السعودية: «ساما» تمضي في ملاحقة «الفائدة الأميركية» بخفض سادس لـ «الريبو»

خبراء اقتصاديون لـ «الشرق الأوسط»: «السياسة النقدية» ستواصل خفض أسعار الفائدة وتصعب من مهمة ضبط معدلات «التضخم»

TT

مضت مؤسسة النقد العربي السعودي «ساما» مجددا لملاحقة الفائدة الأميركية، إذ أفصح مصرفيون أمس عن خفض السعودية التي تربط عملتها الريال بالدولار، لسعر إعادة الشراء «الريبو» العكسي ثلاثة أرباع نقطة مئوية، بينما لا تزال تتمسك بسعر الإقراض الرئيسي دون تغيير عند 5.5 في المائة.

وتناولت الأنباء تلقّي البنوك إخطار مؤسسة النقد (البنك المركزي) في السعودية، قرار أسعار الفائدة بخفض سعر الريبو العكسي إلى 2.25 في المائة متراجعا من 3 في المائة، لتمثل سادس خفض منذ سبتمبر (أيلول) من العام الماضي.

وكان مجلس الاحتياطي الاتحادي الأميركي (البنك المركزي) خفض سعر الإقراض الرئيسي لديه ثلاثة أرباع نقطة مئوية الثلاثاء الأمر الذي دعا إلى قرار البنك المركزي السعودي لخفض «الريبو» ضمن مساعيه لتخفيف حدة تباطؤ الاقتصادي الناتج عن ركود سوق الإسكان والأزمة الائتمانية.

ويعرف «الريبو» كمصطلح يعني إعادة سعر الشراء العكسي تمثّل أداة مالية تستخدمها البنوك المركزية كإجراء عملي يمكنه امتصاص الفائض من النقد أو عكس ذلك أي زيادة ضخ السيولة في شرايين القطاع المصرفي، وتعتمد على آلية إصدار شهادات إيداع أو القيام بشراء النقد في البنوك عبر فائدة يتم تحديدها.

وتوقع محللون اقتصاديون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن تواصل السعودية التمسك بالسياسة النقدية الحالية ومتابعة الدولار الأميركي وذلك لطبيعة ربط العملة الوطنية به، متنبئين بأن تتواصل هذه السياسة مع كافة تطبيقات الخفض المرتقبة الذي سيتجه إليه البنك المركزي الأميركي طوال العام الجاري 2008.

وقال الدكتور سليمان بن عبد الله السكران أستاذ المالية المشاركة في جامعة الملك فهد، إن السياسة النقدية في السعودية مرتبطة بشكل شبه مباشر مع السياسة النقدية الأميركية نتيجة لارتباط الاقتصادين اللذين يعيشان أوضاعا متباينة في اقتصاديهما حيث يشتكي الاقتصاد الأميركي من أزمة كساد عامة بينما يعيش الاقتصاد السعودي طفرة في النمو.

ولفت السكران إلى أنه لدواعي الأسباب الاقتصادية في المنظور الطويل الأجل ولاعتبارات الأهداف الاقتصادية، تحاول مؤسسة النقد السعودية (المشّرع للسياسة النقدية والمالية) أن تعمل أخف الضررين بمجاراة قرارات السياسة النقدية الأميركية بأقل التكاليف لذا هي تلجأ إلى «الريبو العكسي» كأخف أداة تزيد السيولة.

ويرى السكران في تقديره حول واقع الحالة الاقتصادية في أميركا بأن خفضها لأسعار الفائدة مؤخرا لن يكون الأخير بل يتوقع أن تواصل سياسة خفض أسعار الفائدة طيلة العام الجاري 2008 وبالتالي يتوقع أن تخفض أسعار الفائدة في السعودية حتى لو اضطر ذلك لزيادة السيولة. من ناحيته، ذكر لـ« الشرق الأوسط» صالح الثقفي المحلل الاقتصادي السعودي أن السلطات النقدية ليس لها خيارات واسعة يمكن أن تقوم بها إضافة مع ضعف موقفها الاستراتيجي أمام سياسة ارتباط الريال بالدولار الوثيقة والثابتة، إذ أن الرؤية المفترضة هنا تكمن في أن تكون معالجة التضخم الواقع في السعودية بمخالفة (خفض الفائدة) برفعها إلى مستويات تتجاوز 5 في المائة.

وأوضح الثقفي أن رفع أسعار الفائدة الذي لا يمكن للسلطات النقدية السعودية القيام به في الوقت الحالي لدواعي ضرورة ارتباط الريال بالدولار، مهمة في الوقت الراهن نتيجة أن رفع أسعار الفائدة سيمكن من مكافحة الصرف المالي والرأسمالي والاستثماري والاستهلاكي القائم حاليا، وبالتالي تعزيز جهود تراجع معدلات التضخم القائمة.

ويرى الثقفي أن سياسة خفض التضخم مقابل سياسة متابعة الدولار وخفض الفائدة عليه، ستكون «محجمة» ولا تتناسب مع الظرف الحالي بينما ستنحصر المعالجات في أطر محدودة، الأمر الذي يتوقع أن تشهد معه البلاد مستقبلا استمرار مستويات الارتفاع السعري نتيجة عدم القدرة على محاربة «التضخم».

لكن جون سفاكياناكيس الاقتصادي لدى بنك ساب السعودي الذي يملك بنك اتش.اس. بي.سي حصة فيه قال ان خفض سعر اعادة الشراء (الريبو) العكسي ثلاثة أرباع النقطة المئوية اليوم (امس) الى 2.25 في المائة من ثلاثة في المائة سيؤدي على الارجح الى خفض تكاليف الاقتراض للشركات مما يسهم في تعزيز النمو الاقتصادي وخلق الوظائف.

وأضاف «من المرجح أن يرتفع النمو ويزيد التضخم». وتابع «هذا ثمن يستحق دفعه في بلد يدخل فيه 300 ألف شخص سوق العمل كل عام». ويتوقع سفاكياناكيس ارتفاع النمو الاقتصادي الى 5.5 في المائة هذا العام وان يصل معدل التضخم السنوي الى 5.2 في المائة. وقدر أن معدل البطالة سيبلغ 15 في المائة.