«النقد الدولي»: اقتصاد الشرق الأوسط سينمو بقوة رغم التراجع العالمي

النمو سيرتفع إلى 6.1% لكن التضخم يبقى مصدر قلق متزايد وسيقفز إلى 11.5% في العام الحالي

رسم صندوق النقد صورة ايجابية للمنطقة رغم القلق المتزايد من ارتفاع التضخم («الشرق الأوسط»)
TT

أكد تقرير دولي ان التوقعات القصيرة الأجل بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط عموما لا تزال ايجابيا رغم التوقعات بهبوط الاقتصاد العالمي نتيجة أزمة الائتمان العالمي، مبينا ان النمو الاقتصادي في المنطقة لا يزال قويا حيث بلغ 5.8 في المائة في عام 2007، متوقعا ان يرتفع إلى 6.1 في المائة في كل من عامي 2008 و 2009.

وأفاد التقرير الذي أصدره صندوق النقد الدولي أمس، قبيل اجتماعات الربيع التي يعقدها مع مجموعة البنك الدولي يومي السبت والأحد المقبلين، انه رغم توقعات تراجع الاقتصاد العالمي إلى 3.7 في المائة في العام الحالي، لكنه يتوقع ان يصعد النمو الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط إلى 6.1 في المائة في العام الحالي، متوقعا ان تحافظ المنطقة على معدل النمو عند 6.1 في المائة في عام 2009.

وفي السعودية يتوقع الصندوق ان يرتفع معدل النمو الاقتصادي إلى 4.8 في المائة مع نهاية العام الحالي من 4.1 في المائة في عام 2007 مدعوما بارتفاع أسعار النفط، حيث يتوقع ان يبلغ متوسط البرميل الواحد 95.5 دولار، كما رسم التقرير صورة أكثر تفاؤلا للعام المقبل (2009) متوقعا ان يرتفع النمو الاقتصادي إلى 5.6 في المائة. وشدد التقرير على ان اضطراب الأسواق المالية العالمية كان تأثيرها المباشر محدودا في منطقة الشرق الأوسط، على الرغم من ان انخفاض قيمة الدولار الاميركى ساهمت في تعقيد السياسات في بعض البلدان. إلا ان صندوق النقد الدولي حذر في هذا السياق من ان استمرار ارتفاع أسعار النفط و/أو خفض كبير في أسعار الفائدة في الولايات المتحدة يمكن ان يحفز بشكل أقوى مما هو متوقع الطلب المحلي، على الرغم من ان ذلك قد يؤدي إلى ارتفاع التضخم ومن شأنه أيضا ان يخلق مخاطر محتملة من «فقاعة» في أسعار الأصول وقال التقرير ان ضغوط التضخم في المنطقة ارتفعت بشكل ملحوظ خلال الأشهر القليلة الماضية، نظرا لقوة الطلب المحلى وارتفاع أسعار المواد الغذائية والإيجارات في دول مجلس التعاون الخليجي. وحذر التقرير هنا ان معدل التضخم الذي بلغ في منطقة الشرق الأوسط 10.4 في المائة في عام 2007، من المنتظر ان يقفز إلى 11.5 في المائة خلال العام الحالي، مبينا على سبيل المثال ان التضخم اقترب من 14 في المائة في قطر، وفوق 9 في المائة في الإمارات في 2007.

وفيما يتعلق بمعدلات التضخم في السعودية، لاحظ التقرير، إنها تتضاعف منذ عدة أعوام، فبعد ان وصل معدل التضخم إلى 2.3 في المائة في عام 2006، قفز إلى 4.1 في المائة في العام الماضي، متوقعا صعوده بقوة في العام الحالي إلى 6.2 في المائة، لكنه أكد ان التضخم قد يتراجع في العام المقبل إلى 5.6 في المائة. وأكد الصندوق ان المخاطر القائمة في المدى القريب تتمثل في تباطؤ الاقتصاد العالمي والذي قد يتسبب في حدوث انخفاض كبير في أسعار النفط مترافقا مع أوجه عدم اليقين في الوضع الإقليمي و الاضطرابات الجيوسياسية في المنطقة.

وعلى صعيد سياسة الاقتصاد الكلى شدد الصندوق على ان التحدي الأساسي يتمثل في احتواء ضغوط التضخم. وعلى الرغم من ان التوقعات الأساسية تشير إلى احتمال حدوث بعض الانخفاض في التضخم خلال العام المقبل، إلا انه سوف يبقى مرتفعا بشكل غير مريح، والمخاطر تبقى صعودية، خصوصا في ظل نمو قوي لعرض النقود والائتمان. وقالت المؤسسة الدولية ان ربط سعر الصرف بالدولار الاميركي يمثل عائقا أمام السياسة النقدية، وسوف يكون من المهم مواءمة تراكم الإنفاق الحالي من المالية العامة لمراعاة المرحلة الدورية التي تمر بها هذه الاقتصاديات وإعطاء أولوية للإنفاق الذي يهدف إلى تخفيف اختناقات العرض.

وقال الصندوق انه في هذا الإطار، فإن ما حدث مؤخرا من تخفيف في السياسة النقدية في الولايات المتحدة لم تكن مفيدة لبلدان مجلس التعاون الخليجي، مما أدى إلى تزايد معدلات الفائدة الحقيقية السلبية في وقت كانت فيه الدورة الاقتصادية الإقليمية تمضى قدما بقوة. وأشار الصندوق انه بالنظر إلى ما هو ابعد من التحديات الآنية والقصيرة الأجل للاقتصاد الكلى، فان هناك حاجة لواضعي السياسات بالتركيز على تشجيع تطوير بيئة اقتصادية نابضة بالحياة يقودها القطاع الخاص، مثل تلك القائمة فعلا في العديد من بلدان مجلس التعاون الخليجي. والقضية المحورية في إطار تلك الجهود، قال الصندوق إنها تتمثل في تعميق الإصلاحات التي تساعد على توليد فرص عمل للإعداد المتزايدة من الشباب الداخلين لأول مرة إلى سوق العمل. ومن الاولويات الملحة أيضا تحسين مناخ الأعمال وجعل الاستثمار في القطاع غير النفطي أكثر جاذبية.

وشدد في هذا الاتجاه على ضرورة العمل من اجل خفض الحواجز أمام التجارة، وتبسيط النظم الضريبية، والحد من تفشي الضوابط والأنظمة الحكومية المقيدة، وتعزيز الشفافية للنظم القانونية والإدارية، ومؤكدا أيضا على ان إصلاحات القطاع المالي هي أيضا أولوية لتطوير النظم المالية التي يمكن ان تدعم معدلات نمو عالية ومستدامة.