3 أرباع الأميركيين يعتبرون اقتصادهم في حالة كساد.. وواشنطن تتحاشى استخدام «الانكماش»

خبير في جامعة هارفارد: الركود يقترب ويمكن أن يصبح الأكثر حدة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية > المركزي الأميركي ضخ 400 مليار دولار نقد وسندات في النظام المصرفي لتجنب الانهيار

TT

أظهر استطلاع للرأي لصحيفة «يو.اس.ايه توداي» ومؤسسة «غالوب» أمس أن أكثر من ثلاثة أرباع الأميركيين يعتقدون أن الولايات المتحدة دخلت في حالة كساد.

وأوردت يو.اس.ايه توداي، أن هذه أول مرة تذكر فيها نسبة كبيرة أن الاقتصاد في مثل تلك الحالة السيئة منذ سبتمبر (ايلول) 1992 قبل شهرين من فشل الرئيس الاميركي السابق جورج بوش في مسعاه لاعادة انتخابه.

وذكرت الصحيفة أن 76 في المائة ممن شملهم الاستطلاع قالوا ان الاقتصاد دخل في حالة كساد مقارنة مع 22 في المائة ذكروا العكس. وردا على سؤال بشأن احتمال دخول الاقتصاد في حالة من الكساد ذكرت نسبة 59 في المائة انه محتمل بينما أبدت نسبة 79 في المائة قلقها في هذا الشأن.

واستكمل الاستطلاع يوم الاحد وهو اليوم الذي قرر فيه مجلس الاحتياطي الاتحادي تقديم تسهيلات جديدة تتيح اقراض مؤسسات مالية كبرى بشكل مباشر لاول مرة منذ الكساد الكبير كما دعم صفقة شراء «جيه.بي. مورغان تشيس» بنك الاستثمار بير ستيرنز.

وجاء في مقال ان الاستطلاع يعكس تراجعا في الثقة يقول اقتصاديون ان من شأنه أن يضر بالاقتصاد الامريكي بصورة أكبر.

وقال لرويترز بريان بوثون من غلوبل انسايت للتوقعات الاقتصادية ان التشاؤم «يسبب المزيد من المشاكل». وأضاف للصحيفة «حين يعاني الناس من ارتفاع أسعار البنزين وزيادة تكلفة وقود التدفئة وتناقص فرص العمل وانخفاض أسعار المساكن فان النتيجة المنطقية أن الامور ليس طيبة». وشمل الاستطلاع 1025 من البالغين ويصل هامش الخطا فيه الى زائد أو ناقص ثلاثة بالمئة.

لكن وزير الخزانة الاميركي هنري بولسون قال أمس ان الاقتصاد الاميركي «تراجع بشكل ملحوظ» من دون ان يستخدم كلمة انكماش.

وقال بولسون في حديث لشبكة «سي ان بي سي»: «نعلم اننا نشهد تراجعا كبيرا (للاقتصاد) ولا شك في ان الاميركيين يعلمون ان الاقتصاد تراجع كثيرا».

ورفض بولسون الاقرار ردا على سؤال صحافي، بان اول اقتصاد في العالم يشهد انكماشا.

واضاف «بالنسبة لي المهم ليس اطلاق الصفات بل المهم ما نفعل لتصحيح الوضع». كما رفض الوزير التعليق على القرار المقبل للجنة السياسة النقدية للاحتياط الفدرالي.

وقال ان «الاحتياطي الفدرالي مستقل. كلني ثقة بالاحتياطي الفدرالي وبانه سيقوم بما يجب القيام به». وتعقيبا على انقاذ بنك الاعمال «بير سترنز» في نهاية الاسبوع الماضي من الافلاس، قال بولسون ان اولوية وزارته هي «التقليل من تأثير تقلبات اسواق المال». وخلص الى القول ان «اولويتنا هي الحفاظ على نظام الاسواق وعلى سلامة اقتصادنا». وقد اتخذ مصرف الاحتياط اجراءات عاجلة خلال عطلة الاسبوع الماضي لمنع انتشار الهلع المالي، وخفض معدل سعر الفائدة على القروض المباشرة للمصارف واصبح المصرف الملاذ الاخير للمتعاملين في السندات الحكومية، الذين يسعون لقروض.

وقال ليل غراملي الرئيس السابق لمصرف الاحتياط الفيدرالي الذي يعمل الان مستشارا في مجموعة ستانفورد في واشنطن «اتخذ مصرف الاحتياط خطوات هامة للتعامل مع مشكلة السيولة الرئيسية».

وقد اكد حدة الازمة القرارات العاجلة التي اتخذها مصرف الاحتياط في ليلة 16 مارس (آذار)، اول تغيير للسياسة المالية في عطلة نهاية الاسبوع منذ عام 1979.

وقد شاهد برنانكي، التي تأثرت وجهــة نظره في السياســة النقديــة بنشاطه الاكاديمي في مجال الركود العظيم، قد شــاهد خسائر في اكبر المصارف العالميــة وبين المتعاملين في الاوراق المالية تصل الى 195 مليار دولار منذ بداية العــام الماضي، وكان اخرها انهيار خامس اكبر شركة اوراق ماليــة «بيــر سيترنز».

وقد فشل برنانكي في تهدئة الاضطرابات، التي وصفها سلفه الن غرينسبان بأنها «الاكثر حدة» منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، حتى بعد تخفيض سعر الفائدة خمس مرات منذ شهر سبتمبر (أيلول) الماضي والالتزام بضخ 400 مليار دولار نقد وسندات في النظام المصرفي.

