رشوة

TT

لعل أكبر مرض يصيب الاقتصاد هو الرشوة، بل قل هو أكبر مرض يصيب المجتمع. وغالبا ما تتم الرشوة لأسباب اقتصادية مع عدم نفي المسببات الأخرى، مثل الرشوة لاستخراج فسح أو فسح بضاعة أو إدخال بضاعة مقلدة أو الحصول على ترخيص لمصنع غير نظامي وكل ذلك مضرة للاقتصاد. اللافت للنظر أننا كنا بشكل أو بآخر ننكر حدوث الرشوة في مجتمعنا وكأننا مجتمع ملائكي، ولكنها بالتأكيد موجودة بيننا، بل انها أصبحت تقدم من جماعات الضغط، وهو ما يجب أن ننتبه له في مجتمع تكونت فيه جماعات الضغط قبل تكون الجمعيات المقدمة للخدمة والمكافحة عن أفراد المجتمع بشكل خيري. لذلك فإنني أحيي شجاعة فهد السليماني رئيس جمعية الأيمان لرعاية مرضى السرطان بمنطقة مكة المكرمة، الذي ذكر أنه عرضت عليه رشوة قدرها أربعة ملايين ريال، حينما عزموا على إطلاق حملة أسرة بلا تدخين للحماية من السرطان. وقد ذكر فهد السليماني أنه عرضت علية 4 ملايين ريال لمنع الحملة من الظهور، وحينما يئسوا عرضوا عليه مليوني ريال فقط لإزالة حماية من السرطان من بروشورات الحملة، مما يدلل على خوف وكلاء التدخين من الحملة ونتائجها وتوقعهم أن تساهم بشكل أو بآخر بتقليل أعداد المدخنين وهو ما يمثل خسارة للمنتج والموزع وقد قل عدد المدخنين في الغرب، خاصة الولايات المتحدة الأميركية نتيجة هذه الحملات التوعوية. ما لم يعجبني في ما ذكر رئيس جمعية الإيمان هو عدم ذكره اسم من عرض عليه الرشوة، وهل هو شركة سجائر أم وكيل سجائر. وفي بعض الأحيان التمس للرجل العذر فواقعة الرشوة تحتاج إلى إثبات وغير ذلك من الأمور التي يصعب إثباتها، ولكن كان بإمكان السليماني تمرير المعلومة على أحد الصحفيين لينشرها بطريقته ويبعد الحرج عن رئيس الجمعية مع وجود الحماية القانونية للصحفي، بحيث لا يمكن مساءلته، مثل أن ينشر الموضوع ويسأل دافع الرشوة عن ذلك، وبهذا لا يكون أمام دافع الرشوة سوى الصمت أو الرد، وفي كلا الحالات يكون الصحفي قد خرج بخبر مثير وابتعد عن المساءلة القانونية. مثل هذه الرشوة على حد علمي لأول مرة يتجرأ مسؤول ويذكرها وكانت العادة ذكر ما يتم ضبطه عبر الكمائن. ولستم بحاجة لمعرفة أن هناك رشوة لا تضبط لتراضي الطرفين القابض والدافع. بل ان بعض مقدمي الخدمة للجمهور يعقدون الإجراء لقبض رشوه «ما» قلت أو كثرت، ويجب أن نتنبه لمثل هذا الأمر ونقضي عليه قبل أن ينخر اقتصادنا. ودمتم

* كاتب اقتصادي [email protected]