انفلات أسعار حديد التسليح في مصر ينذر بأزمة في سوق العقارات

الطن يلامس 1435 دولاراً.. وخطوات الحكومة لكبحه لا تجدي نفعاً

الحكومة المصرية تسعى إلى كبح الارتفاع المتنامي في أسعار حديد التسليح باستيراده بدون جمارك («الشرق الأوسط»)
TT

في تطور جديد ينذر بحدوث أزمة حقيقية في قطاع الاستثمار العقاري في مصر، شهدت أسعار حديد التسليح ارتفاعات قياسية على الرغم من اتخاذ الحكومة المصرية العديد من الإجراءات التى تحد من انفلات أسعار هذه السلعة الإستراتيجية التي يعتمد عليها القطاع العقاري الذي نما بمعدلات قياسية خلال العام الماضي.

ووصل سعر طن حديد التسليح في مصر نهاية الأسبوع الماضي من شهر مايو (آيار) الجاري إلى نحو 7700 جنيه مصري للطن (1436.5 دولار)، بارتفاع قدره 2850 جنيها (531.7 دولار) للطن فى أقل من شهرين، في تحدٍّ للإجراءات الحكومية التي سعت إلى كبح الارتفاع المتنامي في أسعار مواد البناء، خاصة حديد التسليح عبر فتح باب استيراده بدون جمارك وفرض رسوم على صادراته، فضلا عن تحذير الشركات المنتجة بشكل قاطع بعدم حجب المنتجات عن الأسواق.غير أن هذه الخطوات على ما يبدو لم تفلح في ضبط الأسواق، سواء ما تعلق منها بالمنتجين أو كبار الموزعين والتجار الذين تعددت حملات ضبط الأسواق من أجل عدم تلاعبهم بالأسعار بشكل يضر بالسوق، ولجأ منتجو الحديد حسب شركات المقاولات والاستثمار العقاري في تقليل نسب إنتاج بعض الأصناف الأكثر استخداماً في الأسواق. كما بدأ التجار والموزعون أيضا بحجب الإنتاج عن البيع وتخزينه.

وقال مصدر مسؤول في اتحاد مقاولي التشييد والبناء في مصر إن هناك أزمة حقيقية فى توافر حديد التسليح، مشيرا إلى أن هناك نقصا واضحا فى بعض الأصناف والمقاسات الأكثر استخداما في عمليات التشييد.

وأشار إلى أنه ليس معلوماً بالضبط ما إذا كانت شركات إنتاج الحديد قد بدأت بتقليل كميات إنتاجها من المقاسات المطلوبة وقصر إنتاجها على المقاسات التي لا تحظى بطلب كبير في محاولة للضغط على السوق أم أن التجار قاموا بحجب المنتجات الموجودة لديهم لرفع الأسعار.

في هذه الأثناء، قامت الأجهزة الرقابية التابعة لوزارة التجارة والصناعة المصرية خلال اليومين الماضيين بحملة لضبط الأسواق العديد من المحافظات، أسفرت عن ضبط كمية تصل إلى نحو 3735 طنا من حديد التسليح تبلغ قيمتها السوقية نحو 28 مليون جنيه (5.2 مليون دولار) قام أصحابها بالامتناع عن البيع أو وضع شروط لهذه العملية.وأصدرت الجهات القضائية أمراً بضبط اثنين من كبار تجار حديد التسليح في مصر تزيد مبيعاتهما على 27 ألف طن شهرياً، وذلك بعد قيامهما بتخزين كمية كبيرة من الحديد والامتناع عن بيعها للجمهور. وقال اللواء حمزة البري، رئيس قطاع التجارة الداخلية في وزارة التجارة والصناعة، إن الجهات الرقابية بالوزارة ستواصل حملاتها المكثفة على السوق لضبط التجار المتلاعبين الذين يضاربون على توقعات ارتفاع أسعار البيليت في الأشهر القادمة، وهو ما أدى إلى قيام التجار بحجب السلعة عن التداول وتعطيش السوق بهدف بيعها بأسعار مبالغ فيها.

وجدد هذا الارتفاع المتنامي في أسعار حديد التسليح ومواد البناء بشكل عام تحذيرات العديد من العاملين والخبراء في قطاع العقارات من تأثير ذلك الاستثمار العقاري ودفع أسعار الوحدات إلى الازدياد بشكل جنوني.

وأعرب طه عبد اللطيف، رئيس شركة قرطبة للاستثمار العقاري، عن مخاوفه من تعرض السوق العقارية إلى هزة تدفع به تجاه الركود حال الاستمرار في ارتفاع أسعار مواد البناء والحديد بشكل خاص، خاصة أن ذلك يدفع شركات الاستثمار العقاري إلى تحميل مشتري الوحدة فارق هذا الارتفاع.

وشهدت الأيام القليلة الماضية تراشقاً للاتهامات حول التسبب في ارتفاع أسعار العقارات بين القائمين على شركات الاستثمار العقاري ومجموعة عز التي تستحوذ على نحو 63 في المائة من إنتاج الحديد في البلاد.

غير أن مجموعة عز أشارت إلى أن نسبة تكلفة حديد التسليح من إجمالي تكلفة المنشآت لا تتجاوز 14.2 في المائة، وأن باقي المكونات من زلط ورمل وأسمنت تصل إلى نحو 19 في المائة، موضحة أن نسبة مواد البناء لا تتجاوز 33.2 في المائة من تكلفة المنشآت. ونفت المجموعة أن تكون منتجات الحديد باعتبار أن الشركة تستحوذ على النسبة الأكبر من إنتاجه في السوق وراء الارتفاع الكبير فى أسعار الوحدات العقارية، مؤكدة أن أثر الزيادة في أسعار الحديد فى السنوات الأربع الأخيرة لا يتعدى 9.9 في المائة في زيادة أسعار العقارات، بينما توضح مؤشرات ارتفاع أسعار العقارات خلال السنوات الأربع الأخيرة بنسبة ازديادها بنسبة 221 في المائة. في هذه الأثناء، لجأت الحكومة المصرية، التي رأى بعض العاملين في قطاع التشييد والبناء أنها عجزت عن وقف تنامي أسعار مواد البناء من خلال إجراءاتها المتمثلة في فتح باب استيراد حديد التسليح بدون جمارك وفرض رسم صادر على هذه السلعة منذ بداية العام الحالي.

وكشفت تقرير لوزارة التجارة والصناعة في مارس (آذار) الماضي عن استحواذ مجموعة عز على نحو 63.7 في المائة من إجمالي حجم التسليمات المحلية، ومجموعة بشاي على حوالي 12.8 في المائة، ومصر الوطنية عتاقة 5.5 في المائة، فيما تبلغ حصة الشركات الـ 13 الأخرى نحو 17.7 في المائة من اجمالى تسليمات في السوق المحلي.