وصعد برنانكي الجهود الهادفة للحفاظ على الضغوط على السوق لمنع الانهيار. فقد وافق مصرف الاحتياط في 16 مارس على المساهمة في تمويل شراء مصرف «جي بي مورغان تشيز» لمصرف «بير سترنز»، كما عرض المصرف المركزي قرضا قيمته 200 مليار دولار على شكل سندات حكومية مقابل الديون التي تشمل سندات مدعومة بقروض الاسكان.

وقال ستيفن ستانلي، كبير الاقتصاديين في «ار بي اس غرنيش كابيتال ماركيس» ان مصرف الاحتياط سيتردد كثيرا في اشعار الاسواق بالاحباط. الاشياء لا تزال هشة. نحن في موقف بدأت فيه قيود الاقراض في التآكل».

وتشير المعلومات الاقتصادية الى ان اول ركود اقتصادي منذ عام 2001 ربما قد بدأ في ديسمبر (كانون الاول) او يناير (كانون الثاني). وذكر مارتين فلدستاين الاقتصادي في جامعة هارفارد وعضو اللجنة التي تعلن متى بدأ الركود، انه يعتقد ان الركود يقترب ويمكن ان يصبح اكثر فترات الركود حدة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية طبقا لما اورده موقع بلومبيرغ المالي.

وذكر روبرت ايسنبيس مدير الابحاث السابق في مصرف ولاية اتلانتا الاتحادي والاقتصادي النقدي في مؤسسة كامبرلاند ادفيزور «انهم يشعرون بالقلق بخصوص المشاكل التي يمكن ان تتعرض لها الاسواق المحلية وما يمكن القيام به لمنع ذلك من الحدوث». وقال بول كريستال مدير الابحاث الاقتصادية في مؤسسة «نورثرن ترست» في شيكاغو ان «برنانكي يعتقد ان الاقتصاد في موقف صعب للغاية. ويشعر البنك الاحتياطي الفيدرالي بالقلق بخصوص انكماش حاد في القروض يمكن ان يؤدي الى اقتصاد اضعف».

وعلى صعيد أسواق المال العالمية يبدو ان التوقعات بخفض الفائدة الاميركية قد انعشت الاسواق حيث ارتفعت الاسهم اليابانية في نهاية جلسة المعاملات أمس بعد هبوطها ثلاثة أيام متتالية وذلك رغم استمرار المخاوف من ارتفاع الين وذلك مع اقبال المستثمرين على شراء الاسهم التي انخفضت بشدة مثل سهم شركة كانون بعد انخفاض شديد في اليوم السابق.

وعند الاغلاق صعد مؤشر نيكي القياسي 1.5 في المائة أي 176.65 نقطة الى 11964.16 نقطة. وكان المؤشر خسر أكثر من ثمانية في المائة في الايام الثلاثة الاخيرة مع هبوط الدولار لادنى مستوى منذ 13 عاما مقابل العملة اليابانية بالاضافة الى تجدد المخاوف من الازمة الائتمانية العالمية. وزاد مؤشر توبكس الاوسع نطاقا 1.2 في المائة أي 13.98 نقطة الى 1163.63 نقطة.

كما صعدت الاوروبية أكثر من واحد في المائة في أوائل المعاملات الاوروبية أمس مع انتعاش أسهم القطاع المالي قبل صدور قرار مجلس الاحتياطي الاتحادي )لبنك المركزي( . وارتفع مؤشر يوروفرست 300 لاسهم الشركات الكبرى في أوروبا بنسبة 1.7 في المائة الى 1220.90 نقطة. وانخفض المؤشر بنسبة 4.4 في المائة أمس الاثنين ليسجل أدنى مستوى اغلاق منذ عامين ونصف العام.

* «الاحتياطي الأميركي» يخفض الفائدة إلى 2.25% وسط انتعاش الدولار

* لندن: «الشرق الأوسط»

* خفض مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الامريكي) معدل الفائدة الاميركية ثلاثة أرباع النقطة المئوية أمس في خطوة كبيرة، لكن دون توقعات الكثيرين في أسواق المال، وذلك ضمن جهود تهدف الى تجنب ركود حاد وانهيار مالي.

وبهذا القرار، وهو يأتي للمرة السادسة على التوالي، يصل سعر فائدة الاموال الاتحادية الى 2.25 في المائة وهو أدنى مستوى منذ فبراير (شباط) 2005 ويأتي بعد يومين من اعلان البنك المركزي اجراءات استثنائية جديدة لكبح جماح أزمة مالية عالمية آخذة بالانتشار. وتوقع الكثيرون في أسواق المال أن يخفض مجلس الاحتياطي سعر الفائدة بمقدار نقطة كاملة. وقالت لجنة السياسة النقدية لدى البنك في بيان إن ما قامت به اليوم (أمس) بالاضافة الى ما تم اعتماده من قبل «بما فيه تدابير تحسين السيولة في السوق، ينبغي ان يشجع على تحقيق نمو معتدل على مر الوقت وخفض المخاطر الجاثمة على النشاط الاقتصادي».

واضاف البيان ان «مخاطر تراجع النمو لا تزال مع ذلك ماثلة. واللجنة ستتصرف في الوقت المناسب كلما دعت الحاجة. وفي رد فعل على القرار قلص الدولار مكاسبه مقابل الين أمس بعدما خفض مجلس الاحتياطي الاتحادي أسعار الفائدة القياسية 75 نقطة أساس. وسجل الدولار 98.23 ين في أحدث تداولاته من حوالي 98.65 ين قبل اعلان قرار الفائدة. وتخلى اليورو عن مكاسبه أمام العملة الاميركية مسجلا 1.5774 دولار بعد القرار مباشرة من حوالي 1.5795 دولار قبله.