات قياسية نظرا لعدم وجود مشكلات او اختناقات كبيرة في الامدادات. وقال جيرون فان دير فير في مؤتمر صحافي «من الناحية الفعلية ليس هناك ما يبعث على القلق... من الصعب فهم سبب ارتفاع أسعار النفط الى هذه المستويات». وكانت شل ثاني أكبر شركة نفط في العالم تتداول اسهمها بالكامل من حيث القيمة السوقية تطلع مساهميها على سياساتها. وأقبل المستثمرون على الأصول الأكثر أمنا. وسجل الذهب في المعاملات الفورية 1030 دولارا للاوقية (الأونصة) قبل أن يهبط الى 1023 دولارا للاوقية.

وقال مارك بيرفان كبير محللي السلع الأولية لدى بنك أستراليا ونيوزيلندا «سيظل الذهب هو المستفيد الرئيس من تراجع الدولار كملاذ آمن من المخاطر العالمية».

وفي خضم هذه التطورات اعتبر المدير العام لصندوق النقد الدولي دومينيك ستروس كان، أمس، ان الازمة المالية الحالية «ستدوم طويلا» وستكون لها «عواقب اقتصادية وخيمة».

وقال ستروس ـ كان في مؤتمر صحافي نظمه صندوق النقد الدولي ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية حول الاصلاحات الهيكلية في اوروبا «هناك أزمات تتعلق بالظروف الاقتصادية مثل التي نعيشها» و«ستدوم طويلا مع عواقب وخيمة». وأضاف ان الدول الناشئة ستتضرر هي الاخرى جراء الأزمة المالية التي بلغت الولايات المتحدة حتى الآن والدول المتقدمة. وقال «لا فصل» بين الدول المتقدمة والدول الناشئة، لكن هناك «تفاوتا في الوقت». وتابع المدير العام لصندوق النقد الدولي «ان الدول الناشئة ستتأثر للأسف» بالأزمة، وان توقعات النمو لصندوق النقد لهذه الدول «تفاوتت من 0.75 الى نقطة واحدة من النمو».