السعودية: قدر «التخصيص» في قطاع الاتصالات «لا يركب إلا على ثلاث»

دخول مشغل رخصة الجوال الثالثة فتح باب المقاربة بين «تعدد الشرائح» و«تعدد الزوجات»

TT

بين لغة الناس العاديين والمختصين قواسم مشتركة تتشابه في المعنى، وتختلف في النمط والأسلوب، فيقول الرجل البسيط في السعودية إن «القدر لا يركب الا على ثلاث» عند الإشارة لأي أمر يحتاج لثبات حجة أو يقين.

بينما تعطي رخصة الجوال الثالثة التي سلمت أول من أمس لشركة (زين) من قبل هيئة الاتصالات في السعودية، بعد أن سددت كامل المبلغ المستحق والاجراءات النظامية، دلالات أكيدة على أن تحرير قطاع الاتصالات المتنقلة في البلاد بدأ للتو.

وفيما يفتش الشاب أحمد الكويكبي، في أجندة هاتفه الجوال في أحد الاسواق، يعلق على دخول الضلع الثالث بالقول: «أمامي فرصة أكبر أن أقرأ الخيارات أكثر، وأن أنتظر أقل عند كل خدمة أود الحصول عليها». أحمد العوهلي الذي يشارك صديقه الطاولة والقهوة الأميركية، يستعرض بجهازين أمامه يضعهما من باب المباهاة قائلا «أعترف لست بحاجة لجهازين في وقت واحد، لكني لا أستطيع مقاومة إغراءات شركات الاتصالات»، ويضيف حول نيته استخدام شريحة ثالثة ضاحكا «مع أني لا أحب فكرة التعدد في الزوجات، لكني أجدها فكرة رائعة في تجربتها مثى وثلاث عبر شرائح الجوال».

مقاربة العوهلي بين شركات الهواتف الجوالة وتعدد الزوجات، تقود لمقاربة أخرى ظهرت في تصريحات مسؤولي الشركتين الأوليين في السوق السعودي (الاتصالات) و(موبايلي)، اللتين أظهرتا ترحيبا بـ«الضرة» الجديدة، على غرار ما يحدث في الدراما التلفزيونية، من حرص كل واحدة على استقطاب الثالثة الى حزبها.

غير أن تصريحات مسؤولي مزود الخدمة الثالث، على مسافة واحدة من المزودين العاملين في السوق السعودي، ووقعت اتفاقيات مع الجانبين على صعيد خدمات الربط البيني وخدمات البنية التحية، وغيرها، فيما يبدو برأي المحللين أنها الاستراتيجية التي ستعمد إليها «زين»، تحسبا لعدم الدخول في حروب تنافسية كتلك التي شهدها المجتمع السعودي بين «الاتصالات» و«موبايلي» عبر إعلانات تجارية على طريقة من يسجل في مرمى الآخر، وتدخلت هيئة الاتصالات في السعودية لوقف تلك المسألة عند حدود التنافس الشريف، خاصة أن لا خاسر في السوق السعودي.

ويظهر الفارق بين فكرة التعدد في الزوجات وشركات الاتصالات المتنقلة، في أن الزوج هو من يدفع المهر، ويتصاعد الرقم مع كل اسم جديد يضيفه لقائمته في سجله المدني، فيما هو في عالم شركات الاتصالات المتنقلة يأتي بالعكس، حيث دفعت «زين» ما يقارب ضعف مادفعته «موبايلي»، لدخولها السوق السعودي إذ كلفها الأمر نحو 6.1 مليار دولار أمريكي، ليظل الرهان في حسابات المستقبل مرهونا بضخامة الارقام الصفرية من العملاء والنقود التي ينتظر أن تنعكس على إنعاش الاقتصاد السعودي في مجال الاتصالات كونها تمثل قطعة كبيرة من حجم الاستثمارات المغرية في أي سوق عالمي. واللافت أن قدر الاتصالات المتنقلة بأضلاعه الثلاثة، يحتطب تحته نارا مشتعلة لوجبة شهية من الفرص الوظيفية لآلاف الشباب السعودي من الجنسين، وهو الامر الذي يعلق عليه آمالا كبيرة في أن تكون الوجبة خالية من الدسوم، وصحية بالشكل الذي يساعد معدلات البطالة المرتفعة في السعودية، على أن تبدو أقل وزنا وأكثر صحة.