مصرف الإنماء.. ماذا سيقدم؟

سـعود الأحمد

TT

عقد مصرف الإنماء أول من أمس (السبت) مؤتمراً صحفياً بمناسبة طرح 70% من أسهمه للاكتتاب العام. الذي يبدأ اليوم الاثنين ولمدة عشرة أيام. حيث سيتم طرح مليار وخمسين مليون سهم بقيمة إجمالية قدرها عشرة مليارات وخمسمائة مليون ريال. وقد حضر المؤتمر كل من رئيس اللجنة التأسيسية الأستاذ منصور الميمان ممثلاً لصندوق الاستثمارات العامة والأستاذ عبد المحسن الفارس الرئيس التنفيذي لمصرف الإنماء.

وخلال المؤتمر، طُرح سؤال عما هي الخدمات المصرفية المميزة التي يعتزم البنك تقديمها لجذب العملاء؟ بالنظر إلى أن مصرف الإنماء يؤسس في سوق مغطى مسبقاً بالخدمات المصرفية، مما يضاعف مسؤوليته أن يأتي بجديد، يغري به عملاء البنوك الأخرى لكي يضحوا بعلاقاتهم مع البنوك التي كانوا يتعاملون معها؟! لكن رد رئيس اللجنة التأسيسية كان بأنه يعتبر الحديث عن ذلك من قبيل الأسرار التي يفضل إرجاءها إلى ما بعد، معتبراً موضوع المؤتمر هو الاكتتاب! والذي اعتقده أن الحديث عن عملية الاكتتاب مع اللجنة التأسيسية، مجرد تحصيل حاصل ومحسوم مسبقاً. لأن الجهة الفعلية المعنية بإجراءات التأسيس هي هيئة سوق المال. وأن الأهم في هذه المرحلة، الحديث عن استراتيجيات التي يعتزم المصرف تبنيها لتحقيق العوائد! ولذلك فإنني أختلف مع رئيس لجنة التأسيس. وأرى أن الوقت الحالي هو المناسب للحديث عن الخدمات المميزة التي يفترض أن يقدمها مصرف الإنماء. لتكون كفيلة بجذب المكتتبين، تحقيقاً لمبدأ الشفافية. على اعتبار أن المسألة لن تقف عند تحصيل حصص اكتتاب. ولكن الأهم هو، أين ستستثمر هذه المليارات حتى تحقق عائداً يغطي تكلفة رأس المال. بل إن إدارة هذا المصرف مطالبة بالإفصاح عما تنوي تقديمه من ميزات تنافسية محفزة لاستقطاب عملاء رئيسين جدد. ولا أذيع سراً إذا قلت: إن هاجس المستثمر السعودي البعيد النظر، يتمحور في التحدي الكبير الذي سيواجهه مصرف الإنماء: كيف سيواجه منافسة البنوك الأخرى المسيطرة على السوق السعودي. ثم إن الخدمات المصرفية الإسلامية ليست ابتكاراً في السوق السعودي. فجميع البنوك التجارية العاملة بالمملكة تقدم الخدمات المصرفية الإسلامية، بل إن هناك بنوكا متخصصة في المصرفية الإسلامية سبق لها أن حازت ثقة العملاء. وكونت لها علاقات متشابكة مع عملائها في الداخل والخارج. وهذه العلاقات ليست وليدة الأمس، ولكنها بنيت لبنة لبنة وبجهود وتضحيات على مدى عقود من الزمن، ولا يمكن فكها أو اختراقها بين عشية وضحاها، لمجرد أن بنكا جديدا أعلن عن توفر هذه الخدمة لديه! أما إذا كان مصرف الإنماء سيركز نشاطه في مشاريع الإسكان وقطاع المعلومات، فإن ما عُرف عن الجهات الثلاث المشاركة في ملكيته، وهي صندوق الاستثمارات العامة والمؤسسة العامة للتقاعد والمؤسسة العامة للتأمينات العامة، أن هذه الجهات الحكومية الثلاث لا يعول عليها التميز في هذا المجال. فصندوق الاستثمارات العامة (وكما هو معروف) صندوق حكومي بعيد جداً عن ممارسة تقنيات الخدمات المصرفية التجارية الاعتيادية والتعامل مع جمهور العملاء. أما مؤسسة التقاعد وتقديم خدمات الإسكان، فهي ما زالت مطالبة أمام الرأي العام بتقديم نتائج تبين مدى نجاح مشروعها «إسكان» قبل القفز للأمام والدخول في قروض مشاريع سكنية أخرى. أما عن مؤسسة التأمينات العامة فالذي نعرفه عنها أنها أخذت بالحكمة التي تقول «السعيد من اتعظ بغيره». واستفادت من تجربة مؤسسة التقاعد في مشروع إسكان، وبادرت بالعدول عن الفكرة وربحت من الغنيمة بالإياب! وإذا كان قطاع التقنيات هو الهدف، فأرجو أن يذكرني أحد بمعطيات هذه الجهات الثلاث في هذا المجال. إلا إذا كان لديها مفاجآت بمخزون تقنيات وخبرات لم يُعلن عنها! فإنني أؤكد أن الوقت مناسب للإفصاح عنها.

وأمام هذا الواقع.. فإنني أتساءل: لماذا يتم تحصيل 100% من قيمة الأسهم!؟. لماذا لم يُحصل ربع قيمة الاكتتاب أو 10 في المائة منه، وجعل الأقساط الباقية على دفعات مستقبلية؟.. على الأقل حتى تأخذ الإدارة التنفيذية وقتها لتوظيف واستثمار هذه الأموال بطريقة احترافية.

وفي الختام.. أذكر لجنة التأسيس بأن المواطن يعول على مصرف الإنماء الشيء الكثير، ولذلك سيشهد الاكتتاب في أسهمه إقبالاً كبيراً، خصوصاً بعد أن بعدت الشقة بين المواطن وبين أسهم البنك الأهلي التجاري، الذي لم يطرح للاكتتاب بعد. ولذلك فإن الذي ينبغي تداركه هنا؛ أن نبذل الحرص الكافي لردم كل هوة، يمكن لآمال هذه الأفواج من المواطنين أن تقع فيها.

* محلل مالي سعودي [email protected]