النفط يواصل تسجيل مستويات تاريخية لليوم الثالث على التوالي

محللون: صعوده يشكل تهديدا خطيرا للنمو الاقتصادي العالمي

TT

واصلت أسعار النفط الارتفاع الى مستويات قياسية جديدة لثالث يوم على التوالي أمس متجاوزة 135 دولارا للبرميل وسط قلق المستثمرين من نقص الامدادات على المدى البعيد وانخفاض كبير، وحذر محللون من ان ارتفاع اسعار النفط يشكل تهديدا خطيرا للنمو الاقتصادي العالمي، لكنهم اعربوا مع ذلك عن الامل في ان هذه الفورة ستهدأ بسرعة.

ويرمي هذا الارتفاع الكبير بثقله في كل انحاء العالم حيث اعلنت اندونيسيا انها ستزيد سعر المحروقات بنسبة 28% في حين اعلن الصيادون البحريون الفرنسيون الاضراب ضد ارتفاع سعر الغاز اويل، واعربت المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا عن قلقها من هذا «التحدي الكبير» للنمو في المنطقة.

ومنذ سبتمبر (أيلول)، سجلت اسعار النفط زيادة خمسين دولارا للبرميل الواحد، ويرى البعض انها ستواصل الارتفاع. وفي مذكرة نشرت في مطلع الشهر، لم يستبعد المحللون في بنك «غولدمان ساكس» للاعمال ان يصل سعر برميل النفط الى 200 دولار في غضون 24 شهرا.

وقال الاقتصادي المستقل اد يارديني ان هذا السيناريو «سيضع بالتأكيد النمو الاقتصادي العالمي على المحك»، واضاف «ان تباطؤا اقتصاديا عالميا سيكون النتيجة الاكثر ترجيحا بسبب انكماش طويل ومتجذر».

والولايات المتحدة الغارقة في ازمة الرهن العقاري تشهد وضعا اقتصاديا هشا وتعتمد كثيرا على خطة نهوض مالية تبنتها اخيرا للسماح باستمرار حركة الاستهلاك. لكن زيادة اسعار البنزين قد تضر بهذا السيناريو اذا ما التهمت محطات الوقود القسم الاكبر من حسومات الضرائب. وراى ايثان هاريس من مؤسسة «ليمان براذرز» ان ارتفاع الاسعار «يضرب اقتصادا عالميا اكثر ضعفا» مما كان عليه اثناء الصدمات النفطية وذلك بفعل «الانكماش الحقيقي» في الولايات المتحدة.

واضاف «في ظروف يواجه فيها المستهلك الاميركي وضعا متدهورا بسرعة وستؤدي معها ندرة التسليفات الى نتائج مقبلة، تستعد الاضرار الجانبية حاليا لضرب الاقتصاد العالمي. وقد بدأت اوروبا بالمعاناة وآسيا بالتباطؤ».

وبحسب هاريس، فان كل زيادة من عشرة دولارات على برميل النفط تسحب ما يعادل 0.4 نقطة من النمو الاميركي، واقل من ذلك بقليل من النمو الاقتصادي في اوروبا واسيا. ويدفع طابع المضاربات على حركة الطلب النفطي بالمحللين الى الاعتقاد ان الاقتصاد سيعاني.

ولفت مايلز زيبلوك من بنك «آر بي سي» الى «ان الوسطاء سيدفعون اسعار المواد الاولية الى نقطة لن تؤدي الى تباطؤ النمو العالمي وحسب وانما الى ضربه بقوة». واوضح زيبلوك ان احد المخاوف يكمن في ان يؤدي ارتفاع الاسعار الى قفزة في معدل التضخم، الامر الذي سيرغم المصارف المركزية على اقرار زيادة معدلات فوائدها في حين تبقى الاسس الاقتصادية هشة، ومن هنا ينطلق وقف النمو.

والوضع متفاوت من منطقة الى اخرى، ففي الدول الناشئة خصوصا، يكون الطلب معزولا نسبيا عن تقلبات الاسعار بفعل عمليات الدعم، كما رأى يان راندال من مجلس «غلوبال انسايت» للاستشارات، واضاف «ان هذه الدول تشعر انها اقل اختناقا من الدول المتقدمة». ويأمل المحللون ايضا ان يكون هذا الارتفاع في الاسعار مجرد ظاهرة مؤقتة. واكد هاريس «ان زيادة في اسعار النفط يمكن ان تدفع الاقتصاد العالمي الى الانكماش وتخفض الطلب على النفط، تحكم على نهايتها بنفسها». ورأى راندال ان سعر برميل النفط قد يصل الى 150 دولارا بحلول نهاية العام، لكنه سيتراجع لاحقا، وقال «ان السعر الذي تمليه العناصر الاقتصادية الاساسية اقرب الى 100 دولار».