3 دول خليجية تخفض الفائدة رسميا

قطر تفصح عن توجه لرفع سعر الإقراض الرئيسي لمواجهة التضخم وسط توقع تزايد ضغوطاته على المنطقة

معدلات الفائدة تتفاعل في ظل ضغوط تضخمية كبيرة (خدمة شاتر ستوك)
TT

أعلنت 3 دول في منطقة الخليج العربي خفض الفائدة على عملاتها بعد توجه الاتحاد الفيدرالي الأمريكي (البنك المركزي) لخفض ربع نقطة مئوية لتصل إلى 2 في المائة الأربعاء الماضي بينما لم تخطر مؤسسة النقد العربي السعودي «ساما»، البنوك المحلية عن تحركها.

وكانت «ساما» اتجهت إلى استخدام وسائل عدة لضبط حركة التضخم التي تتزايد قوتها في البلاد مع تنفيذ كل خفض على الفائدة، حيث عمدت مؤخرا إلى إلزام البنوك بإبقاء 12 في المائة بدلا من 10 في المائة من احتياطياتها ضمن خطواتها لضبط حركة السيولة والحد من حركة الإقراض.

وتناولت الأنباء أمس عن خفض بعض دول الخليج العربية أسعار الفائدة، تمشيا مع خفض الفائدة الأمريكية الى 2 في المائة، بهدف تجنب مضاربات على العملة في وقت ذهبت قطر إلى احتمالية رفع سعر الإقراض الرئيسي إذ تعاني المنطقة من ارتفاع معدلات التضخم.

واتجهت الإمارات والبحرين لمسايرة الخفض الأمريكي حيث أعلنت الأولى عن خفض سعر إعادة الشراء لأموال «ليلة» وهو السعر الذي تقترض به البنوك من البنك المركزي إلى 2 في المائة من 5.2 في المائة، بينما خفضت البحرين الفائدة على الودائع لأجل أسبوع إلى 2 في المائة تمشيا مع خفض الفائدة الأمريكية.

ويجبر ربط عملات دول الخليج بالدولار الأمريكي، باستثناء الكويت، البنوك المركزية الخليجية على اتباع خطى مجلس الاحتياطي الاتحادي للإبقاء على القيمة النسبية لعملاتها على الرغم من ارتفاع التضخم وازدهار اقتصادات هذه الدول.

وبرزت أمس لقطر رؤية أخرى، فبعد أن خفضت سعر تسهيلات الايداع وأبقت على سعر تسهيلات الإقراض دون تغيير عند 5.5 في المائة، إلا أن بنك قطر المركزي مرشح أن يتجه للمرة الأولى لرفع سعر تسهيلات الإقراض البالغ حاليا 5.5 في المائة في المستقبل. وقال لـ «الشرق الأوسط» فضل البو عينين: إن أي خفض في الفائدة على الريال السعودي تعني زيادة في أزمة التضخم القائمة، مشيرا إلى أن مسايرة السياسة النقدية الفيدرالية الأمريكية لن تحقق مصلحة الاقتصاد السعودي في الوقت الذي تنعش فيه آمال الاقتصاد الأمريكي بتجاوز محنة الركود.

ويعتقد البو عينين أن الوقت قد أزف لمواجهة المتغيرات الاقتصادية المحلية بمعزل عن المتغيرات العالمية وذلك عبر قرارات حاسمة، جريئة، وعقلانية لمكافحة الضغوطات التضخمية، مفيدا بالقول: نعلم أنه لا مناص من مواكبة السياسة النقدية السعودية للسياسة النقدية الفيدرالية بحكم الارتباط النقدي إلا أن هذا لا يمنع من إيجاد حلول جذرية لمشكلة الغلاء والتضخم عبر الأدوات المتاحة.

من جهته، قال لـ«الشرق الأوسط» أحمد الحديد خبير مصرفي سعودي إن التوجه مرشح لخفض نسبة الفائدة إلى 2 في المائة تبعا للسياسة الفيدرالي الأمريكي بينما ستبقى فائدة الريبو على معدلاتها السابقة عند 5.5 في المائة. ولم يخف الحديد خشيته من إلقاء التضخم لآثاره السلبية حيث لفت إلى أن مسايرة «مؤسسة النقد» للفائدة الأمريكية سيجعل الوضع القائم مدعاة لمزيد من الضغوطات التضخمية في البلاد.

من ناحية أخرى، ذكر سايمون وليامز الاقتصادي في «اتش.اس.بي.سي» أن دول الخليج تتخذ الخطوات التي يمكنها اتخاذها للحد من أثر موقف السياسة النقدية غير المواتي الذي يضطرهم إليه ربط العملة بالدولار، مضيفا أن الهدف هو الحد من نمو السيولة دون بدء إثارة تدفقات نقدية على العملة. واستشهدت الأنباء الواردة أمس ما قالته مونيكا مالك الاقتصادية في المجموعة المالية القابضة، هيرميس، مقرها القاهرة أنه برغم المضاربات على احتمال رفع قيمة عملات الخليج قد تراجعت منذ بداية أبريل (نيسان) إلا أن دول الخليج لا تريد عودة هذه المضاربات مرة أخرى.

وكان المستثمرون قد وجهوا أموالهم إلى عملات الخليج اعتبارا من أواخر العام الماضي بناء على تكهنات بأن بعض الدول في أكبر منطقة مصدرة للنفط في العالم قد تتخلى عن ربط عملاتها بالدولار الذي تهاوى إلى مستويات قياسية أمام اليورو. وانحسرت المضاربات منذ أن قررت البنوك المركزية في الخليج في اجتماع عقد في الدوحة المضي قدما في مشروع الوحدة النقدية الخليجية لتجنب خطوات منفردة لرفع قيم العملات.

في هذه الأثناء، نقلت نشرة بلومبرغ نيوز عن مصطفى الشمالي وزير المالية في الكويت التي فكت ارتباط عملتها بالدولار مايو (أيار) الماضي أمس الخميس قوله إن بعض دول الخليج تدرس اتباع خطى الكويت في التخلي عن ربط العملة، بينما لم يرفض أو يؤكد تحرك دولا خليجية حاليا.

وجاء تلميح قطر برفع الفائدة بعد أن لمح مجلس الاحتياطي الاتحادي بان خفض الفائدة أمس قد يكون الأخير في سلسلة تخفيضات تهدف إلى حماية الاقتصاد من أزمة الائتمان وتراجع سوق الإسكان.

وقال مالك يبدو أن مجلس الاحتياطي الاتحادي أوشك على إنهاء جولة خفض الفائدة وهو ما سيكون مرحبا به بشدة بين صناع القرار في الخليج لان أهم ما يشغلهم هو التضخم، غير أن تغييرات الفائدة التي أعلنتها البنوك المركزية سيكون أثرها ضعيفا للغاية على أسعار إقراض البنوك.

وزادت بما أن أسعار التعامل فيما بين البنوك أقل من سعر الريبو الذي تقترض به البنوك من البنك المركزي فان أغلب البنوك لا ترى داعيا للاقتراض من البنك المركزي.