«كريديه سويس»: الشركات الخليجية الغنية بالنقد تدفع عمليات الدمج والاستحواذ في المنطقة

في تقرير خاص بـ «الشرق الأوسط» : تواصل توسع دائرة العرض في سوق المكاتب بوتيرة مقلقة في دبي

المصدر: بلومبيرغ كريديه سويس
TT

توقع بنك «كريديه سويس» السويسري أن يشكل النمو المستدام الاستراتيجية الأساسية لمعظم الشركات في منطقة الخليج في العام 2008 وما بعده.

وقال في تقرير خاص بـ«الشرق الاوسط» ان شركات الخليج سجلت نمواً قياسياً في العائدات بفضل ارتفاع اسعار النفط ومتانة المناخ الاستثماري، رغم انه أن أصبح من الصعب المحافظة على النمو الحقيقي الكبير. وذكر كامران بط المحلل في البنك ان إمكانية عمليات الدمج والاستحواذ تأخذ مرحلة مهمة مشيرا الى أن القوة الدافعة لهذه الصناعة الناشئة ولكن المزدهرة تأتي من الضغط الداخلي على الشركات لدفع النمو قدماً بالإضافة إلى وعي الشركات الأجنبية للانفتاح المهم على الشرق الأوسط. وقال بط انه من 812 مليون دولار أمريكي كقيمة متواضعة للصفقات في العام 2003، وصلت القيمة إلى مستوى مذهل بلغ 55 مليار دولار في نهاية العام 2007. وخلال العام 2007، كانت 77% من الصفقات تمول نقدياً، مما يعكس السيولة الكبيرة الموجودة في المنطقة. ما هو واضح أيضاً أن عمليات الاستحواذ كانت في الغالب عمليات استحواذ أجنبية خارج الحدود، فيما كانت الاتصالات والمصارف القطاعات التي شهدت النشاط الأكبر.

ومن بين دول مجلس التعاون الخليجي، احتلت الإمارات العربية المتحدة وفقا للتقرير الصدارة في الصفقات المبرمة نقدياً خلال العام 2007 بنسبة 74%، تليها المملكة العربية السعودية بنسبة 31%. ففي ما يتعلق بالمملكة العربية السعودية، يمكن أن يعزى ذلك إلى صفقة 11.6 مليار دولار أمريكي بين « سابك» و«جنرال إلكتريك للبلاستيك».

أما الخدمات المالية، وخصوصاً المصرفية منها، فهي تسيطر على مجلس التعاون الخليجي من حيث القيمة السوقية وبالتالي فهي تسيطر على عمليات الدمج والاستحواذ في المنطقة. وبلغ معدل حجم الصفقات للخدمات المالية 11 مليار دولار أمريكي وهو أعلى بكثير من القطاعات الأخرى. وقال بط ان المناخ التنافسي في القطاع المصرفي ازداد احتداما بسبب خفض الحواجز العابرة للحدود تدريجياً. فقطاع الاتصالات في منطقة الخليج، وخصوصاً القطاع الجوال يتسم بقدرة تنافسية عالية، اذ اقتربت مستويات الاختراق او الانتشار من 100%. ويظهر الالتزام بتحرير الاتصالات كشرط للانضمام إلى منظمة التجارة العالمية مما يحتم على دول الخليج الالتزام بفتح قطاعات الاتصالات لديها. وقال التقرير ان متوسط الإيراد المرتفع لكل مستخدم في الأسواق كما في قطر، والكويت والإمارات العربية المتحدة، يؤمن للمشغلين في هذه الدول قاعدة قوية لتوليد التدفق النقدي وإنما فرص نمو محدودة بسبب صغر حجم السوق المحلية. واشار الى ان ذلك ادى بعدد كبير من المشغلين ذوي الوفرة النقدية إلى البحث عن أصول في افريقيا وآسيا للتعويض عن الظروف المحلية الصعبة، مما عزز عمليات الدمج والاستحواذ في الأشهر الإثني عشر الماضية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للمعلومات التي تفيد بأن الإمارات العربية المتحدة قد تزيد حدود المساهمة الأجنبية في الشركات المحلية من 49% إلى 75%، أن تلعب دوراً رئيسياً في استحواذ الشركات الأجنبية على شركات خليجية، على الرغم من التقرير توقع نوعاً من القيود التي سوف تبقى تطبق على القطاعات الحساسة كمشغلي المصارف والاتصالات. وقال بط «إننا نجمع على ان نشاط عمليات الدمج والاستحواذ سيعزز عائدات معظم شركات الخليج ونتوقع أن يكون داعماً لأسواق الأسهم».

وتعرض تقرير البنك من جهة اخرى الى قطاع العقارات المكتبية بدبي معتبرا ان المخاطر تبدو مرتفعة، إلا ان القيود على القدرة الاستيعابية والطلب القوي يحدان منها على المدى القصير. وقالت كاتبة التقرير بيتينا سيموني المحللة في البنك ان خط الإمداد الضخم في سوق المكاتب في دبي حالياً يشكل مصدر قلق لمراقبين كثر في السوق. فقد نما المخزون من المكاتب بنسبة 50% في النصف الثاني من العام 2007، ولاتزال مساحات البناء قيد الانشاء تشكل 150% من إجمالي المخزون الحالي. وقالت سيموني أن التقديرات المرتفعة التي شهدها سوق المكاتب في دبي خلال السنوات الأخيرة -الإيجارات في دبي تعتبر ضمن الأغلى في العالم - تعزز هذا الموقف بل وأكثر لان ارتفاعات الأسعار القوية هي نتيجة نقص العرض في السوق. وبالتالي، ينبغي ان يعيد العرض الآتي على السوق، الميزان لصالح الطلب، وسينسحب ذلك بالتاكيد على عملية تصحيح الأسعار.

