السوريون يحبسون الأنفاس .. أزمة خبز وجنون أسعار

زيادة 25% على رواتب العاملين في الدولة مقابل رفع الدعم عن المازوت

TT

قبل مضي أربع وعشرين ساعة على اتخاذ الحكومة السورية قرار رفع سعر ليتر المازوت من سبع ليرات سورية إلى 25 ليرة، والغاز المنزلي من 145 ليرة لأنبوبة الغاز إلى 250 ليرة مساء أول من أمس الجمعة (الدولار الواحد يعادل 46 ليرة)، صدر مرسوم رئاسي بزيادة الأجور والرواتب بنسبة 25% . وقرار رفع سعر المازوت مثل هاجسا للسوريين طيلة الأشهر الماضية حيث كانت تتحدث وسائل الإعلام الرسمية عن الضرورة الملحة لرفع الدعم عن المحروقات، وفيما شهد سعر ليتر البنزين ارتفاعا لمرتين في اقل من خمسة أشهر ليصل إلى أربعين ليرة لليتر الواحد، ترددت الحكومة السورية كثيرا قبل الإقدام على قرار رفع سعر مادتي المازوت والغاز، ويأتي هذا القرار ضمن خطة الحكومة للاندماج في اقتصاد السوق المفتوح ووضع أسعار للمحروقات تتقارب أو تساوي سعرها في الدول المجاورة، لمنع التهريب الذي يستنزف الاقتصاد السوري. وكانت الحكومة خصصت قسائم لتوزيع المحروقات بأسعار مدعومة تحصل بموجبها كل أسرة ومن في حكمها على 1000 ليتر سنويا بسعر تسع ليرات، وتسلمت حوالي 80% من الأسر هذه القسائم، بينما تم تعيين لجان دائمة في جميع المحافظات للاستمرار في عملية التوزيع لمن فاتهم الاستلام أو للحالات الخاصة التي تتقرر أحقيتها بالحصول على القسائم.

وتأتي هذه الإجراءات الاقتصادية المتسارعة في ظل أزمة معاشية تشهدها سورية كجزء من أزمة عامة تجتاح دول المنطقة، فهناك فوضى في ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية والغذائية تعم الأسواق السورية منذ الصيف الماضي، وسجلت بعض السلع ارتفاعا تراوح بين 20% و100%، وبالإضافة إلى ذلك بدأت منذ نحو شهر تطفو على السطح أزمة الخبز، وتزداد يوما بعد آخر الطوابير على أبواب الأفران، رغم التطمينات الحكومية بأن سعر الخبز خط أحمر وأن هناك قرارا سياسيا بأن لا يتم رفع سعره حتى لو ارتفع سعر الوقود، وذلك من خلال تزويد الأفران بالوقود بسعر مدعوم لا يتجاوز سعر ليتر المازوت تسع ليرات سورية، إلا أن هناك من يتحدث عن تهريب الخبز الى لبنان، وبالأخص في المناطق الحدودية، كما يتم استخدامه علفا للماشية كونه أرخص بكثير من الأعلاف التي ارتفعت أسعارها أيضا. والمرسوم الرئاسي بزيادة الرواتب والأجور الشهرية المقطوعة للعاملين المدنيين والعسكريين في القطاع العام ضمن حزمة قرارات تترافق مع رفع سعر المازوت للحد من التأثير التضخمي لهذه الخطوة، وبهذه الزيادة تكون الرواتب والأجور زيدت خلال السنوات السبع الأخيرة بنسبة 100%، حيث تمت زيادتها عام 2000 بنسبة 25% وعام 2002 بنسبة 20% و15% على رواتب المتقاعدين. وفي العام 2004 تمت زيادة 20%. وفي العام 2006 زيدت 5% وإضافة مبلغ قدره 800 ليرة. ومنح أصحاب المعاشات التقاعدية من العسكريين والمدنيين زيادة قدرها 10% من المعاش الشهري.

وقال وزير المالية محمد الحسين أن زيادة الرواتب الأخيرة يأتي ضمن خطة الحكومة «لتحسين مستوى الدخول والمعاشات التقاعدية والتي شملت زيادات متكررة خلال السنوات الأخيرة» ونقلت وكالة الأنباء السورية (سانا) عن الحسين قوله: «إن الكلفة السنوية المترتبة على هذه الزيادة تقدر بحوالي 58 مليار ليرة سورية وهي قابلة للزيادة لأن التعويضات ستحتسب على الأجر الجديد بالنسبة للعاملين في الدولة والمتقاعدين الذين يتجاوز عددهم المليونين». وتجدر الإشارة إلى أن جوا من الصمت والوجوم ساد الشارع السوري صباح يوم أمس السبت، على خلفية رفع سعر المازوت، وبدت الأسواق والمقاهي شبه خالية، لتدخل في حالة ترقب وانتظار تحسبا لموجة غلاء جديدة لا شك في انها ستمتص زيادة الرواتب، بل وستجعل المعيشة صعبة للغاية، حيث ظهر قلق كبير لدى العاملين في القطاع الخاص الذين لم يستفدوا من زيادة الرواتب كون القطاع الخاص غير ملزم بزيادة الأجور، وكانت أولى النتائج والتي جاءت سريعاً ارتفاع أسعار النقل الداخلي بنسبة 77%، بعدما وافقت وزارة الاقتصاد على رفع تعرفة وسائل النقل العامة العاملة على المازوت داخل المدن .. والحبل على الجرار .