«تاتا» الهندية تشتري جاغوار ولاندروفر من فورد الأميركية مقابل 2.3 مليار دولار

الشركة التي تنتج أرخص سيارة في العالم تستحوذ على علامتين فاخرتين > خبير لـ «الشرق الأوسط»: «تاتا» تسعى وراء الماركة التجارية أكثر من أي شيء آخر

TT

بعد اشهر من المحادثات وافقت شركة تاتا موتورز الهندية أمس على شراء وحدتي السيارات الفاخرة جاغوار ولاندروفر من شركة فورد موتور الاميركية مقابل نحو 2.3 مليار دولار. وقالت الشركات ان نقل الملكية الى تاتا موتورز من المتوقع ان يستكمل بحلول نهاية الربع المقبل من العام، اعتمادا على موافقة الجهات الرقابية.

وقالت تاتا موتورز في بيان، ان شركة فورد ستساهم بمبلغ يصل الى نحو 600 مليون دولار في خطط معاشات التقاعد للعاملين بشركتي جاغوار ولاندروفر.

وتجري تاتا موتورز أكبر شركة لصناعة الحافلات والشاحنات في الهند محادثات مع فورد منذ اختيرت للتفاوض على شراء الوحدتين، بعد أيام من بداية العام الجاري، فيما اعتبر تطورا لافتا يؤكد مرة أخرى على أن الخارطة الاقتصادية والصناعية العالمية عامة، وصناعة السيارات خاصة، ستشهد عملية إعادة رسم مهمة.

وتريد فورد التي بلغت خسائرها 2.7 مليار دولار في 2007 و12.6 مليار دولار في 2006 بيع جاغوار ولاندروفر للتركيز على تغيير اتجاه عملياتها الخاسرة في اميركا الشمالية.

وقال الان مولالي الرئيس التنفيذي لشركة فورد في بيان تلقته رويترز «الان حان الوقت بالنسبة لفورد لتركز على توطيد مكانة علامتها التجارية على مستوى العالم مع تنفيذ خطتنا لتعزيز قوة فورد موتورز».

وكانت فورد العام الماضي قد باعت «استون مارتن» البريطانية لصناعة السيارات الفاخرة والتابعة لها الى مجموعة تضم شركة دار الاستثمار الكويتية في صفقة قيمتها 925 مليون دولار، في ما قالت انها ستحتفظ باستثمار قيمته 77 مليون دولار فيها. وبالنسبة لـ«لاندروفر» و «جاغوار»، ففيما الأولى، التي اشترتها فورد عام 2000 مقابل 2.75 مليار دولار، تتمتع بوضع أفضل، الا ان الثانية تعاني منذ تملكها من قبل الشركة الأميركية عام 1989 مقابل 2.5 مليار دولار. مما يعني أن فورد ستخسرـ ببيعهما مقابل 2.3 مليار دولارـ ما يعادل 3 مليارات دولار. وأبدى محللون قلقهم بشأن كيفية تمويل «تاتا»، التي تعتبر ثالث أكبر شركات صناعة سيارات الركوب في الهند، للصفقة وكيف ستنسجم أفخر السيارات في العالم مع شاحنات تاتا وحافلاتها وسياراتها، ومنها نانو التي يبلغ سعرها 2500 دولار وهي أرخص سيارة في العالم، التي تعتزم تاتا موتورز بدء بيعها في وقت لاحق هذا العام.

وأعلنت تاتا موتورز عن خطط لجمع اربعة مليارات دولار من المتوقع ان تساهم في تمويل صفقة فورد وتصنيع سيارة نانو، التي كشفت النقاب عنها في يناير (كانون الثاني) الماضي.

وتأتي الصفقة في وقت زادت فيه تكاليف الاقتراض بسبب ازمة الائتمان العالمية، مما عطل من ابرام الصفقات على مستوى العالم.

وتعليقا على دلالات الصفقة قال د. غارث برايس لـ«الشرق الأوسط»، مدير برنامج آسيا في المعهد الملكي للشؤون الدولية بلندن (تشاتهام هاوس) أن صفقة «تاتا» تؤكد التوجه الذي ميز الشركات الهندية في السنوات الاخيرة بالاستحواذ على شركات غربية، مؤكدا «أن تركيز تاتا عبر شراء جاغوار ولاندروفر هو العلامة أكثر من أي شيء آخر مثلما حصل مع شركة الشاي العالمية تتلي التي استحوذت عليها أخيرا».

وكانت «تاتا موتورز» التي تنتج اصلا شاحنات وباصات، بدأت انتاج السيارات في 1999 باطلاق سيارة بدائية صغيرة تحمل اسم «انديكا».

وهي السيارة الوحيدة التي صممتها المجموعة وكل منتجاتها الاخرى مشتقة منها.

وتبحث تاتا عن تقنيات جديدة لمواجهة منافسة شركات عملاقة مثل جنرال موتورز ورينو اللتين وظفتا استثمارات كبيرة في الهند لاحتلال مكان في سوق محلي يشهد نموا سريعا.

وكان الخبير البريطاني في صناعة السيارات جاي نايجلي قد قال لـ«الشرق الأوسط» في وقت سابق « إن تملك تاتا لجاغوار ولاند روفر، من شأنه انهاء حالة القلق والترقب التي كان تكتنف الجميع من عمال ومعتمدي مبيعات وحتى محبي العلامتين، الذين كانوا يتخوفون من أن تعمد فورد الى اغلاق مصانع تصنيع العلامتين».

وبشرائها لهذين الرمزين المهمين في صناعة السيارات البريطانية، تحقق تاتا اختراقا جديدا في بريطانيا بعد ان اشترت فرعها لصناعة الحديد تاتا ستيل، المجموعة البريطانية الهولندية «كوروس» في مزاد علني في يناير (كانون الثاني) 2007 باكثر من عشرة مليارات يورو.

واستبعد برايس أن تدفع مثل هذه الصفقة الى زيادة الجدل في بريطانيا حول التوجه المتصاعد فيها في السنوات الاخيرة لبيع ما يعتبر «أيقونات» أو «إرث» الصناعة والتكنولوجيا البريطانية لشركات أجنبية، خاصة غير الغربية، مشيرا الى أن بريطانيا تبقى البلد الاكثر ليبرالية اقتصاديا في العالم.

وتحول العديد من العلامات البارزة في صناعة السيارات البريطانية أخيرا الى ملكية أجنبية، حيث استحوذت مثلا بي أم دبليو الالمانية ميني ورولز رويس، فيما تملك العملاق الالماني الآخر فولكسفاغن بنتلي.