واستدركت قائلة ان هناك عاملين يساعدان في المحافظة على وضع العرض الحالي وقد يقودان إلى ارتفاع جديد في الأسعار على المدى القصير.

فمن جهة، تساهم القيود الحادة على القدرة الاستيعابية في قطاع البناء في تأجيل استكمال مشاريع عدة. إذ تقدر نسبة التضخم في القطاع بحوالي 20% من عام لآخر حالياً، نتجية لنقص اليد العاملة وارتفاع كلفة مواد البناء.

وفي العام 2007، بلغت نسبة ارتفاع استهلاك الإسمنت في الإمارات العربية المتحدة حوالي 150% عن العام 2002، ويتوقع ان ترتفع بنسبة تتجاوز 15% من عام لآخر في العام الحالي أيضاً. وقد تفاقمت حال النقص على مدى الأسابيع الماضية مع ارتفاع أسعار الإسمنت.

ومن جهة أخرى، من المرجح أن يظل الطلب منتعشاً على المدى القصير. ذلك أن النمو القوي للاقتصاد واليد العاملة ينبغي ان يشكلا دعماً للطلب في سوق إيجارات المكاتب. ونظراً للانخفاض الشديد في معدلات الشغور المقدرة بحوالي 2%، فإن بعض الطلب المكبوح من المرجح أن يتجمع أيضاً. كما ان وفرة السيولة الإقليمية إلى جانب معدلات الفائدة المنخفضة (نتيجة لارتباط العملات بالدولار الأمريكي) من المرجح أن تبقي السوق الاستثمارية نشطة جداً وفقا للتقرير. بالإضافة إلى ذلك، من المرجح أن يجلب ارتفاع التضخم في المنطقة حتى المزيد من رؤوس الأموال نحو القطاع العقاري، التي تشكل بعض التحوط من التضخم. وستساعد هذه العوامل في الضغط اكثر على الإيجارات وقيم رؤوس الأموال على المدى القصير.

وقالت سيموني «نعيد تجديد موقفنا بان المخاطر المحيطة بالسوق لاتزال كبيرة جداً، على الرغم من أرجحية ارتفاعات للأسعار والإيجارات».

واضافت ان التقديرات المرتفعة الحالية والشعور المتغير في السوق يجعلها عرضة للتصحيح، مما يستوجب إعادة التوازن بين العرض والطلب. كما ان الصعوبات في تقدير زمن العرض الجديد الذي يجري تسليمه إلى السوق ووضع قطاع البناء تشير معاً إلى أن الشفافية لاتزال غائبة نسبياً وإلى وضع السوق المفرط.

وتناول كريديه سويس في تقريره الاقتصاد العماني حيث توقع ان تحافظ نسبة النمو في الناتج المحلي الاجمالي السنوي لسلطنة عمان العام الحالي على مستويات 2007 التي بلغت حوال 6% بينما احتل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي غير الهيدروكربوني الصدارة في السنوات الأخيرة ويبدو انه قد بلغ نسبة 7% من الناحية الحقيقية في العام 2007. وقال المحلل في البنك ادلهايد ليختنشتاين ان ارتفاع الطلب المحلي والإنفاق العام القويان بالإضافة إلى ارتفاع اسعار المواد الغذائية والإيجارات إلى ارتفاع قوي في نسبة التضخم. وفي ما يتعلق بمؤشر الأسعار الاستهلاكية العماني «من مواد غذائية، مشروبات وتبغ» ومكونات ثانوية «للإيجارات»، فقد شكلت مجتمعة حوالي 45% من الحجم العام. وتوقع التقرير أن يدفع الحجم المرتفع في المؤشر والأسعار العالمية المرتفعة للمواد الغذائية والتي يترقب أن تحافظ على مستواها المرتفع إلى مزيد من التضخم. ونتيجة لذلك، تقدم الحكومة نوعاً من الإعانات المالية المباشرة وغير المباشرة، ومراقبة الأسعار ورفع الأجور، وهي حال من المتوقع ان تستمر. ولكن في الواقع، هناك القليل الذي يمكن أن تفعله السلطات لتخفيف هذا الوضع، نظراً لاستمرار ربط العملات بالدولار.

فعلى غرار سائر دول الخليج التي ترتبط عملاتها بالدولار، تتبع السلطنة معدلات الفائدة الأمريكية في الوقت الذي يعمد الاحتياطي الفيدرالي إلى تخفيض معدلات الفائدة بحدة. وعمدت السلطنة مؤخرا، وعلى الرغم من إبقاء ربط عملتها بالدولار الأمريكي، إلى إعلان انها سوف تنسحب من اتحاد مجلس التعاون الخليجي النقدي في 2010.

ومن الأسباب التي دفعت بالسلطنة إلى الانسحاب وفقا للتقرري هو محدودية الموارد النفطية مقارنة بسائر دول أعضاء مجلس التعاون الخليجي. وبعد التنبه إلى هذا التحدي، باشرت الحكومة بعملية إصلاح هيكلية تهدف إلى تنويع الاقتصاد.