رئيس البنك الدولي: 33 دولة تواجه احتمال اضطرابات نتيجة ارتفاع المواد الغذائية

أسعار السلع الاستهلاكية الأساسية قفزت 80% منذ عام 2005

ارتفاع تكاليف المعيشة وأسعار الغذاء أصبح يشكل صداعاً للحكومات في العديد من الدول (خدمة كي آر تي)
TT

قال رئيس البنك الدولي انه مع تردي أوضاع الأسواق المالية، ارتفعت أسعار المواد الغذائية ارتفاعاً كبيراً، حيث قفزت أسعار السلع الاستهلاكية الأساسية بواقع 80 في المائة منذ عام 2005.

وأشار روبرت زوليك في كلمة ألقاها قبل اجتماعات الربيع، المقررة الأسبوع المقبل، لمجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي انه خلال الشهر الماضي، بلغ السعر الحقيقي للأرز أعلى مستوى له خلال 19 عاماً. كما ارتفع السعر الحقيقي للقمح كذلك إلى أعلى مستوى له خلال 28 عاماً، وتضاعف تقريباً مقارنة بمتوسط سعره خلال السنوات الـ25 الماضية. وأعرب زوليك كذلك عن دعمه للتوصل إلى اتفاق جديد بخصوص السياسات الغذائية على مستوى العالم في ضوء الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية. وأفاد ان تقديرات مجموعة البنك الدولي إلى أن 33 بلداً في جميع أنحاء العالم تواجه احتمال تفجر قلاقل اجتماعية نتيجة للارتفاع الحاد في أسعار المواد الغذائية ومنتجات الطاقة. وبالنسبة لهذه البلدان حيث تشكل المواد الغذائية 50 -75 في المائة من حجم الاستهلاك، لم يعد هناك هامش للبقاء على قيد الحياة.

وقال زوليك إنه يتعين على الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان وغيرها من البلدان المتقدمة الأخرى، كأولوية فورية، أن تقدم مبلغ 500 مليون دولار إلى برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، حيث تمسّ الحاجة لتوفير الإمدادات الغذائية الطارئة. من جانبه، فإن البنك الدولي يعمل حالياً على تقديم المساعدة من خلال دعم برامج التغذية وبرامج المساعدات النقدية إلى الأشخاص المعرضين للمعانات وبرامج الأشغال العامة مقابل الغذاء. لكنه أضاف أن التوصل إلى اتفاق جديد بخصوص السياسات الغذائية على مستوى العالم يقتضي أيضاً تحولاً من تقديم المعونة الغذائية التقليدية إلى تقديم التمويل، وذلك للمساعدة على بناء أسواق للمواد الغذائية وقدرات للإنتاج الزراعي على الصعيد المحلي بغرض المساعدة على خلق «ثورة خضراء» من أجل أفريقيا جنوب الصحراء.

وتابع «سنعمل على مضاعفة ما نتيح من قروض من أجل الزراعة في أفريقيا تقريباً، وذلك من450 مليون دولار إلى800 مليون دولار. كما يمكننا أيضاً مساعدة البلدان والمزارعين على إدارة المخاطر النظامية، بما في ذلك عن طريق تدابير مالية مبتكرة لمجابهة تقلبات الأحوال المناخية كالجفاف».

وبينما تشكل تلك الزيادة أخباراً سارة لبعض المزارعين، فإنها تلقي أعباء ثقالا على كاهل معظم الفئات الضعيفة والمعرضة للمعاناة، حتى أن أطفالاً في عمر أربعة أو خمسة أعوام اضطروا إلى الفرار من الأمان الذي توفره لهم مجتمعاتهم المحلية في المناطق الريفية إلى مدن تعج بالسكان للحصول على الطعام؛ وتهدد أعمال الشغب بسبب نقص المواد الغذائية بتعرض المجتمعات للتفكك والانهيار. كما تؤدي إلى حرمان الأمهات من التغذية اللازمة لنمو صغارهن نمواً سليماً.

وتشير تقديرات مجموعة البنك الدولي إلى أن 33 بلداً في جميع أنحاء العالم تواجه احتمال تفجر قلاقل اجتماعية نتيجة للارتفاع الحاد في أسعار المواد الغذائية ومنتجات الطاقة. وبالنسبة لهذه البلدان حيث تشكل المواد الغذائية 50-75 في المائة من حجم الاستهلاك، لم يعد هناك هامش للبقاء على قيد الحياة.

ويشير الواقع الديمغرافي، وتغير الأنظمة الغذائية، وأسعار منتجات الطاقة والوقود الحيوي، وتغيّر المناخ إلى أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وتقلبها، هو حقيقة باقية لسنوات عديدة قادمة. إننا في حاجة إلى التوصل إلى اتفاق جديد بخصوص السياسات الغذائية على مستوى العالم. وأكد المسؤول الدولي انه «ينبغي أن يركز هذا الاتفاق الجديد ليس فقط على قضايا الجوع وسوء التغذية والحصول على المواد الغذائية وسلاسل التوريد ذات الصلة، ولكن أيضاً على العلاقات المتشابكة مع منتجات الطاقة، والمحاصيل، وتغير المناخ، والاستثمار، وتهميش النساء وفئات أخرى، وقدرة الاقتصادات على الصمود والنمو. وينبغي أن تحظى السياسات الغذائية باهتمام المستويات السياسية العليا، إذ لا يستطيع أي بلد ـ أو أية مجموعة بلدان ـ التصدي لتلك التحديات المتشابكة بمفرده».

كما طالب بمساعدة مَنْ هم في أمس الحاجة للمساعدة، فبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة يتطلب، في الأقل، ما قيمته 500 مليون دولار من الإمدادات الغذائية الإضافية لتلبية الاحتياجات الطارئة في الوقت الراهن. ويتعين على الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان وغيرهم من البلدان الأخرى الأعضاء بمنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي OECD أن تتخذ ما يلزم من إجراءات الآن لسد هذه الفجوة ـ وإلا سيتعرض مزيد من الناس للمعاناة ومكابدة الجوع.

لقد أدى الارتفاع الصاروخي في أسعار المواد الغذائية إلى زيادة الاهتمام بالتحدي الأكبر المتعلق بالقضاء على الجوع وسوء التغذية، ذلك الهدف الإنمائي للألفية للأمم المتحدة الذي سقط «في غياهب النسيان» بحسب زوليك.

وعلى الرغم من أن مكافحة الجوع وسوء التغذية يأتيان في إطار الهدف الأول من الأهداف الإنمائية للألفية، ويتجاوزان مجرد تقديم المعونات الغذائية التقليدية، فإنهما لم يحصلا إلا على 10 في المائة فقط من الموارد الموجهة بصورة مناسبة إلى جهود مكافحة فيروس الإيدز، وهو أحد الأمراض الفتاكة.