«النقد الدولي»: خسائر أزمة الرهون العقارية قد تبلغ 945 مليار دولار

حذر من أن الأسواق العالمية لا تزال تواجه مخاطر كبيرة > خسائر البنوك سجلت 193 حالة منها واحدة في الخليج

جانب من مدينة دبي حيث سجلت بنوك منطقة الخليج حتى الآن خسائر طفيفة في أزمة الرهون العقارية («الشرق الأوسط»)
TT

كشف تقرير اقتصادي دولي عن أن الخسائر الإجمالية للرهون العقارية في الولايات المتحدة قد تقفز بشكل كبير وربما تلامس حاجز التريليون دولار منذ بدء تفاعلاتها في أواخر شهر يوليو (تموز) الماضي.

وتوقع «تقرير الاستقرار المالي العالمي ـ عدد ابريل (نيسان)» الصادر أمس الثلاثاء عن صندوق النقد الدولي أن يسفر هبوط أسعار المساكن الأمريكية وتزايد حالات التأخر في سداد مدفوعات الرهن العقاري عن خسائر إجمالية مرتبطة بسوق الرهن العقاري السكني والأوراق المالية ذات الصلة تبلغ حوالي 565 مليار دولار أميركي، بما في ذلك التدهور المتوقع للقروض عالية الجودة.

وأوضح صندوق النقد، ان إجمالي الخسائر المحتملة سيرتفع إلى حوالي 945 مليار دولار أميركي، إذا تمت اضافة فئات أخرى من القروض الممنوحة والأوراق المالية المصدرة في الولايات المتحدة ارتباطا بالعقارات التجارية وسوق الائتمان الاستهلاكي والشركات.

وأظهر التقرير ان البنوك العالمية من المتوقع ان تتحمل نصف تلك الخسائر او ما يتراوح بين 440 ـ 510 مليارات دولار، مبينا في هذا السياق ان تلك البنوك فقدت خلال شهر مارس (آذار) الماضي نحو 710 مليارات دولار من قيمتها السوقية نتيجة تراجع أسعار أسهمها بعد شطبها مليارات الدولارات بسبب الازمة.

وقال الصندوق ان عدد الحالات التي سجلت خسائر (حتى شهر مارس الماضي)، نتيجة ازمة الائتمان والرهون العقارية، بلغت 193 حالة، نحو نصفها او 95 حالة في الولايات المتحدة، و80 حالة في اوروبا، و10 حالات في اليابان، وحالة واحدة في منطقة الخليج، والباقي موزعة على دول اخرى. كما توقع ان يتم تسجيل 95 حالة خسارة اخرى، منها واحدة فقط في منطقة الخليج.

ولاحظ التقرير أن التدفقات الرأسمالية الداخلة بدأت تصل من عدة مستثمرين، ومنهم صناديق الثروة السيادية، ولكن الأمر سيتطلب على الأرجح ضخ مزيد من رؤوس الأموال للمساعدة في إعادة رسملة المؤسسات المتضررة.

وهنا بين التقرير ان صناديق الثروة السيادية ساهمت بنحو 41 مليار دولار من اصل 105 مليارات تم ضخها في المؤسسات المالية والبنوك الرئيسية العالمية منذ شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي. وأكد صندوق النقد الدولي انه رغم استناد هذه التقديرات إلى معلومات غير نهائية عن مواطن الانكشاف وقيم القروض، فهي تشير إلى احتمال فرض ضغوط إضافية على رؤوس أموال البنوك وإجراء تخفيضات أخرى في قيم الأصول.

وتابع الصندوق بالقول انه إلى جانب خسائر المؤسسات المالية غير المصرفية، بما في ذلك شركات التأمين على السندات، يكمن الخطر في احتمال حدوث تداعيات إضافية في النظام المصرفي. وهناك خطر متزايد أيضا يتمثل في دعاوى الإخلال بشروط التعاقد.

ومن التحديات الكبرى في هذا الخصوص، كما يشير التقرير، ضرورة إصلاح الميزانيات العمومية، وزيادة أسهم رأس المال وحجم التمويل المتوسط الأجل، حتى وإن كانت تكلفة ذلك أكبر في الوقت الراهن، بغية إعطاء دفعة للثقة وتجنب مزيد من الإضعاف لقناة الائتمان.

واستشرافا للمستقبل، طالب الصندوق «بضرورة أن تنظر البنوك المركزية بمزيد من العمق في الدور الذي يحتمل أن تكون السياسة النقدية قد أسهمت به في تشجيع ضعف الانضباط الائتماني وتحسين أدواتها لتخفيف ضغوط السيولة في النظام المالي الذي أصبح يسيطر عليه الطابع العالمي».

وقال التقرير، لقد برهنت أحداث الأشهر الستة الماضية على الهشاشة التي يتسم بها النظام المالي العالمي وأثارت تساؤلات جوهرية حول مدى فعالية الاستجابة التي أصدرتها مؤسسات القطاعين الخاص والعام.

وشدد على وجود اخفاق جماعي بتقدير حجم الازمة، مشيرا الى انه قد نشأت في سياق الأزمة الراهنة روابط معقدة بين ضغوط السيولة السوقية والتمويلية. وتكالبت هذه الضغوط لتتمخض عن دوامة جفاف متزايد في السيولة.

وقال التقرير في هذا الاطار انه رغم التدخل غير المسبوق من بنوك مركزية كبرى في اميركا واوروبا وبريطانيا، فلا تزال الأسواق المالية تمر بتوترات حادة تزداد تفاقما بسبب المناخ الاقتصادي الكلي الذي أصبح باعثا أكبر على القلق، والمؤسسات التي تمتلك رؤوس أموال ضعيفة.

كما حذر الصندوق من أن النظام المالي العالمي يخضع لضغوط متزايدة، ولا يزال الاستقرار المالي معرضا لمخاطر كبيرة، مما يضاعف المخاوف القائمة حول تدهور جودة الائتمان، وحدوث هبوط في القيم المعطاة للمنتجات الائتمانية المهيكلة، وضعف سيولة السوق المصاحب لتخفيض الرفع المالي على نطاق واسع في النظام المالي. وخلص التقرير بالقول: ان الأزمة لا تزال تتكشف حتى الآن، فالدروس المستفادة منها لم تكتمل بعد. غير أن هناك بعض القضايا التي تتطلب حلا عاجلا، فلا بد من إعطاء أولوية لرفع مستوى الثقة في المؤسسات المالية. أما القضايا الأخرى فسوف تتطلب تفكيرا أعمق ودراسة أكثر استفاضة لاحتواء أي عواقب غير مقصودة تترتب على القواعد التنظيمية أو الممارسات الرقابية.

يشار هنا الى انه من المقرر ان تجتمع مجموعة السبع في واشنطن يوم الجمعة القادم وهي تحت ضغوط لايجاد حل للأزمة الائتمانية التي اثرت سلبيا على الاقتصاد العالمي. ويأتي الاجتماع قبيل اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي ومجموعة البنك الدولي المقرر عقدها يومي السبت والأحد المقبلين.